ما هو الوقت المناسب لانسحاب القوات الأمريكية من العراق؟
<!--<!--
“رأي اليوم” د. جواد الهنداوي* سفير عراقي سابق
كل ما يتخذه الرئيس الأمريكي من قرارات سياسية أو عسكرية تجاه العراق وإيران والمنطقة موزوناً بمعيار فوزه في الانتخابات الأمريكية القادمة، وقبل نهاية هذا العام، ومدروساً بحساب تلقيه الدعم الصهيوني العربي والمسيحي .
عملية الاغتيال التي نُفذتْ بأمره، في بغداد تندرجُ في إطار حساباتهِ الانتخابية وحرصه على ضمان دعم اللوبي الصهيوني وإرضاء نتنياهو. وعجبي على مَنْ يستغرب ويتساءل(وهمْ من مستشاري وكادر الرئيس)، كيف وافق الرئيس ترامب على سيناريو الاغتيال ولماذا الآن؟ إنها الانتخابات الأمريكية، يهون لأجلها كل شيء، ويتحرر الرئيس ترامب من ما بقي عنده من قيم!
توقيت الاحتجاجات والتظاهرات في العراق، ومساراتها في الاستمرار والتصعيد مبرمجة، هي أيضاً، على وقع واستحقاقات الانتخابات الأمريكية.
يسعى الرئيس ترامب في حرثهِ لساحة المنطقة وتقليب ملفاتها إلى الوصول إلى نتائج ومُخرجات لصالحه، ويسوقهّا للشعب الأمريكي كمنجزات تاريخية: يقول تخلصنّا من سليماني لأنه يعُّد لتفجير سفارات أمريكية، ولكي يصبحُ الشعب الأمريكي أكثر أمنًا! والجميع، ومنهم مقربين من الرئيس ترامب، يدركون بأنَّ ادعاءات الرئيس كذب وهراء.
سيعتبر وسيسوّق الرئيس ترامب التغيير الحكومي المرتقب وأيّ تغيير سياسي أخر في العراق انجازاً له، وسيبذل ما بوسعهِ ووسع إداراته إلى التأثير في المسار السياسي بما يضمن مصالحه الانتخابية ومصالح إسرائيل. أوَلمْ يفصح الرئيس ترامب رفضه لقرار مجلس النواب العراقي الداعي إلى انسحاب القوات الأمريكية؟ أَولمْ تشكك بعض الدوائر الأمريكية الرسمية بشرعية قرار مجلس النواب لأنه جاء بمقاطعة المكوّن السني والكردي لجلسة مجلس النواب؟
الأشهر القادمة، وقبلَ يوم الانتخابات،هي الفترة المناسبة لرحيل القوات الأمريكية، وينبغي، من الآن، الإسراع في تطبيق قرار مجلس النواب، واتخاذ الإجراءات الحكومية، قد يرغب الرئيس ترامب بأنْ يكون الانسحاب قبيل الانتخابات كي يعتبره انجازاً وطنياً للشعب الأمريكي بالحفاظ على أرواح الجنود الأمريكيين، ووفاءاً منه لتعهداته السياسية التي أعلنها للأمريكيين قبل رئاسته.
مِنْ الآن ينبغي تفعيل مساريّن لتحقيق هدف إخراج القوات الأمريكية والأجنبية: المسار السياسي والدبلوماسي وهو على عاتق الحكومة ومجلس النواب، وقوة هذا المسار وشرعيته تتجسدان في قرار مجلس النواب، والمُتخذْ تحت قبة البرلمان، وليس في الجلسات الخاصة والمغلقة لبعض البرلمانيين أو السياسيين، أو في الجلسات الخاصة التي تجمع بعضهم بالسيد بومبيو(وزير خارجية أمريكا)كما وردَ في حديث للسيد الوزير، في منتدى في جامعة ستانفورد بتاريخ 13-01-2020، قال فيه :” إن القادة السياسيين في العراق، وعند لقاءهِ بهم في جلسات خاصة، يعربون عن رغبتهم في إبقاء القوات الأمريكية”.
والمسار الثاني هو المسار الشعبي عبر احتجاجات وتظاهرات سياسية وفعاليات، وهنا أيضاً يأتي دور منظمات المجتمع المدني ومراكز البحوث والدراسات، والمرجعية الرشيدة في توظيف خطب الجمعة نحو تحقيق هدف الشعب بإخراج القوات الأجنبية، واحترام سيادة العراق.
لتكن جهود المواطنين وجهود منظمات المجتمع المدني، وتوجيهات المرجعية موظّفة نحو استكمال استقلال وسيادة العراق، والقضاء على الفساد وتعزيز كيان الدولة. لا يمكن تعزيز كيان الدولة ما لمْ تنلْ الدولة سيادتها واستقلالها.
للشعب حقٌ في ممارسة كل الطرق الشرعية والقانونية في فرض إرادته في إخراج القوات الأجنبية، والوقت المناسب هو الآن.
ساحة النقاش