"نيويورك تايمز" : إيران أساءت تقدير رغبة ترامب تجنب الحرب معها
المصدر: نيويورك تايمز: جوليان بارنز - ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت
علمت إيران أن ترامب لا يريد حرباً شاملة وكان خطأ طهران في افتراض أن التفكير الاستراتيجي الأميركي لن يتكيف مع الظروف على الأرض.
"نيويورك تايمز" : طهران أخطأت في تقديرها رغبة ترامب تجنب الحرب مع إيران
تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الاعتداءات الأميركية على مواقع لـ"كتائب حزب الله – العراق" في العراق وسوريا ليل الأحد. ونقلت عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قولها أنّ الجيش الأميركي ضرب خمسة أهداف في العراق وسوريا تسيطر عليها جماعة شبه عسكرية مدعومة من إيران رداً على هجوم صاروخي يوم الجمعة قتل متعاقداً أميركياً.
وضربت الغارات الجوية، التي نفذتها طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية "أف -15 إي" F-15E، ثلاثة مواقع في العراق واثنين في سوريا تحت سيطرة "كتائب حزب الله" العراقية. وقال جوناثان هوفمان، كبير المتحدثين باسم البنتاغون، أنّ الأهداف تشمل منشآت تخزين الأسلحة ومواقع القيادة التي استخدمت لمهاجمة القوات الأميركية والقوات الشريكة.ورأت الصحيفة أن رد الولايات المتحدة على هجوم قتل أو أصاب الأميركيين ليس بالأمر غير العادي. لكن انتقام يوم الأحد تضمن ضربات مباشرة على الوكلاء الإيرانيين، مما جعلها خطرة بشكل خاص.
ومنذ عودة الجيش الأميركي إلى العراق في عام 2014، امتنعت القوات المدعومة من إيران والقوات الأميركية عن مهاجمة بعضها البعض بسبب وجود عدو مشترك هو "داعش". لكن تنظيم "داعش" فقد الأراضي التي كان يسيطر عليها، وزادت التوترات بين طهران وواشنطن بسبب حملة "الضغط الأقصى" لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران. وقالت "نيويورك تايمز" أنّ الهجمات الصاروخية التي قام بها وكلاء إيران خلال الشهرين الأخيرين قد هددت السلام المضطرب، وجاءت ضربة يوم الجمعة لخرق هذا السلام. وأضافت أن السؤال الأساسي الآن هو ما إذا كان الهجوم الأميركي المضاد يخفف من دائرة العنف أم يصعدها.
وذكرت الصحيفة أنه تم إعلام الرئيس ترامب من قبل قادة وزارة الدفاع بالضربة يوم السبت، وسمح بتنفيذ الضربات. وقال مسئولون أميركيون إن كبار المسئولين بمن فيهم وزير الدفاع مارك إسبر ووزير الخارجية مايك بومبيو سافروا إلى منتجع ترامب، مارم لاغو في فلوريدا يوم الأحد لإجراء مناقشات معه.
وقال بومبيو الأحد: "ما فعلناه هو اتخاذ رد حاسم يوضح ما قاله الرئيس ترامب منذ شهور وشهور وشهور، وهو أننا لن نسمج لجمهورية إيران الإسلامية باتخاذ إجراءات تعرض الرجال والنساء الأميركيين للخطر". وقال هوفمان إن الولايات المتحدة ستشن ضربات إضافية إذا لم تتوقف هجمات "كتائب حزب الله". وقال مسئول أميركي إن القوات الوكيلة لإيران قد نفذت 11 هجوماً على مدار الشهرين الأخيرين على قواعد ومنشآت تضم متعاقدين أميركيين وأفراد خدمات. وقال هوفمان "إنه يجب على إيران ووكيلها "كتائب حزب الله" وقف هجماتها على الولايات المتحدة وقوات التحالف، واحترام سيادة العراق، لمنع أي أعمال دفاعية إضافية من جانب القوات الأميركية". لقد دعمت إيران منذ فترة طويلة "كتائب حزب الله" من خلال توفير الأسلحة وغيرها من المساعدات الفعالة. وقال البنتاغون إن الجماعة لها علاقات وثيقة مع "قوة القدس"، وهي وحدة النخبة في فيلق الحرس الثوري الإيراني الذي تصنفه الولايات المتحدة بأنه "منظمة إرهابية". ولم يحدد المسئولون الأميركيون الموقع الدقيق للمواقع المستهدفة، وقالوا إن الغارات في سوريا وقعت في وادي نهر الفرات في الجنوب الشرقي.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء قولهم إن طهران أخطأت في تقديرها أن رغبة ترامب في تجنب الحرب مع إيران من شأنها كبح جماح الجيش الأميركي إذا تعرضت قواته لهجوم. وقال كيرستن فونتينروز، وهو مسئول سابق في مجلس الأمن القومي الأميركي يعمل الآن مع مركز "المجلس الأطلسي" البحثي، إن الاضطرابات والاحتجاجات الحالية في العراق سمحت للوكيل الإيراني "بالعمل من دون قيود"، وأقنع نشاط إيران المتصاعد الولايات المتحدة بأنها بحاجة إلى التحرك. وقال "علمنا أن إيران ستتبع سياسة تصعيد مستمر على مستوى منخفض مع الولايات المتحدة وحلفائها على الأقل خلال الانتخابات الأميركية. لقد علمت إيران أن الرئيس ترامب لا يريد حرباً شاملة. كان خطأ إيران في افتراض أن التفكير الاستراتيجي الأميركي لن يتكيف مع الظروف على الأرض".
