فجاء يوم عرس عبير والبلد كلها مدعوة في هاذا اليوم بينما دموع عبير لا تفارق عينيها الجميلتين واخوها يرتب لها لكي لا تتم هذه الزيجة لبست عبير فستان الفرح الأبيض الذي اسود من كثرة حزن عبير مما يحدث لها فجاء وقت كتب الكتاب قال المأذون من وكيل العروسة قال له اخوها انتظروا أسألها ذهب لها وقال لها من وكيلك يا عبير بكت وقالت له أنت يا اخي قال لها كيف وانا لا أزال صغير فضمته إلى صدرها وقالت له أنا مليش غيرك متسبنيش قال لها كنت أعلم هذا الأمر فاخرج لها تزكرة سفر واعطاها فلوس وقال لها هاهوا الشباك أمامكي هيا اخرجي واهربي ولا تعودي لهذه البلد إلا بعد عشر سنوات اكون بلغت فيها رشدي واستطيع أن احميكي بكت عبير من فراق أخيها ومن فرحتها بما فعله من أجلها وفعلا خرجت عبير ولا تبالي بما سيحدث في البلد بعد خروجها خاصة أنها تعلم أن اخوها على قدر المسئولية ومهما كان غضب ابوه لن يؤذيه لأنه ولده الوحيد فخرجت تجري من البلد التي كانت تسكنها لا تدري إلى أين ستذهب حتى رمت بها الأقدار في هذه القرية وسكنت عبير المنزل الأول وقضت فتره طويلة لوحدها في هذه القرية حتى جاءها هذا الذي رأت فيه أخوها الذي تشتاق لرؤيته.بعد أن انتهت عبير من حكايتها ابتسمت ابتسامة جعلتنا ننسى ما سمعناه من مأساة فنظرت في أعين الحاضرين وجدت في وجه أحدهم فرحة كبيرة لعل سر فرحته يرجع إلى قصته التي جعلته بيننا حقا هاذا الشخص لفت انتباهي حيث وجدت في وجهه ابتسامة دائمة رغم حزنه وأحساسه بالوحدة وهذا الشخص هو الذي كان يدير الحوار وكم تفاجأت من قصته وفرحت لكن فرحتي كانت اكبر من مفاجأتي بقصة هادي انه فعلا هادي جدا ورغم هدوءه إذا تكلم دخل إلى قلوبنا ويعرف كيف يحتوينا بأسلوبه المتميز ولديه قدرة على أن يخرج من الشخص الذي يتحدث معه كل ما يخزنه بداخله من هموم ومشاكل حقا انه نعم الأخ والصديق. تبدأ حكايته منذ طفولته حيث ولد هذا الطفل في أسرة مسيحية فمنذ طفولته كان رافضا للشعائر المسيحية لكنه لم يفكر مرة قط أن يتعرف على أي شيء من الديانات الأخرى ولا حتى عن ديانته المسيحية كان تعامله مع أصدقاءه بخلق لم يكن يتميز به أي مسيحي بل خلق نتمناه نحن في المسلمين حقا إسلام بلا مسلم. ففي يوم من الأيام وجد هادي شخص مسيحيا يعاكس بنت منقبة وهم هذا الشخص أن ينزع عنها النقاب فدافع عنها هادي مع أنه يعلم أنها مسلمة وأن الذي يعاكسها مسيحيا طغا خلقه على كل شيء وشكرته البنت وأرادت أن تتعرف عليه لأنه حقا نعم الشاب الذي تتمناه أي بنت فعرفها بنفسه وعرفته بنفسها فهمت من كلامه أنه مسيحي نزلت دموعها من تحت النقاب وهو لا يراها وانصرفت والغريب أنه لم يتبعها ولا حتى ينادي عليها كانت حيات هادي تخلوا من المشاكل حتى جاء يوم زواجه في سن الثامن والعشرين كانت حفلة زفافه جميلة جدا بعد أن عادو من الكنيسة ذهبوا إلى القاعة التي فيها الفرح كانت من أجمل الليالي التي مرت على هادي وذهب هو وعروسته قضوا شهر عسل في أجمل مكان في مصر كان هادي وأسرته اغنياء جدا حقا استمتع هادي بهذه الفترة كانت زوجته جميلة جدا جدا وقد يكون الجمال نعمة لصاحبه وقد يكون نقمة ومع الأسف في هذه الحالة كان نقمة على هادي وزوجته التي رغم جمالها