ابتسامة رضا أنارت الوجوه، وعزيمة أعلت الهمم، وبارقة أمل لمعت في العيون، وقوة إيمان تعدّت حدود ما ظنّه البعض في عداد المستحيل.. 10% من سكان العالم من "أصحاب الإرادة" دافعوا عن حقّهم في الاختيار وممارسة حياتهم الطبيعية، أيقنوا فأثبتوا أن إرادة الله لا تضاهيها إرادة.

حول هذا المعنى انعقد ملتقى ثقافيٌ يوم الخميس الماضي، بقصر ثفافة روض الفرج، تحت عنوان "مشكلة زواج أهل الإرادة والتحدي من ذوي الاحتياجات الخاصة"، وقد نظّم له الأستاذ "محمد زغلول"، رئيس مكتب التمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، وانقعد الملتقى برئاسة د. "أحمد مجاهد".

احترام الآدمية حقّ للجميع
بداية أكّد الأستاذ "محمد زغلول" أن الحديث عن المشكلات التي يواجهها ذوو الاحتياجات الخاصة قد عفا عليه الدهر، فهناك العديد من النماذج الناجحة، فهم آدميون لهم حقوق، ولا بد أن ينالوها بمعرفة ومشاركة ومساندة المجتمع.

من جانبه أوضح الدكتور "ذكي عثمان" -أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر- أن الزواج حقّ مكفول للجميع في مختلف الديانات السماوية، مستندا على بُعدين: الأول أننا إذا كنا متفقين على أن ذوي الاحتياجات الخاصة أُناس ينتمون لبني آدم، وأن القرآن الكريم لم يأتِ بآية تخاطب الأصحاء فقط، بل خاطب جميع الأجناس والأنواع، فحينما يقول تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، فهذا يعني أنهم مكرّمون لهم ما لنا وعليهم ما علينا، كما أنه تكريم مبني على حقيقة إنسانية {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى} فكيف إذن نحرمهم -نحن البشر- حقّهم الطبيعي في ممارسة الحياة والزواج.

أما البُعد الثاني فهو أننا حينما نتحدّث عن حكم الزواج، فهو إما أن يكون واجبا للشخص القادر ماديا وصحيا وعقليا، أو يكون جائزا لمن لديه أي سبب لتأخير الارتباط، أو مندوبا مباحا، أو حراما لفاقدي العقل وما شابه ذلك، وهي أحكام تنسحب أيضا على ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كما نطلق عليهم "أصحاب الإرادة"، بل وفي بعض الحالات يكون زواجهم واجبا، إذا توفّرت القدرة المادية والصحية والعقل والقدرة على الاختيار.

لا ضرر ولا ضرار
وعن دور الولي أو الوصي أكد د. "ذكي عثمان" ضرورة ألا يقفا في طريق زواج أبنائهما من "أصحاب الإرادة"، إذا استطاع الاثنان أن يتواءما ويتعاملا مع حياتهما بكل إصرار وشجاعة، تطبيقا للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار"، فلا بد من التيسير كما دعت جميع الديانات السماوية التي تعرف وتحترم حقوق النفس الإنسانية.

وعن الجانب النفسي تحدّث الدكتور "طارق معوض" -عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للدراسات والطفولة بجامعة عين شمس- معرّفا المعاق بأنه الإنسان الذي لديه قصور أو ضعف حسي أو جسدي لا ينقص من إنسانيته أو آدميته.

وأشار د. "معوض" إلى أن نسبة ذوي الإعاقة بلغت 10% من سكان العالم، ربعهم من الأطفال، وذكر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن 80% من المعاقين يعيشون في الدول النامية، وأن مصر بها 8 ملايين معاق.

وعن حقّ المعاق جسديا في الزواج، فالفيصل الوحيد هو العقل ومدى التأهيل النفسي والمادي والاجتماعي، فعلى الفرد أن ينظر لنفسه ويحدد مدى قدرته على تحمل مسئولية فتح بيت، مثله مثل الإنسان الطبيعي.

أما الأسر التي تتعمد عدم إظهار أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة وكأنهم "عار" فعليها أن تلغي هذا التفكير، وتتذكر قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}، وتأتي المسؤلية الأخيرة على المجتمع، فعلى الرغم من أننا في عصر السماوات المفتوحة فإن عقولنا لا تزال مغلقة، متناسين أن الإنسان بعمله وعطائه.

معوّقات التخطيط السليم
بدورها تناولت الأستاذة "هند عبد الفتاح" -عضو المؤسسة العربية الكندية- موضوع مشكلة زواج "أهل الإرادة والتحدي" من ذوي الاحتياجات الخاصة من منظور التنمية البشرية، مشيرة إلى العوامل التي تبعد الجميع أسوياء و"أهل الإرادة" عن التخطيط السليم للأمور.

ويأتي الخوف من الغد في مقدمة هذه الأسباب، سواء الخوف من رفض أو اعتراض الآخرين لهم، أو الخوف من تعامل الفتاة الكفيفة مع أبنائها.

ثم النظرة المشوّشة للذات، فماذا ننتظر من إنسان اهتزّت صورته عن نفسه حتى فقد ثقته بها، فلن يقدم على إنجاز أي شيء وبالتالي لا يؤمن به الآخرون، مخالفا لما نؤمن به "أروا الناس من أنفسكم خيرا".

العصبية الشديدة وعدم تقدير العاطفة الزائدة عند الآخرين، والناتج عن عدم الدمج بين الأصحّاء وبين أصحاب الاحتياجات الخاصة في المدارس، وحتى حينما يتم إلقاء الضوء على أصحاب الإرادة يقتصر الأمر على النماذج الفذّة.

هذا بالإضافة لسوء التخطيط وعدم التكيّف مع ثقافات الآخرين، والحكم بناء على المظهر الخارجي، علما بأن هناك أشخاصا أسوياء وقدرتهم محدودة وتنفد سريعا.

نماذج مشرقة
وفي ختام اللقاء ألقت الأستاذة "ريهام زكي" -مؤسسة منتدى أهل الإرادة على فيس بوك- الضوء على أسر لم تقف لكونها مكوّنة من زوجين من ذوي الاحتياجات الخاصة موقف الضعيف المتخاذل المستسلم أو المتذمّر من مشاعر الآخرين الفياضة.

أسر آمنت فوثقت فتعدّى طموحها الحدود، وأصبحت نماذج يحتذي بها الأشخاص الأصحاء من الذين منحهم الله سلامة الحواس، لكنهم نسوا أن الإعاقة الحقيقية ليست في الذهن أو الجسد، لكنها في الأشخاص الذين ارتضوا أن يحيوا حياة بلا إيمان ولا عزيمة ولا إرادة ولا طموح.

المصدر: رانيا فهمي بص وطل
7milliondisable

فريق عمل الموقع

جمعية7مليون معاق

7milliondisable
جمعية7مليون معاق مشهرة برقم3809 ـ بتاريخ 5/1/2011 ـ وهي جمعية للاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواعها:(الحركية-البصرية-الذهنية-السمعية ) »

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

206,406