أولا لابد ان نعرف أن الفتور غير العجز ، اذ ان العجز الجنسى عبارة عن انحطاط قدرة الرجل تماما عن القيام بعملية جنسية ناجحة مع زوجة يحبها بالرغم من وجود الرغبة وانتفاء اسباب النفور والفتور وغالبا ما تكون اسبابه عضوية بحتة كالتسريب الوريدى او تصلب وانسداد الاوعية الدموية للقضيب او النقص الحاد فى هورمون التيستوستيرون نتيجة لمرض مباشر فى الغدد او غير مباشر كتليف الكبد
اما الفتور الجنسى فهو عدم وجود الرغبة اساسا سواء فى الرجل او المرأة ، وترجع معظم اسبابه للحالة النفسية وعدم وجود توافق زوجى حقيقى قائم على الحب والصداقة والايثار ( لم اعد احبك .. لم اعد ارغب فيك .. ان عواطفى يجب ان تتجاوب اولا لكى يتجاوب جسدى ..) ، والنظر الى العلاقة بين الرجل والمرأة على انها مجرد التقاء جسدين لتحقيق لذة مؤقتة سرعان ما تزول بزوال الرغبة وحصر جسد المرأة فى أعضائها التناسلية فقط وكذلك جسد الرجل والجهل بجغرافية الجنس
ولكى نفهم هذا الكلام يجب ان نتعرف اولا على الفروق الجوهرية بين الرجل والمرأة فى النظرة الى المتعة الجنسية امتاعا واستمتاعا وفلسفة غريزية
فالرجل مفتاح متعته فى نظره ، وشمه ، ولمسه ، وارضاء غرور القوة عنده ( لذلك فهو يحب ان يرى من زوجته جسمها ويفضل الاضاءة على الاظلام )
اما المرأة فمفتاح متعتها فى سمعها ، وقلبها ، وارواء رغبتها فى الشعور بالأمان ( لذلك فهى لا يسرها ان تنظر الى الرجل العارى وتفضل اظلام على النور اثناء المعاشرة )
ولنفسر ذلك بشيئ من التفصيل ، فالرجل يحب ان يرى زوجته فى أجمل صورة وأبهى حلة اينما وجدت يشم منها الريح الطيب والملمس الناعم وعندما يكون معها تشعره بانه سندها الوحيد وحامى حماها النبيل والقوى والشجاع وان ليس لها الا هو فلا اخ ولا اخت ولا اب ولا ام فهو الكل فى الكل ، عند ذلك تتحرك عواطف ومشاعر هذا الرجل حتى ليخيل له انه آدم الوحيد فى هذا الكون كون امرأته ولابد ان يثبت ذاته فتنشط قواه وتتقد وينتفى الشعور بالخور والفتور وتتأجج الرغبة
وعلى الصعيد الآخر نجد المرأة تريد ان تسمع من زوجها دائما كلمة احبك او اى كلام آخر جميل يطرى على جمالها ويشعرها ان ما انفقته من وقت فى التزين والتجمل لم يضع هباء وهى تريد من الرجل ان يقع عليها كما تقع البهيمة على انثاها بل تريد ان يسبق اللقاء الجسدى ويتبعه ذلك اللقاء الروحى الجميل والحانى ، يتم كل ذلك تحت مظلة من الاحساس بالامان ينشرها عليها الزوج فى كل مرة ليطمئن قلبها ان هذا الرجل ملكها وحدها لا تشاركها فيه غيرها حتى ولو كانت امه
اذن فطباع الرجل ومشاعره واراءه تختلف عن طباع ومشاعر وأراء المرأة ، ويقارب كل منهما الآخر دون ان يتفق تماما معه فى الاتجاه والطريق
ويجب الا نغفل ونحن نتكلم عن قوى التجاذب بين الرجل والمرأة وجود قوى أخرى تعمل فى الاتجاه المضاد وهى قوى التنافر كعدم وجود الحب او الصداقة بين الزوجين واهمال كل منهما لمظهره ونظافته والنظرة الانانية للامور التى يجب ان تكون مشتركة كتربية الاولاد والمساعدة على اعباء المعيشة والرضا والقناعة
ويجب ان يتنبه الرجل الى ان المرأة أبطأ اثارة وتشوقا واستجابة من الرجل فى المسألة الجنسية سيما من لم تسبق لها التجربة الحسية من قبل فاذا اهمل الرجل هذه الجزئية بسبب جهله أو أنانيته فلن ينجح فى إثارة زوجته وامتاعها والانسجام معها حسيا وقد ينشأ عن ذلك شقاق ونفور ومشاكل تستمر لفترة طويلة
وقد يكون الخوف من الحمل من اسباب الفتور
وقد يكون عدم الافصاح عن المشاعر والعواطف النفسية الحميمة البعيدة عن المشاعر الحسية التى يشعر بها الزوجان كل منهما تجاه الاخر سببا آخر من أسباب الفتور بل قد يكون اهمها
أيضا قد يكون من الاسباب وجود أطفال مع الزوجين فى حجرة النوم
او ان يكون الزوجان يسكنان مع ام الزوج او الزوجة
واذا اختفت الصفات والعوامل الجذابة والفتانة تركت الطريق خاليا امام القوى المنفرة ومن ثم ينقلب الحب والتجاذب الى تباغض وتنافر
وهناك واجب يقع على عاتق المرأة وحدها فى الحقيقة خصوصا فى هذا العصر الذى امتلأ فيه الفضاء بالقنوات التليفزيونية التى تبث اغانى البورنوكليب وصور الفتيات الشبه عارية والمثيرة للغرائز وهو ان تبقى المرأة حساسية الرجل ورغبته فيها هى نفسيا متقدة وعند المستوى العالى الذى يناسب طبعها ويناسب قدرته ومعنى هذا ان تبعد عن نفسها واعمالها كل ما يضايقه او يثير اشمئزازه وتتفنن فى اغرائه واثارة حواسه بالقدر الذى يرضى رغباتها ورغباته
