لينا هنداوي .. تتحدث لموقع عالم السياسة الإخباري عن قصة اعتقالها
لينا هنداوي .. تتحدث لموقع عالم السياسة الإخباري عن معاناة الأسيرات الفلسطينيات في سجون الإحتلال الصهيوني
عالم السياسة الإخباري .. نصر الزيادي ( خاص لعالم السياسة الإخباري )
رغم معاناتها والامها .. وجراحها القاسية .. استقبلتني بابتسامة عريضة .. تخفي ملامح الألم والحزن خلفها .. وبلسانها الذي لاحظت فيه ثقل الكلام .. لم تكف به بالترحيب بي .. جلست بجانب سريرها التي ترقد عليه في إحدى المستشفيات الأردنية الخاصة .. وكان برفقتنا مرافقتها التي جاءت معها من فلسطين فتاة شابه .. لم ينقطع لسانها عن الترحيب بي أيضا .. نظرت بعينها التي تنظر بهما لي نظرات تفحص .. فرأيت فيهما الاف الكلمات .. وشعرت بكلمات عينيها بعتاب شديد .. وأسئلة ربما لا حصر لها .. أين أنتم يا شباب الأمة من أخواتكم الأسيرات ؟ أين رجولتكم التي تتبجحون بها هنا وهناك ؟ تلعثم لساني وتبعثرت كلماتي أمام أسئلة عينيها .. وشعرت بضعفي أمام بطولتها كأنثى .. سكت برهة .. ثم شجعت نفسي وبدأت أجمع شتات كلماتي لأبدأ معها الكلام .. وبدأت أيضا هي تسرد لي قصتها ومعاناتها المؤلمة .
لينا رأفت هنداوي .. مواليد عام 1977م .. من جنين .. قالت : في الساعة الثانية بعد منتصف ليلة 26-9-2004 قامت قوات جيش الاحتلال الصهيوني بتطويق منزلنا .. والحي الذي أسكنه بكامله وبمئات الجنود المدججين بأسلحتهم الفتاكة .. واقتحموا منزلنا دون استئذان .. وكان بالمنزل والدي ووالدتي وزوجة أخي وطفلين الأول منهما بلغ من العمر 4 سنوات والاخر سننتين .. وقاموا باعتقالي امامهم جميعا تحت حالة من الرعب والخوف لجميع أفراد أسرتي .. ولوالدتي والطفلين بشكل خاص .. وطلبوا من والدي مرافقتي لعدم وجود مجندة معهم أثناء الإقتحام .. واقتادوني لمعسكر سالم غرب جنين .. وهناك تم الافراج عن أبي وبقيت عندهم وحدي .
أمضيت يوما كاملا في هذا المعسكر تحت تحقيق عشوائي .. ثم أرسلوني الى سجن ( هاشرون ) في منطقة " فتانيا " بالقرب من تل الربيع " تل أبيب " .. وتم توقيفي إداري لمدة ثلاثة أشهر .. اقتادوني خلالها الى المحاكم ثلاثة مرات .. وبعد مضي شهرين ونصف الشهر أضربت عن الطعام وبعد اسبوع من إضرابي أقتادوني لمركز تحقيق " بتح تقفا " ( الملبس ) وبقيت في زنازين مركز التحقيق هذا شهرا كاملا .. تعرضت خلالها للتعذيب .
صفعني أحد المحققون في يوم صفعة وانا جالسة على كرسي مقيدة اليدين فوقعت على الأرض مع الكرسي وضرب رأسي بحافة الكرسي بعد سقوطي فقدت فيها وعيي ثم افقت ورافقني الام صداع شديد و ( دوخة ) .. كنت أشعر بالألم بين الحين والاخر ومن ثم لازمني الى يومنا هذا .
أشد تعذيب كان عندي جلوسي على كرسي كشف الكذب الملعون .. الذي كانوا يجلسوني عليه لمدة خمسة ساعات يوميا ولمدة خمسة أيام على التوالي .. كانوا يقومون خلالها بوصل أسلاك كهربائية على معظم أجزاء جسمي ويقوم بذلك محقق ودكتور بوجود مجندة .. والنتيجة عندهم بهذا التحقيق على جميع الحالات " كاذب " ومما عانيت منه كثيرا تهديهم المستمر لي أثناء التحقيق بجلب أعز الناس لي .. هذا التعذيب كان نفسيا ومؤثر علينا جدا .