لكن خلقها عكس خلق هادي تماما حيث كان هادي فعلا اسم وصفة أما زوجته فتجلب عليه من المشاكل ما لا يطيقها زوج من زوجته ابدا ولم تكتفي زوجة هادي بأنها سبب في مشاكل مع جيرانها واهل زوجها فقط لكنها كانت تنغص على هادي حياته فكر هادي كثيرا في أن يتخلص من تلك المشاكل سواء بأن يحلها أو يتخلص من زوجته نفسها ذهب إلى ابوها واشتكا له وكلمها بالحسنى لم تستجب لأي شيء. ذهب هادي إلى كبير الكهنة في الكنيسة وقص عليه الاحداث فقال له كبير الكهنة اصبر واحتسب ولك الأجر يبني ومن المتوقع من خلق هادي أن يصبر لكن لم يطق أن يعيش معها ظل هادي يفكر في حل فلم يجد أمامه سوى حل واحد ووحيد فكر في هذا الحل لكنه لم يفكر في عواقبه لعل القدر هو الذي منعه أن يفكر في عواقب هذا الحل.فبينما هو جالس في بيته إذ نده على زوجته ورغم سلوكها السيء وتصرفاتها المسيئة والمستفزة التي تجلب المشاكل نده عليها بهدوء فجاءته تتمختر وتقول له باستفزاز عاوز ايه قال لها اجلسي فجلست وقالت له عاوز ايه ورايا شغل في المطبخ قال لها انتي التي تنغصين عليا حياتي وجعلتيني اعيش في هم بالليل ومزلة بالنهار أنا لقيت الحل الذي سيخلصني منكي ومن مشاكلكي التي لا تنتهي ومن مصيري المؤلم التي ربطني بكي ضحكت زوجته وهمت بالقيام لكنها تفاجأت عندما قال لها زوجها.. أشهد أن لا إلاه إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله قالها من قلبه حقا نعم القدر الذي جعل من هذا الشخص مسلما وانقذه في الدنيا والآخرة قالت له زوجته وأنا أشهد أن لا إلاه إلا الله وأن محمد رسول الله قالتها بلسانها ولم تخرج من قلبها فقال لها زوجها طالما أعلنا إسلامنا فانتي طالق طالق طالق وكان يقولها بحرقة وفرحة في نفس الوقت فرحة لأنه تخلص منها وفرحة خفية لأنه دخل في الأسلام لكن ظن هادي أنه سيعيش حياة مستقرة بعد هذا الحدث لكن سرعان ما ذهبت زوجته إلى أهلها واخبرتهم الخبر انطلقوا جميعا إلى بيت هادي ليتيقنوا من الخبر قال لهم نعم أنه فعلا الحل الذي سيريحني في الدنيا من تلك الزوجة الكئيبة وفي الآخرة سيدخلني الجنة بإذن الله وكعادة المسيحيين أنه إذا أسلم منهم شخصا تركوه ثلاثة أيام لو لم يعد إلى رشده قتلوه. قالوا يا هادي سنعطيك فرصة ثلاثة أيام لو لم تعد إلى رشدك قتلناك وفي هذه الأيام الثلاثة لم تستطع الخروج من بيتك فكر هادي في الهروب لكنه لو هرب من البلد أين سيزهب ولو خرج لم يستطع أن يأخذ معه أقل شيء يكفيه حتى يصل إلى أي مكان فعلا في منتصف الليل قام هادي وخرج من البلد بسلام وإلى الآن لا يدري كيف خرج من كل الحصارات التي تحيط به من كل جانب لعل عناية الله هي التي ساعدته في هذا الأمر بعد أن إنتهى هادي من قصته شعرنا بالتعب لأننا سهرنا كثيرا فنمنا في منازلنا وقبل أن نذهب سلمنا على بعض بنظرات معناها أننا لا نريد الفراق حقا لم أشعر بينهم بأي فرق ابدا عشنا في هذه الحارة سنوات أصبح فيها كل واحد مننا كالكتاب المفتوح بالنسبة للآخرين عرفنا في هذه الفترة صفات كل واحد مننا صرنا نعرف كل شيء عن بعض عرفوا أني كالطفل أحب من يشعرني بالإهتمام عصبي الطبع طيب القلب أستطيع وضع الخطط وسرعان ما أزعل لاتفه الأسباب لكن سرعان ما اهدأ بأقل كلمة عرفوا كيف يدخلوا لي مهما كنت متعصب أو حزين عرفت عبير كيف تهدأني وعرف هادي كيف يخرج مني ما هو السبب في تغييري وعرفوا في شخصيتي أني رومنسي جدا وكيف كنت أحب هدى. أما عن عبير فعرفنا أنها حقا أمنا واختنا الكبيرة حنونة جدا تحبنا جدا لكنها سرعان ما تصدق أي أمر وقد نكون نتكلم في شيء جاد تقلبه عبير هزارا لكن رغم هذا كانت خفيفة الظل . أما عن هادي فحدث ولا حرج أحببته جدا كان هادء الطبع قوي الجسم ذكي جدا وأهم صفة فيه أنه كان يشعر بنا دون أن نتكلم حقا كان يسمع صوت غيره أي أنه كان يشعر بما في داخل غيره حتى لو كان يظهر عكسه. ولم يحدث بيننا أي خلاف حتى لو حدث كنا نتجاوزه لكن ما كسبناه في تلك الفترة هو أن ثقتنا في بعض كانت بلا حدود ففي يوم من الأيام اقترحنا أن نذهب إلى بلادنا لكن ليس كل واحد فينا على حدا لكن كلنا مع بعض بهدف حل المشاكل التي واجهتنا في بلادنا كان هذا الأمر صعب علينا وخاصتا على هادي لأنه صاحب أكبر مشكلة فينا مهما كان حجم مشاكلنا أنا وعبير فإنها بصيطة بالنسبة لمشكلة هادي وافقنا بعد حوار طويل دام شهور ونحن نتناقش في هذا الأمر ونضع الخطط لحل هذه المشاكل لكن ما غفلناه هل هذه الخطط ستحل هذه المشاكل وهل الوضع في بلادنا كما نحن نتخيل أم اختلف عما تركناه خاصتا أننا تركنا بلادنا منذ سنوات لم نكن نستطع أن نحكم إلا إذا عدنا لبلادنا وفعلا قررنا أن نذهب إلى بلدي أنا أولا فرحت جدا لأني سأرى هدى بعد إستحالة من رأيتها ورغم المدة التي مرت على فراق هدى لم يقل حبي لها فذهبنا إلى بلدي ودخلنا بيتي في منتصف الليل فوجدنا البيت كأنه لم يدخله أحد منذ خرجت من البلد فلم نستطع الجلوس فيه إلا بعد تنظيفه فغلبت على عبير طبيعتها الأنثوية رغم أننا كنا متعبين جدا إلا أنها طلبت منا أن نساعدها في تنظيف البيت دون أن نشعر ظللنا للصباح ننظف في البيت وتفاجئنا أنا وعبير وهادي عندما كنا ننظف غرفتي بظرف كبير مكتوب عليه مستنياك هتوحشني فقرأت هاتين الكلمتين على الظرف عرفت أن هذا خط عبير لكن كيف أتى هذا الظرف إلى هنا وماذا يوجد فيه ففتحت عبير الظرف وقرأت لنا ما هو مكتوب فيه السلام عليكم حبيبي لم يكن حبي لك أقل من حبك لي فأنت ضحيت من أجلي بكل شيء وتركت بلدك خوفا على سمعتي وحبا فيا اشتقت اليك اكثر مما اشتاق لنفسي احتاجك اكثر مما احتاج سعادتي انت بعيد والآلام بي تزيد يا لروعة لقياك وجمال بسمتك الناعمة والآن يا حبي الوحيد سأكتب اليك عن جميع ما عانيت به اثناء غيابك عني جئت اكتب عن الحب لتعلم انك اكثر من أحببت جئت اكتب عن الالم لتعلم كم تالمت اثناء غيابك عني جئت اكتب عن الوحدة لتعلم انني كنت وحيدة من دونك جئت اكتب عن العذاب لتعلم انني تعذبت لاجلك جئت اكتب لك عن الربيع ولكنه كان بالنسبة إلي شهر الامطار والعواصف الغزيرة جئت اكتب عن الذكرى لتعلم انك الذكرى الوحيدة في حياتي جئت اكتب عن السعادة التي لا طعم لها اثناء غيابك وكل هذا لأقول لك انني سافرح كثيرا عندما تأتي إلي وتبقى قربي وتبقى لي حتى انقضاء الدهر عندما تقرأ هذا الخطاب فاعلم أني في حالتين إما أن أكون في الدار الآخرة وإما أن اكون في انتظارك وأنا لا أبالي بما يحدث لأني حقا أحبك.