وأضافت الصحيفة أنه بينما سعى ترامب إلى إنهاء الحرب الأميركية ضد "داعش" في العراق وسوريا، فقد بنا قوات تهدف إلى ردع الهجمات الإيرانية. وقال مسئولو إدارة ترامب أيضاً إن القوات الأميركية كانت في العراق للمساعدة في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة. ومع ازدياد الهجمات الصاروخية التي يقوم بها الوكلاء الإيرانيون في الأسابيع الأخيرة، كان بعض مسئولي وزارة الدفاع قلقين من أن الوضع قد يتصاعد إلى ما هو أبعد من صراع الظل الذي تخوضه الولايات المتحدة وإيران.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه يمكن أن يؤدي مقتل المقاول الأميركي ورد البنتاغون إلى مزيد من التصعيد. ويمكن أن ترد إيران بحملة جديدة للقنابل المزروعة على الطريق أو بهجمات صاروخية وصواريخ أكثر قوة، وهي خطوة من المرجح أن تؤدي إلى رد أكثر عدوانية من جانب الولايات المتحدة. وحذر القادة العسكريون الأميركيون منذ شهور من خطر متزايد من هجمات القوات الوكيلة لإيران على المصالح والقوات الأميركية في المنطقة، في الوقت الذي تتعرض طهران لمطاردة العقوبات الاقتصادية المتجددة التي قامت بها إدارة ترامب لإجبارها على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي لعام 2015.
وحتى الآن ركزت إيران وعملاؤها في الغالب على الحلفاء والشركاء الأميركيين. وتتهم الولايات المتحدة إيران بضرب ناقلات النفط في بحر العرب وشن هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز على منشآت النفط السعودية. كما أسقطت إيران طائرة أميركية بدون طيار. ورداً على ذلك، شنت الولايات المتحدة سلسلة من الهجمات الإلكترونية، لكن ترامب تراجع عن غارة جوية أكبر.
وكان الهجوم الصاروخي الذي وقع يوم الجمعة على قاعدة عراقية رئيسية حيث تدرب القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها قوات الأمن العراقية بمثابة ضربة مباشرة أكثر إلى قوات الولايات المتحدة.
وأطلقت كتائب حزب الله أكثر من 30 صاروخاً على القاعدة القريبة من كركوك والمعروفة باسم "كي وان" K1. وقال هوفمان إن الهجمات الصاروخية أسفرت عن مقتل المقاول الأميركي وإصابة أربعة من أفراد الخدمة الأميركية واثنين من أفراد قوات الأمن العراقية. وقال المسئول الأميركي إن هذا الهجوم كان واحداً من أكبر هجومين خلال الشهرين الماضيين والوحيد الذي قتل مواطنا أميركياً.
وقد أدى ارتفاع عدد الهجمات في الأشهر الأخيرة إلى تحذيرات دبلوماسية، بما في ذلك الطلبات الخاصة للحكومة العراقية للضغط على إيران لوقف الهجمات. بالإضافة إلى ذلك، قال بومبيو وإسبير في الأسابيع الأخيرة إن إيران ستحاسب على الهجمات التي يشنها وكلاؤها على الأميركيين. وفي حين أن إيران لا تتمتع دائماً بالسيطرة المباشرة على الجماعات شبه العسكرية المتحالفة معها، إلا أن المسئولين العسكريين الحاليين والسابقين يزعمون منذ زمن طويل أن طهران قادرة على السيطرة على مستوى العنف في العراق من خلال هذه الجماعات وميليشياتها. وتوفر إيران أيضاً توجيهاً واسعاً بشأن نوع الهجمات التي تشنها الجماعات وعدد المرات التي تستهدف فيها القوات الأميركية أو القوات المتحالفة معها.
وحذر الجيش الأميركي الحكومة العراقية، إلى جانب شركاء آخرين في التحالف، قبل الضربات ضد كتائب حزب الله. كما أخبر المسئولون الأميركيون العراق بأن تسامحهم سيكون منخفضاً مع الضربات الإيرانية من جانب وكلائهم. وقال هوفمان إنه بينما يوجد الجيش الأميركي في العراق بناء على طلب الحكومة العراقية، تحتفظ القوات الأميركية بحقها في التصرف دفاعاً عن النفس.
ساحة النقاش