كتبت يمني مختار
«العمى بصّرنى بأنى لو بقيت كفيف زى كل المكفوفين فلن أحقق شيئاً».. هكذا وفى جملة واحدة يحاول السيد الشيشينى أن يزيل دهشتك من المستوى الذى استطاع تحقيقه، على الرغم من أنه كفيف.
فالشيشينى هو أول خبير فى التنمية البشرية من المكفوفين، لم يكمل بعد عامه الثلاثين، إلا أنه أدرك منذ البداية أنه لن يكون له مكان فى المجتمع ما لم يتميز.
فهو يعتبر أن كف بصره هو نقطة التحول الحقيقية فى حياته، كما تنبأت له أسرته التى كانت تؤكد له دوما، أنه سيصل إلى مكانة مميزة.
التحق السيد الشيشينى بقسم التاريخ بكلية الآداب، ولم يكن ذلك سوى خطوة على الطريق، بعدها اتجه إلى دراسة الكمبيوتر، وحصل على شهادة تقدير وميدالية من الأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا ووزارة الاتصالات لتفوقه.
ولأنه كانت تشغله فكرة التميز، كان دائم البحث عن أسرار النجاح، ووجد ضالته فى إحدى محاضرات التنمية البشرية للدكتور إبراهيم الفقى، وأثناء تلك الدراسة استطاع الشيشينى أن يؤلف كتاب «أسرار القراءة باللمس».
درس أيضاً الخرائط الذهنية، وتمكّن من تطويعها ليستخدمها المكفوفون وضعاف البصر، ليصدر بعدها الكتاب الأول من نوعه فى هذا المجال تحت عنوان «أسرار الخرائط الذهنية للمبصرين والمكفوفين».
الشيشينى منجذبا للإعلام منذ طفولته، حيث كان حريصا على متابعة سير العظماء من المكفوفين، وخاصة طه حسين وسيد مكاوى أما ما يطلق عليه «برامج تحدى الإعاقة» فيصفها بأنها «وجع قلب» لا يحبه، فالبرامج التليفزيونية كما يراها تتعمد إظهار المعاق فى صورة الضعيف، يضيف: «من الممكن أن نجد فى أمريكا عضواً فى الكونجرس من المعاقين، فهو هناك كالشخص العادي، بل إن مكتبة الكونجرس تصدر عنها بعض الإعلانات التى تشجع الطلاب على اختيار معلم كفيف، فهناك بالفعل إعلان يقول (هل تعرف كم ستستمتع إذا كان معلمك كفيفاً؟!)، أما المعاق لدينا، فلا يحصل على أبسط حقوقه فى الحياة.
ويعتبر الشيشينى المعاق المحظوظ حقا، أنه ذلك الذى يكتشف ذاته ويحول نفسه إلى شخص متميز، وينخرط فى المجتمع بوعى وإصرار، و يتجاوز بيع المناديل فى إشارات المرور أو التسول.
فرغم افتقاد المعاق فى مصر لأى برامج أو مراكز تأهيلية، فإن هناك نماذج تبرز، وهى التى تعلم نفسها بنفسها، فتظهر كنماذج عبقرية تعطى الأمل لكثير من المكفوفين والمبصرين، يقول: «رسالتى هى تغيير نظرة المجتمع للمعاقين.