السلام عليكم،
أشكر لكم حسن تعاونكم، جزاكم الله خيراً.
أرسل إليكم بمشكلتي وأرجو المساعدة. هذه المرة أرجوكم لأنني فعلاً تدمرت نفسياً وبيتي أصابه الخراب ولا أدري ماذا سيحدث غداً.
عمري 32 عاماً، تزوجت منذ سنة من زميل لي في العمل، وكلانا متخرجان من إحدى كليات القمة وبالسؤال عنه وجدناه حسن السمعة ويصلّي، وأهلة لهم سمعة حسنة وقد قمت بالسؤال عنه بمساعدة بعض الناس فأجمعوا على أنه محترم ومحبوب، كما وأظهر هو وأهله الاحترام في جميع تعاملاتهم خلال الخطوبة باستثناء أن والدته كانت شديدة الحرص على الضمانات المادية لابنها.
خلال فترة الخطوبة أحببته جداً، فليس لي أي تجارب سابقة وليس لي أي صداقات مع شباب أو حتى زمالة عمل، فكل علاقتي بالجميع متعلقة بالعمل. خلال فترة الخطوبة لاحظت أن خطيبي غيور بعض الشيء ويريدني أن أستأذنه في كل خطواتي ويبرر ذلك بخوفه الشديد عليّ، ولكنه لم يمنعني من عمل أي شيء أو الذهاب لأي مكان.
بعد زواجنا عشنا أجمل شهر عسل، فقد كان متلهفاً لإتمام زواجنا، ودائماً ما يمدحني في وجودي وغيابي وخاصة أمام أهله وأهلي. بعد شهري زواج فوجئت باتصال من مجهولة تقول لي أن زوجي تزوج عليّ فلم أصدق، أخبرته أن هناك من يريد خراب بيتنا فإذا به ينقلب 180 درجة ويتهمني بأنني متعددة العلاقات! ودليله أن هناك رسائل ترد لي على الجوّال فجراً وأثناء الليل، وأنني أخفي ذلك عنه! هذا لم يحدث مطلقاً؛ الحادثة الوحيدة الصحيحة هي أن هناك زميل لي رنّ عليّ وهذا حدث فعلاً أمام زوجي واستأذنته في الرد لكنه قال لي: "ليس الأمر من شأني" فلم أردّ على المكالمة. دافعت عن نفسي وطالبته بمراقبتي والتحري عني بأي صورة يراها مناسبة، لكنه رفض وثار فسكتّ.
بعد 5 أيام فتحت الموضوع مرة أخرى، فقد قاطعني طوال تلك الفترة، لكنه قال سكوتي أثبت عليّ كل ما اتهمني به! وأني سكت لعله ينسى، وأنه تزوّج عليّ فعلاً بعد شهر من زواجنا، وطلب أن أكتب له ورقة تبيح له هذا الزواج فذلك أقل ردّ لكرامته التي دستها -على حدّ تعبيره- بعلاقاتي! رفضت وأخبرت أهلي فثار عليهم واتهمني أني تزوجته من أجل صورتي الاجتماعية وأني لا أريد الحياة معه! عندما أخبرته بحملي قال أنه لا يهمه ولن يذلّ بسبب المولود، ورفض أهله التدخل تماماً قائلين أنه يزورهم كضيف فقط، في حين أن الأمر كان بعكس ما ظهر خلال فترة الخطوبة حيث كانوا دائمي التدخل في كل شيء.
تركت المنزل بعد إهانته لي وتوعده لي بأنه سيعيش عمره كله لينتقم مني ويجعلني أندم على اليوم الذي ولدت فيه، لكن أثناء خروجي أهانته والدتي وإن تعامل معه والدي بالود والاحترام. بعد خروجي من المنزل تأكدت من أنه لم يتزوج كما ادّعى، لكن اتصل بي مجهول يقول لي أنه على علاقة بعاملة من مستوى متدنٍ متزوجة وينتظر طلاقها ليتزوجها، وأن علاقته بها بدأت قبل معرفتي به بسنوات، وأنه تزوجني أمام أهله فقط، وأخبرني بتفاصيل شجاري معه وتفاصيل لا يعلمها أحد غيري أنا وزوجي، وقام زوجي بإخبار زملائنا في العمل أننا انفصلنا، وكلما حاول أحد التدخل قام بإهانته.
