هل ستعلن الرياض أن طهران نفذت هجوم أرامكو؟
<!--<!--
صالح القزويني* كاتب إيراني
ليس من الواضح لماذا تأخرت الرياض في الإعلان بشكل رسمي عن الجهة التي نفذت الهجوم على منشأتي أرامكو في منطقتي بقيق وهجر خريص رغم أن عددا من المسئولين والسفراء السعوديين أعلنوا وبشكل صريح أن إيران هي التي نفذت الهجوم. هل لأنها لم تتوصل بعد إلى نتيجة قطعية حول الجهة التي نفذت الهجوم، أم أن هناك اعتبارات أخرى تجعلها تتريث في الإعلان عن هذه الجهة، أو عدم الإعلان عنها بتاتا، الأمر الذي حدث مع استهداف السفن في الفجيرة الإماراتية؟
ليس لدى الرياض أدنى شك أن القوات اليمنية هي التي نفذت الهجوم، خاصة وأن صنعاء أعلنت بشكل رسمي أن سلاح الجو المسير هو الذي نفذ العملية، ولكن إعلان الرياض بأن القوات اليمنية هي التي نفذته يتعارض مع السياسة التي انتهجتها تجاه القوات اليمنية والحوثيين منذ قرارها بشن الحرب على اليمن وحتى اليوم.
السياسة التي انتهجتها السعودية في عدوانها هي تقزيم صمود ومقاومة اليمنيين والإيحاء للعالم أنها تحارب إيران في اليمن، فكانت ولا تزال تتهم إيران في كل ضربة نوعية وموجعة تتعرض لها، وهذا ما دأبت عليه الرياض، طيلة الفترة الماضية، فهي تريد توظيف أية ضربة لتحقيق أغراض سياسية وتأليب الأسرة الدولية ضد إيران، وهذا ما حدث في أول صاروخ أطلقه اليمنيون على السعودية، ومع أن الهجوم على منشأتي أرامكو ليس أول استهداف للطائرات اليمنية المسيرة للمنشآت النفطية السعودية، بل سبق ذلك استهداف حقل الشيبة النفطي المتاخم للإمارات، وكذلك استهداف محطة ضخ النفط في منطقة الدوادمي قرب الرياض، إلا أن الرياض تريد توظيف الحدث بأقصى ما يمكن ضد إيران، خاصة أنّ الضربة كانت أكثر تدميرا من الضربتين السابقتين.
طهران من جانبها لم تعترض على الضربة بل اعتبرتها مشروعة ومن حق اليمنيين الرد على العدوان بأي أسلوب أو طريقة أو أداة متاحة لديهم، واجتمعت كلمة طهران والقوات اليمنية على أن السعودية لو أرادت إيقاف الضربات عليها فما عليها إلا إيقاف الحرب.
السؤال المطروح، هو هل أن السعودية ستكتفي بحملة إعلامية وسياسية ضد إيران كما فعلت تجاه أول صاروخ باليستي وأول عملية لطائرات مسيرة يمنية نفذتها القوات اليمنية ضدها، أم تذهب لأوسع من ذلك لتصل إلى إعلان الحرب ضد إيران؟
السياسة التي انتهجتها السعودية تجاه إيران منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية وحتى اليوم هي تحريض الآخرين وخاصة الإدارات الأميركية ضدها وتشجيعهم وحثهم على الحرب ضد إيران، وبما أن الرئيس الأميركي الحالي تبنى ممارسة أشد وأقسى الضغوط ضد إيران فهو لا يحتاج إلى تشجيع وحث سعودي، وإنما تسعى الرياض إلى دفعه إلى شن الحرب ضد إيران وليس من الوارد بتاتا أن يتخذ ترامب أي قرار في الوقت الراهن بهذا الشأن، لأن أي هجوم يشنه على إيران سيجعل مستقبله السياسي وفوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة على المحك.
الرياض أعلنت وبشكل قاطع أنها لن تتردد في الدفاع عن أمنها ومصالحها، إلا أنها تدرك جيدا أنها إذا قررت شن الحرب على إيران فلن يأتي أحد معها وسيكون ترامب أول المتخلين عنها، لذلك فان اتخاذ مثل هكذا قرار سيكون مجازفة كبيرة لا يدرى إلى أين تنتهي، خاصة وأن طهران أعلنت مرارا أنها لن تتردد في الرد على أي عدوان مهما كان حجمه، وأن هذا الرد لن يكون محدودا بل شاملا.
الرياض تواجه إحراجا سياسيا شديدا، فلا تستطيع الإعلان بشكل رسمي أن إيران هي التي هاجمتها لان ذلك يستدعي الرد منها على إيران، وفي نفس الوقت ليس من السهل عليها الاعتراف بأن القوات اليمنية هي التي شنت الهجوم، لذلك فمن المرجح أنها ستكتفي بتضامن بعض الدول معها، وهي تدرك جيدا أن التضامن وبيانات الاستنكار والتنديد لن تغني ولن تسمن من جوع، بل حتى لو ذهبت إلى مجلس الأمن الدولي فان ذلك لن يجدي.
القوات اليمنية أعلنت يوم أمس عن مبادرة لوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية، ولا شك أنها تأمل أن توقف الرياض غاراتها الجوية على اليمن، مما يعني احتمال استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ إذا استمرت السعودية في هجماتها.
من هنا فانه وكما قال سماحة السيد حسن نصر الله فان السبيل الأقل كلفة لتجنب هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ هو إنهاء الحرب، خاصة وأنها لم تحقق شيئا بل حققت مكاسب كبيرة لأعداء السعودية في اليمن وفي مقدمتهم حركة أنصار الله، فقد توسع نفوذهم وتضاعفت قوتهم جراء العدوان.
ساحة النقاش