بموت "يوسف بوبش" انفرط عقد مجلس الأجواد وراحت الفوضي تدب في أنحاء الواحة , وانصرف عنها الحاكم العسكري الذي أصبح لاعمل له إلا جباية الخراج وليس علي رأسها حاكم من أبنائها وكانت المشاكل والقضايا تعرض علي"الشيخ مسلم " قاضي البلدة ومستشار "علي بالي"سابقتً وقد اشرك معه في ذلك "محمد معرف" أحد كبار الأجواد  .

عاد " يوسف على بالى " من" برقة " فقيراً معدماً فلم يجد إعتباراًمن أحد ولكنه مع إملاقه كان يحمل بين جنبيه قلباً عامراً بالأمل من إسترداد الحكم والثأر لأبيه , وبينما هو كذلك إذ أقبل من سيوة السائح الإنجليزي "هملتون"

عام 1852 م , فأثار " يوسف بوبش " أهل الواحة ضده , وأغراهم على مهاجمته وإسراق خيمته ليلاً .

وفى نفس الوقت أسر إلى "هملتون " كتاباً إلى الحكومة المصرية و بسط فيه أمره , ولم تمض أربعون يوماً حتى خضت لنجدته قوة مسلحة من أربعين جندياً غير المقيمين فى سيوة فأخذت السائح الإنجليزي وصاحب الدار معهم .

وبعد وصول " هملتون " إلى القاهرة قدم للوالى " عباس الأول " شكره على العناية بأمرة , ثم شرح حال الواحة الذى يحتاج إلى حاكم مثل " يوسف بوبش " الذى كان أبوه حاكماً على الواحة من قبل , وتحقق حلم " يوسف بالى " بحصوله على فرمان من والى مصر "عبا س الأول " لحكم البلاد .

ولكن " يوسف بالى " لم يكن من الحمق و البلاهه أن يذهب منفرداً بالفرمان لحكم الواحة لكنه طلب من الوالى قوة عسكرية تعينه من تولى منصبه , فاصطحب معه مائتا جندى نظامى ومائتا فارس عربى من قبائل  "  أولاد على  " تحت أمره شيخ العرب " حسين دغار " وعسكرت الحملة بجوار" عين راطى " وطلب قائدها العسكرى إلى " حسين دغار " أن يذهب ويؤمن الناس , وذهب " حسين دغر " للواحة ونجح فى تأمين الناس من هذه القوة العسكرية واصطحب معه أرعين رجلاً على رأسهم" عمر مسلم " و " محمد معرف " ذهبوا لكى يقدموا الولاء للحاكمين الجديدين , وما أن قبض عليهم الحاكم العسكرى قادهم جميعاً مكبلين بالأغلال إلى دار الحكومة التى كانت إذ ذاك " بالرملة " ثم إستقدموا آخرين وأخذ جميعاً إلى القاهرة وحكم عليهم بالسجن إلا " عمر مسلم " و" محمد معرف " فقد أعدما شنقاً , وعاد " يوسف بالى " يتولى منصبه , ويروى ظمأه فأنه لمتعطش للإنتقام من ذوى السجناء , غير أنه رأى فى شرذمة قليلة التمرد عليه , فقبص عليهم وارسلهم إلى القاهرة عن طريق الواحات البحرية وسجنوا فى " قنا " وبذلك تفرغ " يوسف " لإشباع فهمه من الذين أساءوا إليه أيام محنته .

ونظر" يوسف على بالى " للأمور بعين الخبير البعيد النظر فرأى من الصعوبة بمكان حكم الواحة والسيطرة عليها تماماً صغير معونة " مجلس الأجواد " فأعاد تشكيله .من جديد ، ولكن من ستين عضواً .. قسم كالتالى :

عشرة من أغورمى وعشرين من الغربيين وثلاثون من الشرقيين .

وكان مجلس الأجواد فى طوره الثانى كمجلس صورى ، فليس له حق الرفض أو التصريف على الأحكام التى يصدرها "يوسف بالى" .

عودة إلى الوراء قليلاً .. نرى أن "على بالى" قتل بيد " المبارك " كبير أولاد فانى ساعدهم "موسى بوبش" على الفرار فى الصحراء ، بعد إرتكاب جرمهم ولكن ثلاثة منهم قضوا فى النضال مع قبائل البدوية ولم يبق منهم غير "المبارك" لم يجد من عود وهو المطارد من القبائل المنتشرة فى الصحراء فعاد إلى سيوة ليقر ويعترف على جريمته بين يدى " يوسف بالى" فلم يجد "يوسف بالى " من الرجولة قتل من جاء مستسلماً فوضعه فى السجن ليعرض الأمر على مجلس الأجواد ووافقه مجلس الأجواد على ذلك ، فخرج "مبارك" موهوب الدم من "يوسف على بالى " فراح يحفظ له هذا الجميل طوال حياته .. وقرر حمايته من كل سوء يرصده وهو الفارس الذى تخشاه كل العيون .

وقد إطمئن "يوسف " "للمبارك" ووثق به لما له من رهبة فى نفوس الأهلين فراح يغطى على حسابه ، غير راع لأحد عهداً ، حتى ضاق به الأهلين إلا أن وجود "المبارك" إلى جواره كان يبعث الرهبة فى نفوسهم بعض الشىء ، إلا أن الأمر شاء أن يتبدل بخروج السجناء الذين نفاهم عند توليه الحكم ، وصداف ذلك تعيب "المبارك" فى الإسكندرية إذ كان قد رافق الخراج السنوى ، وتزعم حركة إنقلاب "حمزة أبو غالية " و"الحاج حلاق جبريل" فقتلوه فى عرض الطريق . فعاد "المبارك" فوجد ما كان من مقتل مولاه "يوسف بالى" فأخذ يخطب فى وجهه "التخصيب" بالثأر حتى قامت معركة قتل فيها ثمانين وعشرين رجلاً من بينهم "المبارك" .

