تحرير إدلب.. معركة المصير في الشمال السوري
الميادين نت = خالد أسكيف
ثلاثة أيام كانت كفيلة بتحرير الجيش السوري أكثر من 30 قرية وبلدة في ريف معرة النعمان جنوب شرق إدلب.
<!--<!--
خسائر جبهة النصرة وحلفائها تراوحت بين 160 قتيل وأكثر من 200 جريحاً
.
تختلف معركة إدلب اليوم عن سابقاتها من المعارك في سوريا، بعد أن استُنفذت كافة الأوراق السياسية للجماعات المسلحة المنتشرة في أرياف إدلب واللاذقية وصولاً إلى ريف حلب الغربي، فالدول الراعية لاتفاق "سوتشي" وخاصة منها تركيا، لم تعلّق على المعركة رغم انطلاقها منذ بضعة أيام. ثلاثة أيام كانت كفيلة بتحرير الجيش السوري أكثر من 30 قرية وبلدة في ريف معرة النعمان جنوب شرق إدلب، تمتد على مساحة ناهزت الـ700 كم مربع، حيث نفّذ الجيش السوري زحفه البريّ باتجاه عمق مناطق إدلب عبر ثلاثة محاور رئيسية، أولها "إسطبلات" وصولاً إلى "الحراكي" شمال شرق مدينة معرة النعمان، والثاني محور "إعجاز باتجاه الصيادي" جنوب شرق المدينة، وفيما كان المحور الثالث انطلاقاً من "التمانعة" وصولاً إلى "حرّان" جنوباً.
هدف الجيش السوري تركز باتجاه مثلث "جرجناز" و"دير الشرقي" و"تلمنس" الخزان الرئيسي للجماعات المتطرفة، وباعتبارها ذات الثقل العسكري للتنظيمات الإرهابية كجبهة النصرة.
160 قتيلاً وأكثر من 200 جريحاً، هي خسائر جبهة النصرة وحلفائها خلال المعارك مع الجيش السوري حتى حلول ظهر اليوم الأحد، والجيش السوري ما يزال يواصل تقدمه في هذه المحاور مدعوماً بغطاء ناري كثيف عبر الطائرات الحربية السورية والروسية.
الانهيار السريع لدفاعات المسلحين أمام تقدم الجيش السوري، علّله مراقبون لـ"الميادين نت" بفشل المفاوضات بين قيادات جبهة النصرة وحلفائها المنتشرين في إدلب مع ما يسمّى الجيش الوطني المدعوم تركيّاً، والذي استنجدت النصرة به لمؤازرتها أمام تقدم القوات السوريّة. إلا أن المفاجئ كان عدم وجود قرار تركي في هذا الشأن، لتكتفي تركيا بإرسال رتل عسكري باتجاه "معرة حطاط" بالقرب من "الصرمان"، حيث توجه الرتل الذي ضمّ 30 آليّة عسكرية بينها 7 مدرعات ومركبات تحمل ذخيرة ومعدات لوجستية وأسلحة، إلى نقطة المراقبة التركية هناك تحسّباً لحصار مؤكد عسكريّاً من قبل القوات السورية المتقدمة في المنطقة، الأمر الذي حققه الجيش السوري فعلاً ظهر الأحد، لتكون نقطة المراقبة التركية في "الصرمان" ثاني نقطة تركية يحاصرها الجيش السوري بعد نقطة "مورك" بريف حماه.
وجهة الجيش السوري حالياً تتركز باتجاه "جرجناز" وعينه ما بعد ذلك على مدينة "معرة النعمان" أكبر مدن ريف إدلب، فيما يعد من المبكر الحديث عن تسليم المدينة للجيش دون قتال، خاصّة وأن الحديث عن التسليم من قبل بعض وجهاء "المعرّة" كان جرى قبل أشهر أثناء معركة "خان شيخون" ما يعني أن أمر التسليم مطروح وبقوّة، وربّما سيكون تنفيذه أسهل بعد انهيار تنظيم "هيئة تحرير الشام" وسطوتها على قرارات الوجهاء.
السيطرة المتوقعة للجيش على "معرة النعمان" ستغيّر كثيراً في خارطة الحرب شمال سوريا، فموقعها الجغرافي الواقع على طريق حلب دمشق الدولي"M5"، إضافة إلى ثقلها في المجتمع الداخلي لإدلب، سيكون عاملاً مهمّاً في انهيار ريف إدلب الشرقي والجنوبي بالكامل، بل وربما سيصل أثره إلى إدلب المدينة، حيث ستزيد تلك السيطرة من تخبط الوضع العسكري الداخلي لـ "هيئة تحرير الشام" وحلفائها.
فالحديث عن تعزيزات من ريف حلب الشمالي بقي حبيس الأقاويل قبل أن يخرج للعلن، وخاصة أن "تحرير الشام" (النصرة بمسمّاها الجديد)، لعبت دوراً دموياً حيال فصائل الريف الشمالي بعد أن كانت قضت على أكثر من فصيل خلال سنوات الحرب السورية أبرزها فصيل "نور الدين الزنكي" الذي تم حلّه بالكامل إبّان سيطرة النصرة على ريف حلب الغربي، الأمر الذي أفقد النصرة جلّ تحالفاتها مع فصائل أنقرة وأبقى على تحالفها فقط مع بعض الفصائل الإسلامية المتشددة كتنظيم "حراس الدين" و"الحزب الإسلامي التركستاني" و"أجناد القوقاز".
اللافت في سير أحداث معارك إدلب، كان غياب كبار قادة "النصرة" عن إطلاق التصريحات "الرنّانة" وبث مقاطع الفيديو عبر صفحات التواصل الاجتماعي كما جرت عليه عادتهم، فلا ظهور سجّل رغم كل الخسارات المتلاحقة سواء لـ "أبو محمد الجولاني" متزعم الهيئة، أو لشرعي الهيئة "عبد الله المحيسني"، أو قاضيها "أبو اليقظان المصري"، فيما تواردت الأنباء تباعاً عن هروب عدد كبير من قياديي الصف الأول لـ "تحرير الشام" باتجاه الأراضي التركية.
من جهة أخرى ليس من المستبعد أن يفتح الجيش السوري محاور أخرى في المستقبل القريب، خاصّة مع استمرار استهداف "جبهة النصرة" بقذائفها وصواريخها لأحياء مدينة حلب، فالمحورين الغربي والشمالي للمدينة يعدان من المحاور الرخوة والخطيرة طالما تسيطر عليهما الجبهة، والحديث هنا عن "ضهرة عبد ربه" وصالات الليرمون الصناعية شمالاً، وأطراف حيّ جمعية الزهراء في الشمال الغربي، وصولاً إلى منطقة الراشدين على طول الشريط الغربي، حيث ما تزال نيران تلك الفصائل واعتداءاتها تشكّل مصدر قلق دائم لأهالي المدينة، ومن المرجّح أن تنطلق معركة شاملة على هذه المحاور في أي لحظة.
وبالنسبة للسؤال الأبرز حالياً حول مصير النقاط التركية الـ13 المنتشرة ما بين ريفي حلب وإدلب، فالإجابة وفق ما تشير إليه التوقعات تتلخص في بقاء تلك النقاط على حالها لحين وصول الجيش السوري إلى الحدود السورية التركية، وتكرار تطبيق سيناريو حصار النقطة التركية في "مورك" على تلك النقاط بعد القضاء على المجموعات المسلحة في إدلب على أن يتمّ الاتفاق فيما بعد حول آلية تمهّد لانسحابها من الأراضي السوريّة.
ساحة النقاش