الرجل الذي قوض النظام السياسي الإسرائيلي
<!--<!--
الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٦:٤٧ بتوقيت غرينتش
* فارس الصرفندي - العالم
مرة أخرى فشل الإسرائيليون في تشكيل حكومة جديدة وسيتوجهون إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة خلال عام في سابقة لم تحدث من قبل، في الثاني من آذار المقبل سيعود الإسرائيليون لينتخبوا برلمانا ثالثا قبل أن يمنح أعضاء البرلمانيين السابقين فرصة ليثبتوا أنهم قادرين على تمثيل الجمهور الإسرائيلي أمام السلطة التنفيذية. الوحيد المستفيد من حالة الفشل هو بنيامين نتنياهو فقد ضمن أن يظل في رئاسة الحكومة الإسرائيلية لثلاثة أشهر جديدة بحثا عن حصانة في وجه قضايا الفساد التي ثبتت ثبوت الشمس في كبد السماء، أفيغدور ليبرمان الذي كان على مدار أشهر بيضة القبّان في النظام السياسيً الإسرائيلي وكان الوحيد القادر على إنقاذ كيان الاحتلال من اللجوء إلى انتخابات ثالثة هاجم نتنياهو واعتبر أن البحث عن مصالحه الذاتية أدت إلى هذه الأزمة التي تخيم على الكيان، لكن نتنياهو خرج من جديد ليعلن أنه سيخوض الانتخابات المقبلة وسيكتسح الأصوات وسيشكل حكومة من اليمين الإسرائيلي وعليه بات متوقعا أن يلجأ الرجل في الأيام المقبلة إلى خطوات سياسية ليقنع الإسرائيليين أنه الخيار الأفضل للمرحلة المقبلة أو أن يقنع صاحب القرار بالتفاوض معه ليخرجه من الميدان السياسي دون محاكمة والمقصود هنا رئيس الكيان الإسرائيلي ، بكل حال من الأحوال فإن السيناريوهات المتوقعة إن لم يغادر نتنياهو المشهد قد تبدو مطابقة للسيناريوهات التي عاشها الإسرائيليون على مدار الأشهر الماضية إلاّ إذا حدث تفكك وانقسام في تيار اليمين وهذا سيخدم جانتس وإما أن يحدث تفكك في كتلة اليسار والوسط وهذا يعني أن يعود نتنياهو رئيسا للحكومة الإسرائيلية مع ضمان سن قانون حصانة لرئيس الحكومة من المحاكمة وهو في موقعه، وغير ذلك فإن استطلاعات الرأي تؤكد أن شيئا لن يتغير في الانتخابات الثالثة، لكن بين سطور هذه الأزمة الطويلة ما يجب الوقوف عنده والتدقيق به وهو الشرخ الذي صنعه بنيامين نتنياهو في النظام السياسي الإسرائيلي أولا من خلال فرضه تحالفات سياسية تقوم على التعنت ورفض الآخر والبحث عن المصالح الحزبية الضيقة بعيدا عن مصالح الدولة وهو الأمر الذي لم يحدث في السابق بهذا الشكل وثانيا استثارة العداءات التاريخية بين اليمين المتدين واليمين العلماني وبين اليسار واليمين بشقيه والدليل أن الحكومات السابقة ضمت اليمين واليسار والمتدينين والعلمانيين لكن نتنياهو بإدارته للتحالفات أنهى هذه الفرضيات ... وأخيرا ومن خلال إصراره على البقاء في موقعه حتى في ظل تهم الفساد التي تلاحقه غلب مصالح الفرد على مصالح الجماعة وهو ما كان دائما قادة الاحتلال يتغنون به بأنهم تلك الشموع التي تحترق لإنارة الطريق للأجيال المتعاقبة، لن أكون مغاليا إن قلت أنّ نتنياهو خلال العام الأخير قوض أسس النظام السياسي الإسرائيلي والأزمة التي صنعها ستلاحق صناع السياسة الإسرائيليين لسنوات قادمة حتى ولو غادر نتنياهو الحلبة السياسية للأبد .
ساحة النقاش