وهكذا طويت صفحة مجيدة من صفحات الشجاعة العربية وبموت "المبارك" إنقرضت أسرة "أولاد فانى " عام 1857م .

*تغير نظام الحكم فى سيوة*

وإذ رأت الحكومة المصرية الطغيان ، الذى يترتب على تقليد أبناء الواحة الحكم وزمام أمر الواحة .

فألغت هذا النظام وجعلت من المأمور حاكماً على الواحة تعاونه ثلة من الجند ، ومشايخ القبائل ، كل فى قبيلته على أن يقوموا بجمع الضرائب مقابل أجر زهيد قدره 2% من حصيلة كل منهم ، إتخذ المأمور إثنى عشر عضواً ، وكان لا ينفذ الحكم إلا بموافقة أغلبية الأعضاء ، فإرتاح أبناء الواحة لهذا النظام ، فقد نجو من تعسف بنى لحمتهم .

 

 *  أحمد بن الحاج عمر *

كثيراً ما تظهر الأحداث  ثقيم الرجال وتكشف عن النواحي الكريمة فيهم وهذا ما كان من أمر " أحمد بن الحاج عمر " كبير قبيلة " البعاونة " التى تقيم فى " أغورمى " .

لقد كان من قوانين " شالي " المتفق عليها أنه لايجوز لأحد أن يحدث تغييراً فى أى شىء بالبلدة إلا بعد أخذ رأى جميع الأجواد , من شرقيين وغربيين لصفتهم شركاء فى البلدة , وقد رأى الشرقيون ضيقاً فى أحد الشوارع إذ لا يتسنى  المرور فيه إلا لفرد واحد فأرادوا إحداث تغيير فيه , إلا أن الغربيين عارضوا الأمر , وأصر الشرقيين على رغبتهم وثبت الغربيون على ممانعتهم الأمر الذى أدى غلى الإشتباك فأخذ كل فريق فى إتلاف مزارع الفريق الآخر , فأنعقد مجلس الأجواد وأخذ فى نظر المسألة وأتفق الطرفان على الصلح واشترط الغربيون ألا يذكر الشرقيون ما أتلف من حدائقهم وأن يدفعوا تعويضات للغربيين على ما نالهم من خسائر وإتلاف وقبل الشرقييون الحكم على ما فيه من إجحاف وبدلاً من أن يقبل الغربيون ازدادوا تعنتاص وبغياً وأبوا إلا القتال .

وتوجه فريق منهم إلى اغورمى ليفاوض " أحمد بن الحاج عمر " ويطلب منه الأنضمام إليهم برجاله , إلا أن الرجل رفض الأمر لما فيه من بغى على قوم مسالمين .

فصاح فيه أحدهم : إنك لتجبن عن مقاتلة اللفاية التى لم تصبح شيئاً مذكوراً .

قال أحمد : لا وأنما اخشى ســـؤ العاقبة فالبغى لا يربح فاعله .

ولكن فريقاً من المفاوضين أستطاع التأثير على أفراد لهم شأن فى القبيلة فما زالوا بأحمد بن الحاج عمر حتى قبل ولكن على شروط :ـــ

 

1.    ألا يكون القتال غلية فى الظلام , وأنما يكون سجالاً بعد إعلان الخصم بما عقدنا النــية عليه .

2.    ألا يفر واحد منا من ميدان القتال فأما أن تنتصر وإما أن يبيدونا عن آخرنا فتخلص الواحة لفريق منا كى يعيش فى هدوء .

ودون قبولهم هذين الشرطين لا يمكنه التعاون معهم فى هذا الأمر .

فقبل الغربيون الشرطين وأستعدوا للقتال واعلموا الشرقيين بالأمر , وكانت موقعة الرملة عام 1712 م .

 * موقعة الرملة *

 وكان من دأب السويين في الفتال أن يكون ترتيبهم كالتالي:-

شرقيون                                                                                           غربيون                                           

العدادسة  ميمنة   أولاد موسي     الظنانين    

 القلب   السراحنةالحدادين  ميسرة أغورمي

 وبدأ القتال, وانتهت المعركة بهزيمة الفربيين ,  إذ فروا جميعاً الي الميدان , ولم يثبت إلا "أحمد بن الحاج عمر" ,    ولما رأي الشرقيون أنهم أمام رحيل مفرد , حتي انكبوا عليه في إحلال , ملقين أسلحتهم تحت قدميه . وراحوا  يقبلون فيه الشجاعة والإقدام , وضموه أليهم ,فتزوج منهم ولكنه أي الأقامة بينهم , فهم خصومه غلي كل حال ,ورفض كذلك الذهاب إلى أغورمي فيقيم بينهم ولو جبناء ..

بل سار ألى مزرارعه بين البلدين –وأقام سبعة عشر عاماً فى عزلة نامه ... حتى ذهب بنو قومه إليه وأسترضوه الشيخوخة و الهرم قد أخذا منه كل فأخذ معاذ إلى " أغورمى . 

مازال القلم لم يجف حبره إلي  ان تكتمل القصة ...........

المصدر: من كتاب أ/ أحمد فخري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 170 مشاهدة

ساحة النقاش

bahia kelany

bahiakelany
فتاة من واحة سيوه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

32,460