إسرائيل وغزة: الأسئلة الهامة بحق
الميادين نت: الحنان ميلر - ترجمة: مرعي حطيني
السؤال الإستراتيجي الأكثر أهمية في هذه الآونة هو: ما الذي فعلته الحكومة الإسرائيلية منذ أن دخلت تفاهمات "الجرف الصامد" حيز التنفيذ من خمس سنوات حتى تُحوِّل الهدوء المؤقت في القطاع إلى هدوء دائم؟ الجواب: لا شيء تقريباً.
في أوقات الأزمة يتم إهمال الأسئلة الإستراتيجية لمصلحة الانشغال بالأمور التكتيكية مثل: من هو الشخص الذي تم اغتياله؟ وما هو المنصب الذي كان يشغله؟ وهل يا ترى أن رئيس الحكومة كان يريد هذه الأزمة لأسباب غير موضوعية؟ بينما يتم الدفع بالأسئلة الكبيرة، الإستراتيجية، إلى الزاوية. السؤال الإستراتيجي الأكثر أهمية في هذه الآونة هو: ما الذي فعلته الحكومة الإسرائيلية منذ أن دخلت تفاهمات "الجرف الصامد" حيز التنفيذ من خمس سنوات حتى تُحوِّل الهدوء المؤقت في القطاع إلى هدوء دائم؟ الجواب: لا شيء تقريباً.
يتفاوضون ببطء شديد
مفاوضات التهدئة بين إسرائيل وحماس، بوساطة مصر، تجري ببطء شديد، هذا إذا كانت تجري أصلاً. وقد كان وزراء حكومة الليكود، وغيرهم، قد قدموا حلولاً للأزمة منذ سنوات عديدة. فالوزير يسرائيل كاتس اقترح إقامة جزيرة صناعية وميناء قبالة ساحل غزة منذ عام 2011 وأطلق حملة مغطاة إعلامياً لدفع الفكرة في حزيران/ يونيو 2016. كم أن الوزير أفيغدور ليبرمان أيد إقامة رصيف بحري خاص بغزة في قبرص قبل عام ونصف. فيما حذر رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، وقائد قيادة الجبهة الجنوبية اليوم، اللواء هيرتسي هاليفي، حذر أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست منذ شباط/فبراير 2016 من أن الوضع الاقتصادي المتفجر في قطاع غزة قد يفضي إلى اندلاع حرب مع إسرائيل. والعنوان، كما تقول الكليشة المعروفة، مكتوب على الجدار منذ فترة طويلة.
واليوم، بعد اغتيال قائد اللواء في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، فضّلوا في الأجهزة الأمنية أن يَرتِبوا على أكتاف بعضهم البعض وأن يفرحوا لتصفية مسئول عسكري فلسطيني كبير.
وهنا يجب ألا نتهم الجيش بالفشل، ذلك أن مهمته في الأساس هي تقديم الحلول العسكرية. لكن الفشل السياسي الكبير، والذي بسببه نتدحرج إلى جولات عنف لا تنتهي ضد قطاع غزة، بقي يتيماً.
في المؤتمر الصحافي الذي عقده، إلى جانب كل من رئيس هيئة الأركان ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، فضل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التركيز على "القنبلة الموقوتة" التي مثلها أبو العطا، بدلاً من التركيز على "القنبلة الموقوتة" الموجودة منذ عدة سنوات ـ أي قطاع غزة. هذه "القنبلة الموقوتة" تهدد بالانفجار منذ عدة سنوات، وخبراء المتفجرات ـ ممثَلين بمتخذي القرارات ـ غير موجودين. إذ أنه أسهل بكثير تصفية شخص واحد من "تصفية" مشكلة إستراتيجية أساسية تؤثر على الملايين. وقال رئيس الحكومة في المؤتمر الصحافي: "إسرائيل غير معنية بالتصعيد، إلا أننا سنفعل كل ما هو مطلوب من أجل الدفاع عن أنفسنا". إلا أن هذه الرؤية الضيقة وقصيرة النظر للدفاع عن الذات، إلى جانب تضليل الجمهور حول الاستعداد لفعل "كل ما هو مطلوب"، ستقود بالضرورة إلى تعميق المعركة ضد القطاع. وعندما تدوّي المدافع يصمت كل الكلام. ليس هناك حكومة وليس هناك معارضة. ولكن من يخدم غياب المعارضة في هذا الوقت؟
إحباط في الشارع الفلسطيني
وفي الجانب الفلسطيني، يمكن لنا أن نميّز حالة مشابهة من الضياع السياسي. فمفاوضات المصالحة التي لا تنتهي بين فتح وحماس، إلى جانب انعدام الرغبة لإجراء انتخابات عامة للبرلمان (المجلس التشريعي) وللرئاسة منذ 13 عاماً، تزيدان من حالة الإحباط واليأس في الشارع الفلسطيني. وكما هو الحال في السياسة الإسرائيلية، ففي السلطة الفلسطينية أيضاً تفوز العناصر المتهورة بكل شيء. ومرة تلو الأخرى يتحطم وهم "الوضع الراهن" الذي يطرحه نتنياهو متحولاً إلى شظايا على أرض الواقع، والجهة الأكثر شراسة على الأرض تحظى بالهيبة في أوساط الجمهور.
وفي هذا الوقت بالذات، تغدو مهمة الإعلام أكثر أهمية وفائدة من خلال طرح الأسئلة الصعبة. وهذه عدة نماذج للأسئلة المناسبة التي يجب على أي صحافي إسرائيلي أن يسألها للزعماء، وفي مقدمتهم نتنياهو:
1- - لماذا لم يُستكمل اتفاق التهدئة مع حماس إلى الآن؟ وما هي مطالب حماس لإتمام صفقة تبادل الأسرى، ولماذا تعارض إسرائيل هذه المطالب؟
2- - تطلب حماس من إسرائيل، منذ فترة طويلة، السماح بدخول العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل كشرط لتهدئة طويلة المدى. والظروف المادية لذلك موجودة من قبل – مثل قاعة مسافرين ضخمة في معبر إيرز، وهي مزودة بقدرات لإجراء فحوصات بيوميترية للداخلين، بما يشبه ما هو قائم في الضفة الغربية. فلماذا تعارض إسرائيل ذلك؟
3- - ما هو الوضع بالنسبة لتخطيط الميناء في قطاع غزة؟ وهل يدور الحديث عن دوامة البيروقراطية، أم عن معارضة أمنية، أم عن تقاعس حكومي؟
4- - هل كشفت حماس عن الفترة الزمنية التي هي على استعداد للالتزام خلالها بالتهدئة مع إسرائيل مقابل تنفيذ مطالبها؟ وإذا كان الرد بالإيجاب، فما هي هذه الفترة؟
5- - هل حماس مؤهلة للسيطرة على إطلاق الصواريخ من قبل الجهاد الإسلامي وتمتنع عن ذلك، أم أن التصعيد الأخير هو مؤشر على فقدان سيطرتها؟ وما هي تداعيات فقدان سيطرة من هذا النوع؟
يجب تحويل الرضا الإسرائيلي المعروف من النجاح العملياتي، على عجل، إلى المطالبة بتغيير جوهري في علاقات إسرائيل الإستراتيجية مع قطاع غزة.
ساحة النقاش