عالم السياسة والثقافة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم
المجير من ملك الموت ( عزرائيل )
من طرائف العرب الأوائل أنّ أَن جَاءَ الْأَعْشَى عَلْقَمَة مستجيرا بِهِ فَقَالَ أجيرك من الْأسود والأحمر قَالَ وَمن الْمَوْت قَالَ لَا فَأتى عَامِرًا فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ وَمن الْمَوْت قَالَ نعم قَالَ وَكَيف قَالَ إِن مت فِي جواري وديتك ( أي دفعت ديتك لأهلك ) , فَقَالَ عَلْقَمَة لَو علمت أَن ذَلِك مُرَاده لهان عَليّ .
أمّا قصّة اليوم فهي من قصص العرب المعاصرين , فقد حدثني بها بطلها , وشهد له ثقات بصحتها , فقال بطل هذه القصّة : كانت تجاورني أسرة ساذجة مكونّة من الزوج والزوجة وأطفالهما , وأمّ الزوج , وفي إحدى الليالي حوالي منصف الليل سمعت صراخ الزوجة , فخرجت استطلع الخبر , فشاهدت إخوان الزوج يجرون سراعا باتجاه بيت ذلك الجار , فسألتهم مستفسرا فلم يلتفتوا لي , فدخلوا البيت وأنا أقف على الباب انتظر الإذن , فأطلّ عليّ أحدهم وأذن لي بالدخول , فدخلت , فوجدت الزوجة تصرخ هي وأطفالها والأمّ ترسل الدموع بصمت وقد خيّم عليها الحزن , والزوج يصلي , وكلّما سلّم التفت إليهم , طالبا منهم المسامحة , متلفظا بألفاظ الوداع المعروفة من ماركة بخاطركم يا حبايبي , ديري بالك على أمّي وعلى الأولاد ............. !!!
قال : فاستفسرت عمّا يجري , فأخبرت بأنّه رأى في المنام ( الحلم ) أنّه سيموت هذه الليلة فهو يصلي , ويودّع أسرته , وملك الموت على الباب يهمّ بالدخول !!!!!!!
قال الراوي : فانتهرت ملك الموت قائلا إنّ جاري فلان بوجهي , ولن أسمح لك بوصوله , ثمّ ناديت على جاري المصلي وقلت له : انتهى أنت بوجهي , وعزرائيل قبل الدخل وهو الآن يغادر , ولن يعود إليك ....... !! فالتفت إليّ والحزن باد عليه قائلا : يعني خلاص , فكرك (ما يقطع وجهك ) ؟؟ قلت أبدا لن يستطيع لأنّه إن فعل سأطلبه بحقّ عشائري عند جبريل عليه السلام , وأنت تعرف خطورة حقّ الوجه ....... فأطمأن وسكن , وصمتت الزوجة فخرجت وهم يودعونني بالدعاء ....... ولا يزال الزوج حيّ يرزق .
ترجمة بعض العبارات نزولا عند طلب أستاذنا سليم المعاني :
تقطيع الوجه = خفر الذمة بلسان العرب الأوائل , وهو يعني الاعتداء على من استجار بك ( دخل عليك ) , وتقطيع الوجه يعدّ من الجنايات الكبرى في القانون العشائري , فلو قتل الدخيل فإنّ القاتل يلزم بدفع أربع ديات لأهله , ويدفع لصاحب الوجه أربعين ناقة وضحاء (بيضاء اللون ) يقودها عبد وتسوقها جارية , مع كسوة بيت صاحب الوجه بالقماش الأبيض .......
فلاح أديهم المسلم