بعد ذلك أعادوني للسجن وبعدها بأسبوع أنزلوني للمحكمة للمرة الأولى .. حيث قام أبي بتعيين محامي خاص لي على نفقته وكلفنا مبلغا كبير وبعد 11 محاكمة في احدى عشر شهر .. تم الحكم عليّ بالسجن لمدة سنتين ونصف ودفع غرامة 2000 شيكل بتهمة " المساس بأمن الصهاينة " و " والإنتساب لكتائب شهداء الأقصى " . علما ان كل معتقل لا يوجد عنده شئ ينسبوا له هذه التهم على الأقل .
كنا نتعرض يوميا ( لحركشات ) من السجانات وتحدث مشاجرات يومية بيننا وبينهن وكنا ندافع عن أنفسنا فيحضروا لنا مجندين رجال ووقفت يوما بين مجند وبين أسيرة كانت مريضة للحيلولة دون وصوله اليها فركلني على ظهري ( ببستاره العسكري الضخم ) وقعت على الأرض وبات الألم في ظهري يرافقني منذ ذاك اليوم الى الان بالإضافة لألم الرأس والصداع الشديد اثر الضربة السابقة على رأسي .
وصفت الانسة لينا المعتقل انه قسمين وكل قسم كان يحوي ما يقارب 65 أسيرة .. ووصفت معاناة معظم الأسيرات وكل حالة أصعب من الأخرى فمنهن من تركت أطفالا صغارا خلفها .. ومنهن من تركت أما مريضة كانت تعتني بها ولا أحد من بعدها يعتني بها .. ومنهن من أصابهن أمراض نفسية نتيجة الاعتقال والتعذيب .. ومعظمهن كما أفادت لم يتزوجن لأسباب نفسية أيضا نتيجة الاعتقال .
وأضافت ان والدتها الان مقعدة بسبب اعتقالي وأسري في معتقلات الصهاينة .. حيث عانت الكثير خلفي تألما على حالتي .. وباتت مريضة بالضغط والسكري الى ان تفاقمت حالتها فاصيبت بضغط على النخاع الشوكي مما أدى الى وضعها الحالي الذي باتت فيه مقعدة .
وقالت : تم الافراج عني بعد إنهاء مدة حكمي في تاريخ 15-10-2006م . عانيت الكثير من الالام .. ومن فترة سبعة شهور بدأت أشعر بألم شديد في الرأس وتشنجات في العين اليسرى والفم .. وفي يدي اليمين ورجلي اليمين .. وبعض الأيام يرتبط لساني .. تم إجراء فحوصات كثيرة لي في فلسطين وأشرفت عليها السلطة الفلسطينية .. وقرر الأطباء بعدم وجود أجهزة كافية لتحديد حالتي المرضية .. حيث تبين مع أطباء فلسطين في صور الرنين المغناطيسي أن هناك اثار ضربة على الدماغ .. فقررت السلطة الفلسطينية إرسالي الى عمان .
وأجرى الاطباء هنا في عمان فحوصات وتخطيط دماغ وأخذ بعض الصور حيث أبلغوني بالنتائج الأولية حسب تخطيط الدماغ ان عندي شحنات كهربائية زائدة في الدماغ .. أما الصور أظهرت انني أعاني من بداية دسك في الظهر ويتطلب مني علاج طبيعي لمدة تقارب الشهر .
أخيرا توجهت هنداوي بكلمة الى شباب الأمة وقياداتها ومنظمات حقوق الإنسان تناشدهم بالسعي الحثيث للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني .. وأن يجعلوا هذا الأمر من أولوياتهم لشدة ما يعاني الأسير في هذه المعتقلات وخصوصا الأسيرات .. وابلغتني ان معظم الأسيرات أفرج عنهن في صفقة شاليط الأخيرة .. وكل ما تبقى الان في السجون الصهيونية 12 أسيرة تتفاوت فترة أحكامهن .. وأكثرهن حكما الأسيرة لينا جربوني من عرابة البطوف من عرب الداخل الفلسطيني المحتل .. وهي محكومة 18 عام .
خرجت من عندها وأنا مطأطئ الرأس خجلا من نفسي وفي أذني اليمنى أسمع صوتا من بعيد يقول ( وامعتصماه ) .. وفي اليسرى أسمع أغنية تردد ( وين الملايين الشعب العربي وين ) .
نصر الزيادي .. ( خاص لموقع ) عالم السياسة الإخباري