فيما بغداد وبيروت تعانيان.. صناعة الفوضى الأمريكية تتلقى ضربة قاضية في اليمن
<!--<!--
تقارير خاصة | 19 فبراير | المسيرة نت: ابراهيم الوادعي
بالنقاط تواصل صنعاء حصد الجولات في المواجهة مع التحالف الأمريكي في المنطقة، فإلى جانب الإنجازات العسكرية وعمليتي البنيان المرصوص، جاء الإعلان الأمني عن القبض على خليتي صناعة الفوضى المداراتان من التحالف لتفجير الوضع من الداخل، وشكل القبض عليهما ضربة مؤلمة للتحالف الذي تكتّم عن الأمر حتى أعلنت صنعاء بتوقيتها المناسب عن حجم ونوعية الضربة التي جاءت أمنية هذه المرة، وبفاصل قليل عن الضربة العسكرية التي قلبت موازين الحرب(عملية البنيان المرصوص).
تلخصت مهمة الخليتين المركزيتين بحسب اعترافات أعضائهما على تكوين خلايا عنقودية، عموديا على مستوى المحافظات غير الخاضعة للاحتلال، وأفقيا على مستوى الدوائر الرسمية والمؤسسات المدنية والعسكرية في المناطق المحررة، ويتلاقى هدف الخليتين اللتين لا يوجد تواصل بين كل منهما لمزيد من التأمين، في تفجير فوضى شعبية ومؤسسية منسقة على شكل تظاهرات شبيهة بتلك التي تشهدهما بعض دول المنطقة – وتظهر وكأنها عفوية أمام قطاعات الشعب المختلفة وحتى المشاركة في أتون هذه الفوضى، وأمام الإعلام الدولي، بينما في الحقيقة لها قيادة خلفية توجهها عبر اتصال عنقودي يسري من الرأس إلى القاعدة التي قد تجهل بأن لها من يوجهها ويحدد أجندتها ويمول تحركاتها.
الخلية المركزية الأولى والتي تلقت تدريبا على الأراضي السعودية، بحسب الاعترافات التي بثها الإعلام الأمني، ووفرت لها الأموال الكافية والاحتياطات اللازمة، كأجهزة التواصل في حال إقدام السلطات على قطع شبكة التواصل أو الشبكة الهاتفية، وشرعت في تلقي رواتب منتظمة وتقديم تقارير عن مستوى تقدم الانجاز.
وعموديا على مستوى المحافظات عملت الخلية الأولى على تكوين خلايا أصغر تتشابه في تركيبتها مع الخلية المركزية، تتصل مع بعضها بما يضمن سريان التوجيهات وتلقى رجع الصدى، ووصول التمويل المطلوب عند ساعة الصفر، وانفجار التظاهرات، بحيث جرى تنظيم الجانب الإعلامي والجانب التربوي باعتبار هذين القطاعين حيويين للحشد وإثارة الرأي العام الداخلي والخارجي بإسناد آلة إعلام قوية وحرفية.
الخلية الثانية والتي أنيط بالإمارات تدريبها وتشغيلها كلفت باختراق المؤسسات الحكومية والأمنية العسكرية والتغلغل في هذه المؤسسات، وتفجير الوضع من قبل الخلية الأولى، كما أضيف لمهام عناصر هذه الخلية وبعضهم في مواقع حساسة في الدولة نقل المعلومات والإحداثيات المسبقة إلى غرفة عمليات في الخارج عبر وسيلة اتصال أمنه بين أطراف الخلية ومشغليها المتواجدين في الإمارات، بحيث تعطي بنكا للمعلومات عن تحركات وأماكن القيادات المحتمل استخدامها في حال الطوارئ.
انجاز صنعاء الأمني الاستخباري في طبيعته لا يقتصر على الميدان اليمني، ويكتسب بعدا إقليميا حيث تشهد لبنان والعراق فوضى ومظاهرات تكشف عن ضلوع السعوديين والإماراتيين ببعض أجزائها دون دليل دامغ، وانجاز صنعاء الأمني واعترافات خليتي صنعاء بات يقدم الدليل الوافي للسلطات في هذين البلدين عن حقيقة الفوضى وقيادتها الحقيقية.
اعترافات خليتي صنعاء توفران من جانب فهم للتسلسل العمودي والأفقي التي تعمل به قيادة التظاهرات والفوضى في كل من لبنان والعراق وصورة واضحة لتراكبية الخلايا التي تدير العمل الفوضوي من خلال الشارع والذي قد لا يكون غالبيته مدرك بأنّه يجري توجيهه واستغلال مطالبه لأهداف تتعلق بمصالح التحالف الأمريكي في المنطقة، واليات تواصلها التي لا تنقطع حيث توفر للخلايا المركزية والوسطية أجهزة اتصال فضائية.
