قطاع غزة .. نار الحرب ما زالت تحت الرماد!وصواعق التفجير أكثر من عوامل الهدوء!
<!--<!--
“رأي اليوم” أحمد عبد الرحمن*كاتب فلسطيني
رغم مرور أكثر من أسبوع على جريمة اغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الشهيد ” بهاء أبو العطا ”، ومحاولة اغتيال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي ومسئول دائرتها العسكرية الأستاذ”أكرم العجوري”في دمشق، وما تبع ذلك من ردود من قِبل المقاومة الفلسطينية تُوّجت بوقف إطلاق نار جديد صباح الخميس الماضي، إلاّ أنّ المتابع لمجمل الأوضاع في قطاع غزة يشعر بان تلك الجولة من القتال لم تنتهي ولم تصل إلى خواتيمها بعد.
ويعود ذلك الشعور إلى عدة أسباب تبدو في معظمها منطقية، وتؤشر إلى قرب اندلاع أو استئناف تلك الجولة من القتال العنيف الذي اُستخدمت فيه أدوات وأساليب لم تكن مألوفة من قبل، خصوصا من قِبل المقاومة الفلسطينية ممثلة بسرايا القدس.
ويمكن لنا أن نلخص بعجالة بعض تلك الأسباب التي تجعل الأمور قابلة للانفجار مرة أخرى، وربما بشكل أوسع مما جرى في اليومين اللذين تليا عملية الاغتيال !!
وأول هذه الأسباب هي عدم تمكن رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو” من تحقيق الهدف الأساسي الذي جعله يُقدم على هذه المغامرة ويرتكب تلك الجريمة !!
فمعظم السياسيين والمحللين في”إسرائيل”أجمعوا على أن سبب إقدام نتنياهو على تلك العملية كان انتخابيا بحتا !! بمعنى انه أراد أن يحشر منافسه”بيني جانتس”في الزاوية، ويدفعه للقبول بحكومة وحدة وطنية يتناوب على رئاستها كلا الرجلين”نتنياهو وجانتس”، ويكون صاحب الفترة الأولى هو”نتنياهو”بما يمكنه من سن قوانين تبعد عنه شبح تمضية ما تبقى من عمره خلف قضبان السجن بسبب قضايا الفساد التي تلاحقه وتؤرق نومه.
ولكن يبدو أن رياح الحرب لم تجرِ كما اشتهت سفن نتنياهو الانتخابية، لأن ما جرى لم يقنع ”جانتس”وحزب ازرق أبيض بأن الوضع الأمني الذي ساد دولة الكيان خلال الجولة الأخيرة يستحق منهم أن يقدموا ذلك التنازل وتلك الهدية المجانية لخصمهم اللدود ” نتنياهو “، ولذلك استمروا على موقفهم السابق بعدم التحالف معه، واستمروا في مساعيهم الهادفة لتشكيل حكومة ضيقة بمشاركة”ليبرمان”، أو على أقل تقدير الذهاب لانتخابات ثالثة قد تؤدي لحصولهم على مقاعد كافية لتشكيل حكومة أغلبية في ظل انخفاض شعبية”نتنياهو”، وتضائل فرصه في الحصول على نفس المقاعد التي حصل عليها في الجولتين الماضيتين.
وبناء عليه يمكن أن يدفع هذا الوضع المأزوم بالنسبة”لنتنياهو”ووزير دفاعه الجديد المتطرف وقليل الخبرة العسكرية”بينيت”لارتكاب جرائم جديدة بحق الشعب الفلسطيني وقادة المقاومة في غزة، لمحاولة استعادة قوة الردع التي فقدها تماما أمام صواريخ المقاومة، ولزيادة شعبيته في أوساط المجتمع الصهيوني الذي يميل بمعظمة باتجاه التشدد ونزعة القتل والإرهاب.
