الجنرال يادلين: إستراتيجيتنا تتلخّص باستمرار الانقسام الفلسطينيّ وصراعنا مع إيران ومحور المُقاومة هو الخطير والصواريخ الدقيقة في لبنان والعراق تُشكّل تهديدًا أخطر ولا مجال لصدّها
<!--<!--
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
ما زالت مراكز الأبحاث الإستراتيجيّة في إسرائيل تُحاول سبر غور ظاهرة حماس والمُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، فيما يُواصِل صنّاع القرار في تل أبيب العمل على إيجاد حلٍّ لهذه المُشكلة، التي باتت تُشكّل تهديدًا إستراتيجيًّا للدولة العبريّة، بسبب تطوير حماس لقدراتها الصاروخيّة، والتي أذهلت أركان دولة الاحتلال في العرض العسكريّ الذي أجرته الحركة مؤخرًا في غزّة.
وفي هذا السياق، قال الجنرال في الاحتياط، عاموس يادلين، رئيس معهد أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع لجامعة تل أبيب، قال إنّ إستراتيجية إسرائيل تتخلّص في استمرار الانقسام الفلسطينيّ بين قطاع غزة والضفة الغربية والتفريق بينهما، والتوصل إلى تهدئةٍ بأقّل ثمنٍ مُمكنٍ وضرورة العمل على تهدئة الأوضاع الأمنية في الجبهة الفلسطينيّة. ويسود الانقسام السياسي منذ منتصف حزيران (يونيو) من العام 2007.
وأضاف يادلين في حديث مع صحيفة (معاريف) العبريّة إنّ المشكلة الحقيقيّة أمام إسرائيل لا تكمن في سوريّة، وإنمّا من مصانع الصواريخ في لبنان، وهي فرصة للتحذير من التوجهات الإيرانيّة لاستكمال برامجها النووية، على حدّ تعبيره، وأوضح يادلين الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيليّة (أمان)، أوضح أنّه أكّدنا أنّ إيران هي الخصم الحقيقي الأساسيّ للدولة العبريّة، وهي تدير مع إسرائيل معركتها في كلا مجالين: المجال النوويّ، والذراع التقليديّ القائم على الوجود العسكري في سوريّة من جهة، ومن جهة أخرى بناء مصانع الصواريخ الدقيقة في لبنان، وربما في العراق، كما قال، علمًا أنّ أقطاب تل أبيب أكّدوا أنّ منظومات الدفاع الإسرائيليّة لا يُمكِنها صدّ هذه الصواريخ المُجنحّة.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، رأى الجنرال يادلين، أنّه نظرًا إلى أنّ سلوك حماس في غزة يشبه سلوك الدولة فإنّه يتعيّن على إسرائيل أنْ تستغل ذلك لمطالبة الحركة بتحمل مسئولياتها، على حدّ قوله. إلّا أن يادلين، الذي نشر بحثًا جديدًا عن حماس ونشره على موقع مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والذي يرأسه، دعا إلى أسلوبٍ معاكسٍ لتحقيق ذلك من خلال أنْ تشمل الإستراتيجية الإسرائيليّة تقديم ما أسماها بالجزرة إلى العناصر المعتدلة في السلطة الفلسطينية من أجل تعزيز مكانتهم، وتوجيه ضربات قاسية جدًا ضدّ مَنْ نعتها بالعناصر الإرهابية المتطرفة الفلسطينية بهدف إضعافها.
عُلاوةً على ذلك، اقترح يادلين أنْ تعلن إسرائيل أنّ إطلاق صواريخ باتجاه تل أبيب هو (خط أحمر)، مع تجنب العودة عن قرار الانفصال عن غزة، الذي شكّل عملية إستراتيجيّة مهمة خدمت أمن دولة إسرائيل، بحسب رأيه، إضافة إلى ضرورة إجراء بحثٍ في إسرائيل حول مدى تأثير عمليات عسكرية ونتائجها على انتخابات مستقبلية في السلطة الفلسطينية واحتمالات المصالحة الفلسطينية.
واقترح الجنرال يادلين اعتماد ثلاث استراتيجيات مركزية لمنع تعاظم قوة المنظمات، وفي مقدمتها حماس، منع دخول أسلحة إلى القطاع بواسطة اجتياح بريّ، ومهاجمة طرق نقل الأسلحة بدءً من إيران وحتى غزة، وإيداع هذه المهمة بيد جهة خارجية مثل الأمم المتحدة، على حدّ قوله.
بموازاة ذلك، دعا رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ إلى البحث في حجم استخدام القبة الحديدية على ضوء تكلفتها الكبيرة (50 ألف دولار كلفة إطلاق كل صاروخ) مقابل صواريخ تكلفتها ضئيلة نسبيًا، مضيفًا أنّ إسرائيل تنجح منذ انتهاء حرب العام 1973 في احتواء المواجهات العسكرية التي بادرت إليها في جبهة واحدة، وهذا إنجاز استراتيجيّ بالغ الأهمية، لكن لا يجوز بأيّ حالٍ من الأحوال النظر إليه على أنّه أمر مفروغ منه.
كما أوضح الجنرال يادلين أنّ مصالح إستراتيجيّة واتصالات صحيحة مع دولٍ مجاورةٍ، وعمليات محدودة النطاق، وردع قوي تجاه منظمات “إرهابية” مثل حزب الله، منحت الجيش الإسرائيليّ حرية العمل في جبهة واحدة، على حدّ قوله.
وتجدر الإشارة إلى أنّ إسرائيل معنية في المدى المتوسط بالضفة الغربية أكثر من عنايتها بغزة، فإذا ضمنت إسرائيل تهدئة طويلة المدى في غزة، فإنها ستستثمر ذلك في الضفة الغربية بمزيد من الاستيطان، واستثمار استمرار الانقسام الفلسطينيّ، لإضعاف طرفي الخلاف الفلسطيني والحصول على المزيد من التنازلات من قبل السلطة الفلسطينية، لاسيما في مواضيع اللاجئين والحدود والقدس.
ويُستشف من بحث الجنرال يادلين أنّه اتضح لإسرائيل أنّ قدرتها على الردع كانت تتلاشى مع ظهور أسلحةٍ أكثر تطورًا في قطاع غزة، ومع ارتفاع عدد الصواريخ المنطلقة منها، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، قالت راحيل دولف عميدة في الاحتياط ورئيسة سابقة للرقابة العسكرية، قالت في مقالٍ نشرته بصحيفة (معاريف) تحت عنوان: “استقرار السلطة الفلسطينيّة هو مصلحة إسرائيليّة”، إنّه من الواضح أنّ نهج الحكومة الذي معناه تعاظُم قوة “حماس” وزعزعة استقرار السلطة، سيؤدي إلى نشوء واقعٍ سنُواجِه فيه إلى جانب حزب الله في الشمال، “حماس” أقوى من قبل في الجنوب، كما أنّ إضعاف السلطة سيزعزع الاستقرار، وسيؤدي إلى موجة عنفٍ من الشرق أيضًا، في شتى أنحاء الضفة الغربيّة، على حدّ تعبيرها.
ساحة النقاش