هل كان ترامب يرافق البغدادي؟
<!--<!--
“رأي اليوم” ابراهيم شير* كاتب وإعلامي سوري
بدون سابق إنذار وكما عودتنا الولايات المتحدة على المفاجآت غير المتوقعة التي تخرجها للعلن في المكان والزمان الذين يخدمان مصلحتها، أعلنت قتلها لمتزعم أكبر جماعة إرهابية في الوقت الحالي أبو بكر البغدادي.. كل شيء حول هذا الإعلان يثير الشبهة والريبة سواء المكان الذي حدثت فيه العملية أو الزمان الذي أعلنت فيه. الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ظهر في مؤتمر صحفي ليصف العملية لتكون أشبه بفيلم سينمائي وكأنه وجد ضالته في هذه العملية، ليخرج ما في داخله من إحساس المخرج والكاتب وربما الممثل أيضاً، لأنه شرح تفاصيل كثيرة عن العملية وكيف هرب البغدادي وثم فجر نفسه وهو يبكي وإلى آخره مما قاله ترامب، يوحي لك وكأنّه كان معه وبجانبه، وهنا يجب أن نتساءل كيف عرف ترامب كل هذه التفاصيل إذا كان البغدادي قد فر من قواته وفجر نفسه داخل نفق، فكيف شاهده ترامب وهو يبكي؟.. لذلك يمكننا القول أنّ تفاصيل قتل البغدادي غامضة وغير السيناريو السينمائي الذي كشف عنه ترامب، ويبدو أنّه متأثر جداً بأفلام هوليود وجيمس بوند.
الولايات المتحدة قالت أن البغدادي قتل في ريف محافظة إدلب، وتحديداً في الريف الغربي وهذا الأمر يدفعنا للتساؤل كيف وصل هذا الإرهابي من أقصى الشرق السوري إلى أقصى الغرب؟ في أواخر عام 2017 أي قبيل طرد “داعش” من مدينة الرقة شوهدت عمليات هبوط متكررة لمروحيات أميركية في المدينة ونقل قيادات مهمة للجماعة الإرهابية منها، وفي بداية عام 2018 أعلنت واشنطن أنها نفذت عملية إنزال جوي ضد جماعة خرسان المبايعة لداعش في بلدة سلقين بمحافظة إدلب، وهذا الأمر قد يجيبنا على تساؤل كيف أنتقل البغدادي من الرقة إلى إدلب.. هناك أمر آخر يؤكد أن من نقل البغدادي إلى إدلب هو نفسه من أعلن قتله الآن، لأن جماعة خرسان مقرها الرئيسي هو بلدة سلقين في ريف إدلب، وهذه المدينة تبعد 15 كيلومترا عن قرية باريشا التي أعلنت واشنطن أنها قتلت البغدادي فيها.
مقتل البغدادي في إدلب يحرج تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فمنذ عامين وهو يقول أنه يعمل في إدلب على الفصل بين الجماعات الإرهابية وبين “المعارضة المعتدلة” (إن وجدت طبعاً) وفي النهاية يكون البغدادي في إدلب ويقتل فيها وأنقرة آخر من يعلم؟ وبالتالي تشكيك دمشق في نية وجدية تركيا بالفصل بين الإرهابيين صحيح، وتحالف الجماعات المسلحة معه والتغطية على وجوده يفند ادعاء وجود “معارضة معتدلة” في إدلب.
ترامب يعيش أزمة داخلية وإعلان مقتل البغدادي مكسب كبير له، لأنه في هذا الأمر سوف يسكت الأصوات التي تنتقده على انسحابه من سورية، وبإعلان مقتل البغدادي سيقول أنه أتم مهمته على أكمل وجه، وأنه قتل الإرهابي الأخطر في العالم لذلك أنسحب. وسيجد ترامب بقتل البغدادي ورقة جيدة يلعبها في الانتخابات المقبلة.
الولايات المتحدة حاولت التصوير إلى أن مقتل البغدادي يعني نهاية الإرهاب في العالم، والآن ستزهر الورود والعصافير ستزقزق بعد قتله، إلا أن التاريخ الحديث على الأقل يؤكد لنا عكس هذا، لأن أكبر رأس في تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قتل ولم ينتهي التنظيم. وأبو مصعب الزرقاوي قتل ولم ينتهي الإرهاب بل أتى بعده أبو عمر البغدادي، الذي قتل وأتى بعده أبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني. لأن هذا الفكر لا ينتهي بقتل قائده بل ينتهي بانتهاء مشغليه.
الفكر الإرهابي يستغل من قبل الولايات المتحدة دائماً وأبداً، لعدة أسباب أبرزها تحقيق مصالحها في جميع أنحاء العالم، مثلا استغلت جماعة الإخوان المسلمين ومنظريها وأحدثت القاعدة وطالبان بوجه الاتحاد السوفيتي، ومن ثم استغلت القاعدة ضد روسيا في الشيشان والقوقاز، ثم في أفغانستان والعراق واليمن، وأخيراً في سورية وليبيا. وخلال هذه الفترة كلها تحققت الأجندات الأميركية دون عناء كبير.. اللوبي المتطرف دينياً في الإدارة الأميركية، يستغل فكرة الإرهاب ليشوه الدين الإسلامي في العالم ويغذي فكرة “الإسلام فوبيا”، ويقول هذا هو الإسلام، ولكن الدين الإسلامي بعيداً كل البعد عن هذا الوجه القبيح الذي تروج له واشنطن، التي تغذي التطرف وتمده بالمال والسلاح، ومتى تريد تحييه ومتى تريد تميته.
الفكر الإرهابي لا يموت بموت متزعمه هذا أمر واضح وصريح، وسيبقى إلى يوم القيامة كذلك، وكان هذا الفكر “الأعور الدجال” الذي جنته نار وناره جنة.
تعليقين اثنين
AnonymousYesterday at 5:35 pm
للإيضاح فقط لست من أنصار ترامب ولا من إذناب أبو بكر البغدادي، لكن المعروف أن كل جندي من القوات الخاصة في عملية بن لادن وعملية البغدادي وغيرها من العمليات الخاصة، يحمل في خوذته كاميرا فيديو صورة وصوت، لذلك بالرغم من مبالغات ترامب في وصف العملية ووصف حالة البغدادي، فإنّه كان ومساعديه يشاهدون العملية نقلاً حياً، كما كان أوباما ومساعدون قد شاهدوا عملية بن لادن نقلا حياً.
· محمود السوريYesterday at 2:26 pm
كلامك صحيح.
ساحة النقاش