أخبار: بين التهويل والشفافية.. كيف يؤثر الخطاب السياسي في الصحة النفسية؟
الميادين نت = ندين عباس
انطلاق موجة اتهامات وانتقادات لخطابات بعض رؤساء العالم بسبب كورونا، في حين تحدث البعض عن خطابات تهويل وتعتيم، فكيف يؤثر الخطاب السياسي في الصحة النفسية؟
عبارات جونسون المؤذية التي استخدمها في خطابه لم تمر بسلام على مواقع التواصل الاجتماعي
في ظل الأزمات المستجدة في العالم، يسعى عدد كبير من قادة دول العالم إلى استغلال الوضع لمكاسب سياسية على حساب صحة المواطنين النفسية والجسدية. وقد أُطلِقت اتهامات وموجة من الانتقادات للسياسة المتبعة، وصفها البعض بالتهويل، في حين تحدث البعض الآخر عن خطابات "التهوين" والتعتيم. رئيس الوزراء البريطاني انتهج الخط نفسه الذي سار عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسألة التعاطي مع الفيروس المستجد "كورونا"، فدعا البريطانيين قبل أيام إلى الاستعداد لفقد أحبائهم باكراً، مشيراً إلى أن خطته في المرحلة المقبلة هي الحد من انتشار الفيروس وتخفيف معاناة الناس. وقد أوصت حكومته السكان بتفادي أي "تواصل اجتماعي" وتحرك "غير ضروري".
عبارات جونسون المؤذية التي استخدمها في خطابه لم تمر بسلام على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وصفها البعض بالصادمة، وطالبوه باتخاذ إجراءات صارمة، أسوة بتلك التي اتخذتها دول أوروبية كإيطاليا، من مثل وضع البلاد تحت الحجر الصحي أو إغلاق حدودها أمام المسافرين، وخصوصاً بعد أن أعلن المستشار الطبي للحكومة البريطانية، باتريك فالانس، أن عدد الإصابات في البلاد قد يصل إلى 55 ألف شخص، وإذا توفي 20 ألف شخص، "فهي نتيجة جيدة".
My boldest covid hot take: there are events that shape an era. Whether politically, economically, or combatively. The way our society functions, the choices we make, the way we raise our kids will all be with the memory of the strain covid put on society in the back of our mind
أمّا الرئيس الأميركي الذي يعاني من "حساسية تجاه الاعتراف بالخطأ"، وفق صحيفة "واشنطن بوست"، فقد فشل في تحقيق الهدف الأساسي من خطابه الذي أعلن فيه حظر السفر من أوروبا. ونقلت الصحيفة أن مساعدي ترامب ومستشاريه يقرون بفشله في تحقيق الهدف من الخطاب، وهو تهدئة مخاوف الأميركيين، الذين وصفوا خطابه بالمخيب للآمال. وخلصت الصحيفة إلى أن خطاب ترامب لم يعكس طريقة تعامله مع أزمة فيروس كورونا فحسب، بل عكس جزءاً كبيراً من رئاسته التي كانت مليئة بالأخطاء، واتسمت بالنغمة القومية وكراهية الأجانب والتفاخر. الأسلوب نفسه اعتمدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إذ حذرت من احتمال إصابة ما يقارب 70% من سكان البلاد بفيروس "كورونا".
وبشكلٍ مباشر أكثر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "حتى الآن لم نخسر أحداً، لكن هذا الأمر لن يستمر".
منظمة الصحة تشيد بإيران والصين
في المقابل، اعتمدت الصين وإيران منذ اللحظة الأولى مبدأ الشفافية في التعامل مع الإصابات والإعلان عنها. منظمة الصحة العالمية أعلنت أن القطاع الصحي الإيراني يعمل بجدية، وهو ملتزم بالسيطرة على هذا الوباء وإنقاذ الأرواح. فضلاً عن ذلك، أثنى رئيس وفد منظمة الصحة العالمية إلى إيران، ريتشارد برنان، في 5 آذار/ مارس، على دور المرشد الإيراني السيد علي خامنئي في توجيه الرأي العام في الطريق الصحيح لمواجهة كورونا. وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد أطلق نداءً عاجلاً عبر تويتر، ناشد فيه دول العالم مساعدة بلاده في مواجهة الفيروس.
In letter to counterparts @HassanRouhaniinforms how efforts to fight #COVID19pandemic in Iran have been severely hampered by US sanctions, urging them to cease observing them: It is IMMORAL to let a bully kill innocents
Viruses recognize no politics or geography. Nor should we
أمّا السلطات الصينية، فبدأت يومياً بالإعلان عن تراجع عدد الإصابات لديها إلى حد كبير، وتحدثت عن تحقيق تقدّم كبير في تركيب لقاح ضدّ فيروس كورونا المستجد "COVID-19" يعمل عليه علماء في شنغهاي، مشيرةً إلى أن من المقرر أن تبدأ اختباراته السريرية في نيسان/أبريل المقبل.
كيف يؤثر الخطاب في الصحة النفسية؟
وفي هذا السياق، قالت المتخصصة في علم النفس، الدكتورة نضال صادق، في حديث إلى "الميادين نت": "انطلاقاً من أن السياسي له رمزية معينة لدى المواطن، فقد يكون قائداً يجب تقليده،ويحب عادةً الاستماع إليه،وخصوصاً إذا كان انتماؤه الحزبي هو انتماء مطلقاً". ووفقاً لصادق، فإن الخطاب السياسي يؤثر في الفرد إذا كان إيجابياً، في حال كان يعطي تعليمات وتوجيهات في الوقت الراهن لصالح المواطن، فهي حتماً تخدمه على الصعيد النفسي والصحي في الوقت نفسه. ولفتت صادق إلى أن هذه التعليمات تكون عبر توجيه المواطن ليحمي نفسه، أو منحه تطمينات بوجود أدوية أو مواد غذائية أو مستشفيات خاصة، نظراً إلى أن السياسي، من وجهة نظره، يحميه في الوطن، وخصوصاً في الأوقات الصعبة كهذه الأيام. كما أكدت أن "مبدأ الشفافية في الخطاب منذ بداية أي أزمة مهم جداً، لأنه ينشر الوعي أكثر عند المواطنين، ما يجعل نسبة الاستهتار تتراجع".
أما عن حالات التهويل والهلع، فقالت صادق إنها "ليست مفيدة أبداً، وليست لصالح المخاطَب".وركّزت المتخصصة على أن "بثّ الوعي أهم من زرع حالة الهلع. مثلاً، عندما نقول أنّ 70% سيموتون، أو أنّ كبار السن معرضون أكثر للموت، أو عندما نروج لأن الأشخاص الذين يمتلكون مناعة ضعيفة معرضون للإصابة بالفيروس بنسبة أكبر، نكون في هذه الحالة قد ساهمنا بنقص جهاز المناعة وتراجع الحالة النفسية لديهم".
ساحة النقاش