<!--<!--<!--<!--
كانت البداية بانتفاضة شبابية، سرعان ما تحولت إلى ثورة شعبية، بعد اتساع نهرها أفقيا ليعم كل المحافظات المصرية، ورأسياً ليشمل كافة الفئات والطبقات الاجتماعية. تجاهها انتقل موقف النظام من الاستهانة إلى الذهول، ثم محاولة المناورة وكسب الوقت، فالترنح فالسقوط، تتخللها انفراده بارتكاب جريمة هي الأشنع في التاريخ المصري، عندما سحب الشرطة من مواقعها وأطلق المجرمين والأشقياء من السجون على الشعب، بغية عقابه وتأديبه، فاستحق السقوط المدوي غير مأسوف عليه.
ثم دلفنا إلى المرحلة الانتقالية وهي الأخطر، إذ بموجبها ننتقل من النظام السلطوي إلى النظام الديمقراطي، حيث تنقسم الثورات إلى مرحلتين، هدم النظام القديم ثم إعادة البناء على أسس جديدة، وهنا تبرز الخطوات اللازمة لإتمام التحول بشكل كامل.
فينبغي هدم بنى الاستبداد بالتخلص من أشخاص النظام الساقط ومؤسساته وأدواته؛ لقطع الطريق أمام أية محاولة للثورة المضادة.
فأولا: ينبغي على القوى الثورية أن تتفق على قيادة توافقية تمثلها، و«التمأسس» في تشكيل تنظيمي حركى وليكن اسمه ( القاعدة الشعبية لثورة التحرير) يتشعب في كل مناطق الجمهورية، تمهيداً لخوض الانتخابات البرلمانية بقائمة ائتلافية موحدة، تضم كافة ألوان الطيف السياسي لقوى الثورة، وهو ما يستلزم الخروج من ضيق الحزازات الإيديولوجية إلى سعة التوافق على الأهداف والمبادئ الكلية، مراعاة لضرورات اللحظة التاريخية.
وبالتزامن مع هذا، يتعين إجراء حوار وطني شامل بين الروافد الفكرية الأربعة للجماعة الوطنية (الإسلامي- القومي- الليبرالي- اليسارى) ومكوناتها وشرائحها المختلفة، للتوافق على مبادئ عامة تمثل أرضية مشتركة يقف عليها الجميع، في هذه المرحلة الحساسة التي لا تحتمل البدء بإثارة خلافات إيديولوجية حول تفاصيل قد يمكن التحاور حولها لاحقا.
ثانيا: تأتي المهمة الأصعب والأخطر، وهي تفكيك «الطبقة الطفيلية» التي اعتمد عليها النظام الساقط، وهي شبكة اقتصادية-اجتماعية أرضعت فساده وكبرت وسمنت من «منافعه»، وهي خليط من قيادات أمنية، وأجهزة الحكم المحلي، ورجال أعمال، وموظفين عموم، مثل قيادات الجامعات، الكليات ، الأقسام ومديري المؤسسات،المصالح ، الهيئات ، القطاعات ، بل وحتى كبار الموظفين بالإضافة إلى ذراعها الإعلامي، فهي تمتلك كافة عناصر الحركة من مال سياسي وقدرات تنظيمية، نظرا للتداخل الشديد بين الحزب الوطني السيئ الصيت والمحليات، والمعركة مع تلك الشبكة من الأهمية والخطورة بمكان، وهي ليست بالهينة أو القصيرة وإنما تحتاج إلى صبر وإصرار.
ثالثا: ترسيخ ثقافة «الانتخاب» وتسييد الكفاءات المخلصة في كافة مؤسسات الدولة بدلا من ثقافة «التعيين» واختيار أهل الحظوة التي اعتمد عليها النظام الساقط، فعين قيادات الجامعات والمحافظين والعمد،كبار الموظفين ، وهو الأمر الذي يستلزم تعديل العديد من التشريعات المنظمة لعمل العديد من الهيئات، كي تستعيد كفاءتها، وهو أمر سيستغرق وقتا حتى تتشرب التربة المصرية آليات المرحلة الجديدة بعد حقبة رديئة، تعرضت فيها مؤسسات الدولة لعمليات تجريف قاسية اقتلعت النخيل وأبقت على الحشائش و" النجيــــل"!!.
بالتزامن مع الخطوات السابقة، يتعين الإبقاء على جذوة الفكر والعمل الثورى مشتعلة في العقل والضميرالجمعي الوطني ، بما يضمن قيادة وتوجيه الفكر والسلوك الشعبى نحو محاربة الفساد ورفض الفاسدين، حتى تستكمل الثورة خطواتها وتؤتي أكلها، فوتيرة الإصلاح هي انعكاس لمدى بقاء التوهج الثورى الشعبي حاضرا وفاعلا وقادرا.
المصدر:
( بتصرف من القاعدة الشعبية لثورة التحرير)