“عملية التاجي” هل ستؤسس لهرب أمريكا من العراق!
<!--<!--
“رأي اليوم” محمد النوباني* كاتب فلسطيني (الصورة) إضغط على << أعلى لتضهر لك الصورة
عملية القصف التي قامت بها الوحدة الصاروخية في المقاومة العراقية لقاعدة التاجي التي توجد بها قوات تابعة للتحالف الأمريكي، بصواريخ ألكاتيوشا أمس لم تكن هي الأولى للمقاومة العراقية في الآونة الأخيرة ولكنها كانت الأولى التي تسفر عن سقوط خسائر بشرية بالقوات الأمريكية والحليفة لها منذ اغتيال الشهيدين الفريق قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني والشهيد أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في المقاومة العراقية وهنا تكمن أهميتها الإستراتيجية
وهذا يعني بأن المقاومة العراقية التي توعدت بالبدء بمقاومة مسلحة منظمة لإخراج قوات التحالف الأمريكي من العراق ما لم تقم الحكومة العراقية بتنفيذ ذلك بالوسائل السلمية قد يئست من مماطلات حكومة بغداد بهذا الصدد وقررت أخذ الأمور بيدها والتعامل مع إدارة ترامب الأمريكية باللغة الوحيدة التي تفهمها وهي لغة القوة.
بكلمات أخرى فإن الطرف العراقي الذي قام بتنفيذ تلك العملية كان يدرك أن رئيسا أمريكيا متغطرسا وعنصريا ومعاديا للعرب والمسلمين مثل ترامب لن يسحب قواته من العراق ولن يتخلى عن أطماعه في نفطها وغازها وخيراتها إلاّ إذا ما تم تحويل احتلاله لبلاد الرافدين من احتلال بدون تكلفة إلى احتلال مكلف تحديدا على الصعيد البشري
وهنا فأنني لا اشخصن المسالة لأن من يحكم أمريكا هي دولة عميقة وامبريالية متوحشة في المقام الأول ولكن الأمر الذي لا شك فيه أيضا أنّ وجود شخص مثل ترامب رئيسا فيها يرفع من مستوى وضاعتها وانحطاطها الأخلاقي والقييمي ويزيدها توحشا وعدوانية
ومع ذلك فأنه في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن لحكامها الحقيقيين ولا لرئيسها أن يتجاهلوا حقيقة مهمة وهي أنّ الشعب الأمريكي يعتبر سقوط جنود أمريكيين في حروب خارجية حتى لو كانت من أجل النهب والسيطرة خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها.
وترامب ليس حالة استثنائية في هذا الصدد فهو يدرك أكثر من غيره أن سقوط قتلى وجرحى أمريكيين في حروب خارجية ومهما كانت المكاسب الاقتصادية والمبررات الأمنية التي يتبجح أنه حققها ستذهب أدراج الرياح وستؤدي إلى سقوطه شعبيا في حال توالي سقوط ضحايا أمريكيين في العراق مما سيحرمان من فرصه للبقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية
ولذلك فأن السيناريو المرجح في حال تواصل مثل هذه العمليات واتخاذها طابعا منظما أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجاوز وتجاهل حكومة الدمى في بغداد والشروع بأجراء مفاوضات مع المقاومة العراقية أسوة بتلك التي جرت مع حركة طالبان الأفغانية في قطر وأسفرت عن بدء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان
وأي مماطلة أو تسويف من قبله في إعادة الجنود الأمريكيين أحياء إلى بلادهم يعني عودتهم جثثا وفي أكياس سوداء وهذا ما لا يريده ترامب ليس لأنه حريصا على أرواح الأمريكيين وإنما لان المنصب بالنسبة له أهم وأغلى.
ساحة النقاش