أما السبب الثاني الذي نعتقد انه يمكن أن يفجر الأوضاع من جديد فهو عدم التزام العدو بالشروط التي وضعتها حركة الجهاد الإسلامي وخصوصا فيما يتعلق بعدم استهداف المشاركين السلميين في مسيرات العودة.
فهذا الشرط بالتحديد هو الأقرب ليلعب دور صاعق التفجير لجولة جديدة من القتال ، خصوصا أنه وحسب اعتقاد الكثيرين ونحن منهم كان السبب المباشر في اتخاذ العدو قرار اغتيال الشهيد ” أبو العطا ”.
حيث أن الردود التي كانت تنفذها سرايا القدس منذ ثلاثة أشهر تقريبا سواء بإطلاق الصواريخ أو عمليات القنص أو إرسال الطائرات المسيرة جميعها جاءت ردا على استهداف المدنيين العزّل في مسيرات العودة، ومنذ ذلك التاريخ والعدو يضع رأس الشهيد ” أبو العطا ” في دائرة الاستهداف بسبب وقوفه المباشر وراء تلك العمليات بقرار من قيادة الحركة وأمينها العام ” زياد النخالة ” .
وما دامت مسيرات العودة مستمرة بشكل أسبوعي كما جرت العادة، فيمكن أن نتوقع تغول العدو على المشاركين فيها وهذا من شانه استجلاب ردود من قبل المقاومة وخصوصا سرايا القدس بما يعيد الأوضاع إلى مربع التصعيد الذي لا يعرف أحد كيف سينتهي.
بالإضافة لهذين السببين هناك سبب ثالث يجعلنا نتوقع أن تتجه الأوضاع نحو التصعيد من جديد، وهو رغبة الجهاد الإسلامي في الانتقام بشكل أكثر فعالية وإيلام لاغتيال أحد أبرز قادته في القطاع، ومحاولة اغتيال الرجل الأعلى رتبة في جناحها العسكري في دمشق.
فرغم حجم الضربات الصاروخية التي وجهتها سرايا القدس للمدن الصهيونية وعلى رأسها تل أبيب والقدس المحتلة، وصولا إلى الخضيرة على بعد أكثر من 112كم عن قطاع غزة، وما تركته تلك الضربات من أثر عميق في الوعي الجمعي للمغتصبين الصهاينة وفقدان الحصانة التي كانوا يتمتعون بها سابقا على مستوي الأمن والاستقرار، إضافة للخسائر المادية الكبيرة التي تقدر بعشرات ملايين الدولارات، وإفراغ مدن ومغتصبات كاملة من ساكنيها، إلا أن ذلك كما يبدو لم يرو ظمأ نشطاء الحركة ومناصريها وعموم أبناء قطاع غزة الذي طالبوا في مسيرات عفوية بمواصلة استمرار الرد على العدوان.
وبالتالي يمكن أن تستغل حركة الجهاد أي إخلال من طرف العدو بشروط التهدئة كما يتوقع معظم المتابعين، لتوجيه ضربة نوعية لقواته المنتشرة على حدود القطاع، أو ربما بتفعيل العمليات الاستشهادية من جديد في العمق الصهيوني، وما يمكن أن يشكله ذلك من تطور نوعي ومهم في ظل الظروف الحالية.
على كل حال يبقى كل ما ذكرناه آنفا في إطار التوقع لما قد يحدث في المستقبل القريب !! وهذا التوقع ناتج عن قراءة لمجمل التحركات على الأرض، والمواقف التي نسمعها صباح مساء إن كانت من طرف العدو أو من طرف المقاومة في قطاع غزة !!
الأيام القادمة قد تكون حُبلى بالمفاجآت، وقد نشهد فيها تطورات دراماتيكية تقلب الأمور رأسا على عقب !! ولكن ذلك يبقى رهن تصرفات الأطراف الفاعلة في الميدان، وكذلك قدرة الوسطاء الإقليميين والدوليين على ضبط الأمور، وفكفكة الأزمات، ووضع الحلول التي قد ترضي جميع الأطراف وتحقق لها جزء من مطالبها!!
ساحة النقاش