كان كل منا له طموحاته وتطلعاته التى كان دائماً ينظر إليها خارج أسوار الحي الذي نعيش فيه، كنا دائماً ننظر إلى أن الحي الذي نسكن فيه كما يقول الناس فهو حي عشوائي متخلف لا يصلح العيش فيه إلا للمجرمين فقط.

حتى تنبهنا من غفلتنا إلى الواقع الذي كنا لا ننظر إليه بعين الحقيقة، حيث أننا في مجتمع غنى بالأفكار والمواهب والأشخاص الذين يحلمون بأن هذا المكان يمكن لأن يكون جنة بأيدي أبنائه، ولم يكن هذا الحلم وليد اللحظة، ولكنه وجد منذ زمن بعيد ونحن لا ندري عنه شيئاً

وكانت بداية الانطلاقة في العمل التطوعي عندما بدأ تنفيذ مشروع التطوير الحضري بالمشاركة بدعم مالي من الحكومة الألمانية متمثلة في وكالة الدعم الفني الألماني G.T.Z، وبنك التعمير الألماني K.F.W وبدأنا المشاركة معهم، وكان عدد الشباب المتطوعين منا في بداية الأمر لا يتعدى عدد أصابع الأيدي الواحدة لعدم وعي وإدراك بعض الشباب لمفهوم العمل التطوعي.

وبدأ الحلم يتحقق في شكل تطوير قصر الثقافة ومركز الشباب، وبدأ عدد المتطوعين فى ازدياد وتم الانتهاء من تطوير القصر الذي أصبح منارة ثقافية متعددة الأنشطة، كما تم إنشاء أول سينما منحوتة بداخل الجبل، حيث إن قصر الثقافة في هذه المنطقة يمتاز بمكان جذاب حيث يحتضنه الجبل من كل جانب، وأيضاَ تم الانتهاء من مركز الشباب الذي أصبح هو الآخر محفل رياضي كبير بملعبه الكبير وملاعبه المتعددة.

ثم وجهنا اهتمامنا إلى الجانب العلمي فبدأنا بتطوير 8 مدارس من مدارس الحي، وقد شارك فى التطوير التلاميذ من أبناء تلك المدارس حتى يحافظوا على ما صنعوه بأيديهم، وما يزال نهر التطوع يتدفق على حينا، وصار التطوع كالهواء بالنسبة إلينا كمتطوعين فلا نستطيع العيش بدونه وبدأنا فى تنمية أفكارنا بشكل أكبر وأوسع واتجهنا للعمل الأهلي والخدمي، فقمنا بإنشاء جمعية أهلية تحمل اسم ( البداية ) تهدف إلى الارتقاء بمستوى الأطفال علمياً وثقافياً واجتماعياً حيث أننا وجدنا أن المشكلة تبدأ من الصغر فإذا تغير فكر وسلوكيات الأطفال الذين هم رجال وسيدات المستقبل فسيتم تغيير فكر المجتمع كله.

ومع تطور طموحاتنا نظرنا حولنا وجدنا أتلال من القمامة في كل مكان وفكرنا في كيفية حل هذه المشكلة ومن هنا جاءت فكرة ( نظافة حينا ) مجموعات من الشباب تكاتف الجميع بمجهوداتنا الذاتية وبتمويل من الوكالة الألمانية وبمساعدة من رئاسة الحين حيث بدأنا في تنفيذ مشروع النظافة.

وكان الهدف ليس التخلص من تراكمات القمامة فقط، بل كان الهدف الأسمى أن يستطيع كل شخص تنظيف مكانه بنفسه دون انتظار حلول الحكومة المعقدة.

بعد ذلك توجهنا إلى عمل أبحاث اقتصادية عن الصناعات بمنشأة ناصر، وبعد الانتهاء منها وجدنا أن هناك مئات من الورش تنتج منتجات غاية فى الروعة والدقة، ولكن ينقصهم التسويق وفتح أسواق جديدة ومن هنا جاءت فكرة لعمل المعرض الأول للصناعات الصغيرة بمنشأة ناصر وضم المعرض أكثر من 40 صناعة يدوية واستمر المعرض لمدة ثلاثة أيام وقد جاءت نتائج المعرض مرضية للجميع.

وبعد ذلك تم اختيار مجموعة من الشباب للاشتراك فى أسبوع التبادل الثقافي بين مصر وألمانيا برعاية وزارة الخارجية الألمانية والمجلس القومي للشباب، وقد مثل مصر فى هذا الأسبوع مجموعة شباب من منشأة ناصر ومجموعة شباب من حي بولاق الدكرور، ومن الجانب الالماني جاء مجموعة من الشباب وكان العامل المشترك بين كل هؤلاء هو تطوع كل منهم فى بلده فى عدة أنشطة تنموية وتربوية، وقد جاءت النتائج مذهلة حيث تم التعرف على ثقافات كل طرف بشكل جيد وإذابة المعتقدات الخاطئة عند كل من الطرفين، حيث خرج الجميع بمشروعات يسعى لتحقيقها فى بلده ليعم الخير على الجميع.

وليستمر نهر التطوع فى التدفق

أشرف نوبي
من مجموعة شباب منشأة ناصر