زوج وزوجة اجتمعا علي الحب وقررا تكوين أسرة صغيرة مستقرة إلي هنا قد يبدو الأمر عادياً حتي لو قابلتهما بعض الصعاب فالحياة كفاح ومحاولات لا تنتهي للوصول للأفضل.. ولكن المسألة تحتاج للتأمل إذا كان أحد الزوجين أو كلاهما
من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن قرروا النجاح رغم قسوة الظروف.. وظلم المجتمع أحياناً.. وعدم استيعاب الأهل لهذا الزواج في أحيان أخري.. والنماذج الناجحة كثيرة ممن جمعتهم ريهام المصري في "جروب" زواج أهل الإرادة والتحدي في لقاء ثقافي لعرض تجاربهم بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة هذا الأسبوع.
في البداية تقول/ ريهام المصري مؤسسة جروب زواج أهل الإرادة والتحدي: لابد أن نظهر للمجتمع أننا قادرون علي الحياة وتكوين أسرة سعيدة ولهذا كان لابد أن ينزل المعاق من منزله. نخرج جميعاً لنتعارف علي بعضنا البعض لنعيش حياتنا ونكون موجودين ونتزوج ويكون لنا أولاد فهذا حقنا. ومن هنا كانت فكرة الجروب ومن هنا أيضاً خرجت بأعضاء الجروب الذين وصل عددهم إلي حوالي 1500 من حيز الفيس بوك إلي أرض الواقع وبدأنا نلتقي من خلال الرحلات والحفلات واللقاءات الثقافية.
تضيف.. جميل أن تقوم الزيجات علي مبدأ تكافؤ الإعاقات لتستمر الزيجة بشكل أيسر. فالإعاقة البصرية مثلاً مع الحركية وهكذا ولكن الأجمل أن تتوافق القلوب قبل الإعاقات فأصحاب هذا التآلف سيكونون قادرين علي تحدي العالم والوصول للنجاح مهما كانت الظروف.. وتوضح.. الجروب عمره عامان ومنذ شهر مايو الماضي أتممنا ست زيجات.
ويشير محمد زغلول- مستشار رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة للتمكين الثقافي لذوي الاحياجات الخاصة- إلي أن إقدام ريهام المصري علي إنشاء هذا الجروب يعد فكرة جيدة للتجميع والتشبيك بين ذوي الاحتياجات الخاصة الراغبين في الزواج ولهذا أردنا أن نأخذه منطلقاً للغوص في سائر القضايا التي تمس اهتماماتهم.
وتري هند عبدالفتاح- المدربة المحترفة للتنمية البشرية- أن فكرة الزواج هي التي يجب أن تفرض نفسها علي الطرفين بصرف النظر عن التركيبة الجسدية وإلا سنتعامل مع بعضنا البعض كآلات ويبقي كل منا عن شريك حياة "فول أوبشن" وهذا يحتم أن نتعلم كيف نخطط لحياتنا بعيداً عن الخوف من المستقبل أو من الفشل أو رفض المجتمع ولنصل إلي هذا لابد من التخلص من النظرة المشوشة للذات.
غدير أحمد أمر الله- ليسانس آداب وربة منزل- تقول: تعرفت علي زوجي عن طريق الانترنت ومن خلال أحد المواقع التي تناقش مشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة واستغرقت مسألة التعارف حوالي شهرين وتمت الخطبة بعد ثلاثة أشهر.
تضيف.. أصبت في حادث وعمري 14 سنة سبب لي إعاقة حركية وزوجي شريف ياسين مصاب بشلل رباعي "cb" منذ الولادة وبالطبع فإن هذا كان كافياً لأن يصطدم ارتباطنا برفض الأهل من الجانبين لكن حبنا واقتناعنا فكرياً وعاطفياً ببعضنا البعض جعلنا نتغلب علي المشاكل التي استمرت لآخر لحظة والحقيقة أنني وجدت في زوجي مثلاً صارخاً للتحدي فرغم إصابته إلا أنه مترجم بمستشفي سرطان الأطفال وبعد حصوله علي بكالوريوس التجارة حصل علي دبلومة حاسب آلي وماجستير في الإحصاء وحالياً في طريقه للحصول علي دبلومة إدارة مستشفيات كما أنه مؤسس موقع صوت المعاق.
وتؤكد.. الإعاقة في حد ذاتها ليست مشكلة فالمعاق يجيد عمل كل شئ لكن بطريقة مختلفة وكل ما يطلبه ممن حوله أن يصبروا عليه لكي ينجز بطريقته. نفس الشئ بالنسبة للزواج فلا أنكر أننا قابلنا مشكلات ومعوقات لكنها تقريباً نفس المشكلات التي تقابل أي زوجين وتزيد قليلاً فبسبب الإعاقة مثلاً كان لابد أن نسكن في شقة بالدور الأرضي وكان الإيجار الجديد هو الحل رغم أنه يبتلع نصف دخلنا الذي لا يزيد علي 1200 جنيه شهرياً لتقابلنا بعد ذلك أكبر مشكلة وهي التحركات والمواصلات ولكن بركة ربنا تساعدنا علي الاستمرار ونحن الآن في انتظار طفل.