بحسب بيان الأجهزة الأمنية في صنعاء بان الخليتين المنفصلتين عن بعضهما تدار إحداهما من قبل السعودية، والأخرى من دولة الإمارات، مؤشر إلى وجود طرف أعلى تتقاطع لديه كل المعلومات وتنتهي خيوط الخلايا، وتسري من لديه الأوامر لإشعال وتوجيه الفوضى في دول المنطقة.
اقتصار الفوضى في الدول المناهضة للحلف الأمريكي أو بها أطراف فاعلة تعرقل السياسية الأمريكية، وجهود التطبيع مع الكيان الصهيوني وصفقة القرن، كما هو ملحوظ يؤشر إلى أنّ الطرف المركزي هو الجانب الأمريكي، وبالتحليل المنطقي ثمة وجود لخلية مركزية لإدارة الفوضى الخلاقة من الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية كون الدول التي تجري بها التظاهرات مناهضة لهما ولمشاريعهما في المنطقة، والسعوديين والإماراتيين ليسوا بهذا المستوى من التخطيط والاستقلالية ليقوموا بمثل هذا العمل الكبير والذي يحتاج لصبر وتخطيط دقيق وشامل يفوق عقول الأعراب.
وبأفق أوسع عالميا يظهر أن اعتماد الأمريكيين على إثارة الفوضى لم يعد مقتصرا على الدول المناهضة للسياسات الأمريكية أو محدودا في منطقة الشرق الأوسط، وإنما غدت سياسة لدى واشنطن، مثال الفوضى في هونغ كونغ والتي اتهمت رئيسة البرلمان الصيني الولايات المتحدة بالوقوف خلفها، وخروج مظاهرات في روسيا تدعو إلى إقالة الرئيس الروسي الذي يشكل صداعا للسياسة الأمريكية في كثير من الملفات والقضايا الدولية، ومظاهرات إيران التي نجح النظام الإسلامي في وأدها بمهدها.
نجاح الأمريكي في السيطرة على معظم ثورات الربيع العربي ونجاح الثورات البرتقالية في أوكرانيا في دول الاتحاد السوفيتي ونقلها من المعسكر الشرقي إلى المعسكر الغربي، زاد من نهم الإدارات الأمريكية المتخوفة من استخدام الأداة العسكرية وتبعاتها، على اعتماد هذه السياسة الخبيثة لتحقيق المصالح الأمريكية وتدمير الخصم من الداخل، وهو الحال في مواجهة الصين التي باتت تهدد بنموها الاقتصادي وتضخم قدرتها العسكرية وتحالفها مع روسيا موقع الولايات المتحدة.
اشتغال صنعاء على تعزيز جبهتها الداخلية في مواجهة العدوان على مدى خمس سنوات كان عاملا كبيرا في تشكيل حاجز الصد أمام خلايا الفوضى الأمريكية رغم الحرب والحصار، يضاف إلى ذلك الوعي التراكمي الذي صنعته القيادة الثورية والسياسية لدى الشعب باستثناء من باعوا أنفسهم للخيانة أو كانت لهم مواقف مسبقة سلبية تجافي الحقائق الواضحة.
وبحسب اعترافات عناصر الخلايا فإنهم لاقوا صعوبة كبيرة في تجنيد الشارع رغم رفعهم شعارات مطلبية ومعاناة شعبية، الشارع اليمني اكتسب وعيا تراكميا بهدف تعزيز الجبهة الداخلية، يكاد ذلك هو الخلل الذي تعاني منه بغداد وبيروت في مواجهة هذا النوع من الحروب الذي تعتمده واشنطن لتدمير الخصم من الداخل وشل حركته قبل الإجهاز عليه.
ثمة دعوة وحاجة ماسة لدول محور المقاومة للاستفادة من التجربة اليمنية في تعزيز جبهاتها الداخلية وأهمية شن حروب الوعي الإستباقية.
تعاون السلطات والشرفاء في هذين البلدين مع صنعاء بات ضرورة حيوية للإفادة من التجربة اليمنية، ولتوجيه ضربة مدمرة وحاسمة لمشروع الفوضى الأمريكية في المنطقة، بالضربة القاضية بإسقاط خلايا رأس الهرم في صناعة الفوضى، كما فعلت صنعاء دون انتظار بدء المواجهة في الشارع، واتساع الخرق على الراقع. #نشر الفوضى منذ 4 أيام
ساحة النقاش