فالرجل يتطلع الى ما يحتاج اليه من امتاع واستمتاع وهو يبحث عنهما جاهدا ويهمه ويبهجهه ان تشاركه زوجته مشاركة فعالة فى الاستمتاع بما يقدمه لها من ملذات ويفرحه ويسعده ان تحاول المرأة امتاعه بمجهودها الخاص فاذا لم تتقن المرأة دورها الحسى فقد يتطلع الى حسناء اخرى غيرها تمتاز عليها بالمهارة والرغبة فى اسعاده وامتاعه وابهاجه بما يظهر عليها اثناء النشاط الحسى من علامات الاستمتاع ؟؟
فواجب المرأة نحو نفسها وزوجها ان تتقن دورها الحسى لتحفظ زوجها لنفسها ولتمتع زوجها ونفسها وتمنع هدم بيتها وسعادتها
ويقول الدكتور عادل صادق استاذ الطب النفسى الراحل ان العلاقة الزوجية تقوم فى الاساس على ثلاثة جوانب الجانب البيولوجى وهو العلاقة الجنسية والجانب الوجدانى والجانب الفكرى وان هذه الجوانب مرتبطة بعضها ببعض ولا يمكن فصل احداها عن الاخرى ، وان العلاقة الزوجية كاى علاقة اخرى لابد وان تمر بفترات ازدهار وفترات اخرى من المصاعب والمشاكل وان الفتور قد يحدث فى اى فترة من فترات العمر فهو غير مرتبط بكم مر على الزواج وانما مرتبط بمدى ارتباط هذه الجوانب الثلاثة ببعضها فالفتور لا يمكن ان يصيب ايا من هذه الجوانب دون ان يصيب الاخرى
ويقسم الدكتور صادق الفتور الى نوعين
1 – الفتور الصحى وهو شيئ طبيعى بل وضرورى فالحياة نفسها فيها فصول اربعة تتعاقب وليست فصلا واحدا طول العمر وهناك ليل ونهار فلا يمكن للاشياء ان تمشى فى خطوط مستقيمة او على وتيرة واحدة ولهذا فمن الضرورى ان توجد فترات فتور فى الحياة الزوجية تهبط فيها الرغبات الجسدية والمعنوية والفكرية وهى فترات مؤقتة يعقبها تجديد وانطلاق واستئناف للحياة بنشوة ورغبة وينصح كل زوجين الا ينزعجا او يخافا من هذه الفترات فهى تزول تلقائيا اذا كان هناك حب حقيقى بينهما .
2 – الفتور المرضى ويعنى ان هناك اضطرابا جوهريا فى صميم العلاقة الزوجية ، وان هذا الاضطراب لا يأتى فى وقت معين او لأسباب جديدة طرأت على العلاقة الزوجية وانما يكون موجودا منذ البداية ، منذ التعارف والاختيار اى انه زواج قائم على اسس غير سليمة لم تتوافر فيه الالفة ولا المحبة ولا المودة ولا الرحمة ولم يرتق الى الانسجام الفكرى والذهنى والوجدانى ذلك الاساس المتين الذى يستطيع مقاومة الاعاصير ، وهذا الفتور المرضى يسميه الدكتور عادل صادق الطلاق الروحى
والفتور المرضى يؤثر فى المرأة اكثر من الرجل وان كانت لا تعبر عنه لطبيبها بشكل مباشر وانما تأتى الاعراض على هيئة صداع او دوخة او الام منتشرة فى كافة انحاء الجسم او حموضة مستمرة او تقلصات عصبية بالقولون او اضطراب بالدورة الشهرية وكل هذه الاعراض لا تزول بتناول العقاقير فالمرأة لا تريد ان تبرأ اساسا لان مرضها يعفيها من اشياء كثيرة أهمها التهرب من التزاماتها الزوجية
ونسبة علاج هذه الحالات ضئيلة لاسباب كثيرة منها التأخر فى فتح ومناقشة الملف الزوجى الذى يكون قد تفاقم وانقطعت كل حبال الود بينهما ومنها ان كلا الطرفين يحمل الاخر المسئولية ويرى نفسه على حق ، وهنا يجب الا ننظر الى الطرفين على انهما مرضى ولكن العلاقة الزوجية هى المريضة وهى التى يجب ان تؤخذ فى الاعتبار
والاسلوب المتبع فى علاج مثل هذه الحالات هو العلاج الاسرى وتقديم كافة المعلومات عن كل ما يتعلق بالعلاقة الزوجية ابتداء من ليلة الدخلة واهمية وجود الحب والتفاهم والانسجام الوجدانى والفكرى منذ البداية وان تكون العلاقة بين الرجل وزوجته جامعة لكل خصائص العلاقات بين الناس فتكون علاقة زوجين ووالدين وصديقين وزميلين فى مكان واحد والا يحصرا تمتعهما ببعضهما البعض فى حيز الجنس الضيق فهناك مجالات اخرى رحبة غير الجنس فى علاقة الرجل بزوجته يمكن لهما ان يجدا المتعة بتفعيلها كالهوايات المشتركة والامال الواحدة وتشجيع كل منهما للآخر على النجاح والتقدم فى الحياة .
المراجع :
الزواج الموفق لفان ديفلد
الزواج المثالى لفان ديفيلد
أسرار فى حياتك وحياة الاخرين للدكتور عادل صادق
ساحة النقاش