حسن البكري- مأمور ضرائب بالمنيا ومصاب بشلل أطفال يقول: قابلتها بإحدي وسائل المواصلات وهي من نفس قريتي وحدث تعارف وقبول إقدام علي الارتباط بعد موافقتها رغم أنها سوية ولهذا عارض أهلها بشدة إلا أن القدر جمعنا بزواج ناجح استمر لمدة ست سنوات حتي الآن.
مها محمد مصطفي ربة منزل وبطلة الجمهورية في القرص والمركز الثاني في الجلة تقول: تعارفنا كان بنادي الوفاء والأمل فأنا لاعبة ألعاب قوي وزوجي ياسر عنتر لاعب سلة ونحن الاثنين من ذوي الإعاقات الحركية ولهذا كانت هناك معارضة من الأهل بدافع الخوف علينا من تحمل مسئوليات الحياة إلا أن هذه المسألة انتهت بعد الزواج.
تضيف.. بدون شك أن المعوقات كثيرة ولكن الحمد لله ربنا كرمنا بشقة المعاقين بعد معاناة طويلة ورغم أن مرتب زوجي من عمله كعمل إطارات بأحد المصانع لا يزيد علي 500 جنيه يضيع منها 300 جنيه مواصلات. ولا أدري ماذا سيكون حالنا بعد إنجاب أطفال.
هانم أحمد عبدالله- أمين صندوق جمعية مستقبل الكفيف وتنمية قدرات الفئات الخاصة- تقول: تزوجت من 18 سنة ورغم صغر سني وقتها إلا أنني وافقت علي زوجي فاقد البصر قبل أن أراه لما سمعته عنه فقد توفيت زوجته الأولي فجأة بعد أن تركت له طفلاً صغيراً ورغم إعاقته لم يفكر في الزواج مرة أخري إلا بعد 7 سنوات ووسط رفض أهلي كان إصراري علي هذا الرجل الذي أسرني بإخلاصه وشخصيته الودودة الحنونة والمحترمة أيضاً مما أرضي رغباتي كامرأة ريفية وبهرني بإصراره علي النجاح الذي وصل به أن يكون مستشار الهيئة العامة لقصور الثقافة للتمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة. فزوجي لا يعرف الاستسلام.
إيهاب يونس- إخصائي اجتماعي بوزارة التضامن الاجتماعي ومنشد بالإذاعة والتليفزيون ومبرمج كمبيوتر وهواتف محمولة للمكفوفين وخطيب بأحد المساجد- يقول: رغم فقداني للبصر إلا أنني كنت رافضاً مسألة الزواج من كفيفة فبحكم عملي كنت أحتاج لمن تعينني علي انتقاء ملابسي والقراءة لي عند إعداد خطبة الجمعة ولكن قادني القدر لزيارة أحد أصدقائي من فاقدي البصر بمنزله ولأول مرة وشاهدت كيف يتعامل مع زوجته الكفيفة وكيف تقود هي منزلها وبكفاءة وجذبتني ابنتهما الكفيفة أيضاً بتحديها لظروفها ورفضها لكلمة مستحيل وحركت بداخلي عاطفة نحوها جعلتني أعدل عن أفكاري وأعقد العزم علي الزواج منها وأتحدي بحبها العالم وهذا شئ طبيعي فليست هناك صعوبات تستوقفها فالعقبات للأسف هي ثقافة المجتمع الذي يتعامل علي أن المكفوفين ما هم إلا متسولون وأعتقد أن هذا ناتج عن وسائل الإعلام والدراما التي تظهرهم دائماً عاطلين.. متسولين وغير نافعين لمجتمعهم رغم أن منهم الكثيرين علي مر العصور أثروا بشكل إيجابي في مجتمعاتهم.
ويهمس إيهاب في أذن كل شاب معاق "ارتبط بمن اختارها قلبك فما دام هناك حب ستتولد طاقة التحدي للدنيا كلها".
وتستكمل زوجته هناء أحمد مبرمجة كمبيوتر الحديث قائلة: اخترت زوجي وأنا سعيدة باختياري فتفكيرنا واحد وأشعر أن كلا منا يكمل الآخر رغم الإعاقة والحقيقة أننا اتفقنا أن نبني أسرتنا علي مبدأ التعاون والشوري.
تضيف: أن زوجة حديثة وحالي مثل أي زوجة في مكاني أحاول أن اكتسب بعض الخبرات ممن سبقوني في الزواج سواء في تنسيق المنزل أو المطبخ كما أعتمد أنا وزوجي كثيراً علي الكمبيوتر الذي اعتبره شريكاً ثالثاً في أسرتنا الصغيرة. وإذا كان القدامي قالوا إن الحاجة تولد الاختراع. فأنا أقول إن المسئولية تولد الاختراع.