أنا في ييت أهلي منذ 9 شهور ولم يتصل بي، ولم يتصل أحد من أهله، ولم يطلقني. لا أملك أي ضمانات مادية، وكلما طلبت من أهلي مخاطبة أهله رفضوا، فأهلي ضعفاء جداً ويرون أنه لا يجوز الاستمرار مع هذا الشخص، وأنا مثل أهلي أعيش حالة من الرعب منه ولا أستطيع الاتصال به، ولا أدري ماذا يريد مني، ومصابة باكتئاب شديد وأعلم أن كلامي معه غير مجدٍ. هو لم يطلقني رغم أنه لن يخسر شيئاً، ولم يحاول ردّي، وأي شخص يحاول الكلام معه يدّعي أني من ظلمته!.
لا أدري ماذا يريد؟ هل يكرهني أم يريد الانتقام مني أم ماذا؟ وما موقف أهله الغريب هذا؟ حيث لم يتدخل مخلوق منهم! رغم أني كلما خاطبت أهلي لمواجهة الموقف قالوا أني في أمان عندهم، أن أعتبر نفسي مطلقة، ويكفهم ما نحن فيه، وأن أنسى الموضوع فوقتما يريد أن يطلقني هو من سيتكلم أما أن نكلمه نحن فهذا قمة الإهانة!. وضعت طفلتي وأبلغه والدي فقال أن هذه الطفلة لا تخصه لأنه لم يعش تجربة حملها وولادتها معي وأهان والدي، وقال له: "أين كنت ولما لم تتصل بي" ورغم ذلك قام باستخراج شهادة الميلاد لها وأسماها باسم والدته، لكنه وأهله لم يروها حتى الآن ولم يتصلوا أو يسألوا عنها رغم أن عمرها شهران الآن.
أنا لا أستطيع الصبر أو النسيان كما يطلب مني أهلي، ولا أستطيع مواجهته من وراء أهلي أو حتى بإذنهم لأني يتملكني الخوف الشديد منه، علماً أننا قبل هذا كله كنا مثار حسد الجميع. أهلي لجؤوا لمحام فأشار بأنه سيحاول التفاهم سلمياً فكلّم والدته التي طلبت منه أن يكلمها لاحقاً، وعندما اتصل بها مرة أخرى لم تردّ، اتصل بزوجي فلم يرد، ثم اتصلت والدته وقالت أننا نحن مخطئون وأنا المخطئة وكل كلام زوجي كان تهديدات في ساعة غضب! وعرضت الصلح.
لا أدري ماذا أفعل هل أتجه للصلح وتجربة الحياة معه مرة أخرى؟ أم ألجأ لطريق المحاكم كما تصر أمي؟ والتي هي الأخرى مشكلة؛ فهي ترفضه تماماً وترفض رجوعي إليه، ومتعلقة بي وبابنتي بشدة لأني وحيدتها. كيف أتصرف معها هي الأخرى إذا عدت؟ أعلم أني أخطأت باختياره وأخطأت بتركي المنزل وتعاملي مع الموضوع بصدمة، لكن هذا ما حدث ورغم كل شيء هو والد طفلتي، هل هناك أمل في الإصلاح؟ هل هو مريض ليتحول هذا التحول السريع؟ لماذا أخاف منه كل هذا الخوف؟ هل أنا مريضة؟ وهل الأصح لطفلتي أن تعيش معي دون والدها إذا كان بهذه العقلية؟ وكيف أتعامل معه إذا عاد؟ أرجو منكم الإجابة فأنا في حالة اكتئاب شديد جداً وبكاء مستمر.
معذرة للإطالة، وشكراً لحسن تعاونكم.
15/11/2009
عزيزتي،
أهلاً ومرحباً بك،
هناك العديد من المعلومات التي وردت في حالتك تحتاج إلى توضيح؛ فرغم أنه زميلك بالعمل إلا أنك قد تفاجأت بكثير من صفاته التي حتى لم تعلميها طوال فترة الخطوبة التي لم تذكري مدتها، ما عدا الغيرة الشديدة التي ظهرت بعد ذلك أنها شك أو غيرة مرضية ظهرت بعد شهرين فقط من الزواج، لكن لم توضحي تعليقه على الشخص المجهول الذي يتصل بك ويعلم أدق تفاصيل حياتك!.
كما ترين عزيزتي، هناك كثير من المناطق التي تحتاج إلى عمق وفهم، فربما يكون زوجك يعاني من اضطراب ضلالي (وهامي) وهو ما نطلق علية الاضطرابات الوهامية (الضلالية) Delusional disorders.
وهي نوع من الاضطرابات الذهانية تتميز بضلالات أو أوهام دائمة وراسخة تحدث غالباً في منتصف العمر، والضلالات عادة متحوصلة ولا يوجد أي اضطراب في الوظائف العقلية الأخرى، ولا تؤثر في قدرته على العمل أو إقامة علاقات اجتماعية، رغم أن الأوهام قد تؤدي إلى خلل في علاقاته الاجتماعية والأسرية.
فالغيرة المرضية أهم نوع لهذه الاضطرابات لأنها أكثر حدوثاً مقارنة بالأنواع الأخرى وعادة تصاحبها درجة عالية من الخطورة.
أهم علاماتها أن شريك الحياة غير مخلص له/ لها أو يخونها، وسميت مرضية لأنها من غير دليل ولا يمكن تصحيحها بالمنطق.
علاوة على الشك في إخلاص الشريك وشرفه، قد يصاحبها أوهام أخرى مثل الشك في نوايا الشريك في التخطيط لقتله أو تسميمه أو إصابته بمرض جنسي أو عجز جنسي.
يميز سلوك المريض البحث الدؤوب لأدلة الخيانة وذلك في البحث في المذكرات -وحالياً الجوال- وتسجيل المحادثات والمتابعة، وأحياناً استعمال كاميرا الفيديو وفحص ملاءة السرير والملابس الداخلية وخلافه. عادة ما تحدث مشادات كلامية وأحياناً هياج مصحوب بعنف جسدي قد يؤدي إلي اعتراف الطرف الآخر بالخيانة كذباً لإنهاء المشكلة، وعادة الاعتراف دون ارتكاب الخيانة في الحقيقة مما يؤدي لإشعال وتأزم المشكلة أكثر.
أو أنه يعاني من اضطراب عقلي (الفصام) أو اضطراب الشخصية الاضطهادية.
ومما سبق نجد أن:
أولاً: يفضل أن يكون أحد شروط الرجوع -إذا أردتِ ذلك- هو الخضوع للفحص النفسي الزواجي، والعلاج إذا كان هناك مشكلة مرضية.
ثانياً: إذا لم يكن هناك اضطراب -وهذا ما لا أرجحه بناءً على كلامك- ستكون المشكلة إما في شكل العلاقة الزوجية أو خلل في الأدوار، وهو ما يحتاج أيضاً إلى علاج زواجي.
ثالثاً: رسالتك تدق ناقوس الخطر لكثير من الأسر التي تكتفي فقط بالسمات الاجتماعية والدينية للخاطب وتنسى السمات النفسية.
رابعاً: لو ثبت أنه مريض، سيكون لك الاختيار في مصاحبته بعد أن تعلمي تفاصيل المرض ومشكلاته أو الانفصال (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، وهذا ليس عيباً بشرط أن يكون طلاقاً متحضراً(لا إهانة، لا تجريح، لا حرمان من الحقوق، لا تأثير على الطفلة).
وأخيراً نتمنى لك البصيرة الجيدة وتابعينا.
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش