استشارات زوجية

موقع يعرض لأهم مشكلات الأسرة ونحاول حلها من خلال المتخصصين

تعبت من التعامل مع زوجي من شدة الإهانة والشتم وعدم الاهتمام بي ولا بمسؤوليتي وهو دائما يتلفظ علي بالألفاظ الجارحة جدا التي لا ترضي الله ولا رسوله الكريم.

ودائماً أحاول التودد له والتلطف له لكن دون جدوي من شدة انفعالاته يثور لأتفه الأسباب وأحيانا كثيرة من غير سبب.

سئمت الحياة معه برغم أني أرفض الطلاق، ودائماً يهدد به إلا أنني أحياناً عندما يضيق بي الحال أرضخ لكي أتطلق من شدة عدم معرفة التعامل معه من أحواله المتقلبة المزاجية التي لا تعرف متى يكون هادئا ومتى يكون منفعلا؟ لأنها غلبت عليه الانفعالات كثيراً.

و(حسبي الله ونعم الوكيل) أتمني أن تفيدوني في هذه الشخصية وكيفية التعامل معها. وما هي طرق التعامل لأنها شخصية تحتاج إلى صبر شديد جدًا.

الإجابة

قال الله تعالى: { إنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب }، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ) أخرجه الترمذي في سننه.
 فهذا البلاء الذي ابتليت به على حد وصفك هو ليس بالبلاء الهين، إنها لحياة صعبة أن تعيشي مع زوجٍ يستديم إهانتك ويتعود شتمك ويألف عدم الاهتمام بك وعدم مراعاتك، ومع بذْلك المحاولات تلو المحاولات للتودد له والتلطف معه ولكنك لا تجدين – كما أشرت – جدوى ولا نتيجة، ومع هذا فأنت بحمد الله حريصة على الحفاظ على علاقتك بزوجك وعلى المحافظة على هذه الأسرة، ومع أنك لم تشيري إلى وجود أولاد بينكما فإن الغالب هو وجود الذرية بينكما، وفي جميع الأحوال إن صبرك بإذن الله لن يضيع ولن يذهب سدىً ولكن لابد كذلك من محاولة الأخذ بالأسباب التي تعين على تحسين الحال وتقليل الضرر، فبداية نود أن تقفي موقفًا عظيمًا مع الله، موقف الأمَةَ المؤمنة التي ألقت بكل حملها على ربها، وفزعت إلى ربها ومولاها فزعة الملهوفة الغريقة التي تعلم ألا نجاة لها إلا بربها ولا فرج لها إلا بيد خالقها ومولاها؛ لأنك مضطرة وقد قال الله تعالى: { أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء }.

قفي مع نفسك وقولي: أليس الله جل وعلا هو مقلب القلوب؟ أليس الله جل وعلا هو هادي الأرواح والأنفس؟ إذن فلأفزع إلى الله ليؤلف قلب زوجي على الحق وليحننه عليَّ ويعطِّفه عليَّ، فافزعي إلى ربك هذه الفزعة ولن يخيبك ربك بإذن الله، فقد قال تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }.

ومما يشرع لك في هذا المقام أن تصلي صلاة الحاجة وهي ركعتان نافلتان وبعد السلام تحمدين الله وتصلين على رسوله صلوات الله وسلامه عليه وتسألين الله ما تريدين من حوائج الدنيا ومن حوائج الآخرة؛ كأن تقولي: اللهم اشرح صدر زوجي للحق ورده للحق ردًّا جميلاً، اللهم عطِّف قلبه عليَّ وحننه عليَّ، اللهم ألف على الخير قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأخرجنا من الظلمات إلى النور .. ونحو هذه الأدعية المشروعة الحسنة التي يجوز الدعاء بها، فاحرصي على ذلك وليكن هذا أول مقام تقومينه.

والخطوة الثانية: الصبر وعدم اليأس، فحاولي أن تتعرفي على المواطن التي ترقق قلب زوجك، فإن كان الذي يجعله يُقبل عليك هو حسن المعاملة والرعاية من جهة الطعام والشراب أو من جهة الهدايا أو من جهة الزيارات الاجتماعية أو من جهة إكرام أهله أو من جهة عدم الإكثار عليه بالطلبات؛ ونحو ذلك، فحاولي أن تسلكي هذا المسلك، مضافًا إلى ذلك الخطوة الثالثة وهي من أوكد الخطوات وهي:
 أن تحرصي على إصلاح دين زوجك، فهذه أعظم الخطوات وأشدها تأثيرًا، فإن صلاح الدين هو الصلاح في الخلق، وإن الصلاح في الخلق هو الصلاح مع الأهل، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم ) أخرجه الترمذي في سننه.
 فحاولي أن تعملي على تقوية إيمان زوجك، فإن تقوية إيمانه صلاح لدينكم ولدنياكم، حثيه على صلاة الجماعة، حثيه على رعاية حدود الله، هيئي له أسباب البيت المؤمن الصالح، وأيضًا فانتقلي إلى الخطوة الرابعة وهي:
 أن يكون لك أسرٌ فاضلة تتواصلين معها بحيث تكلمين بعض صاحباتك الصالحات الأمينات ليرشدن أزواجهنَّ إلى الاختلاط بزوجك فيتعلم منهم الخلق الحسن ويتأثر بدينهم ويكون صاحب رعاية لأهله كحال أصحابه، فالقرين بالمقارن يقتدي، وقال صلى الله عليه وسلم: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود في السنن، وهذه كما قلنا من آكد الخطوات فاحرصي عليها، ولا مانع من أن تتسببي في مثل هذه الزيارات دون أن يشعر زوجك بذلك، ولا مانع من أن يكون هنالك تواصلٌ يجعل زوجك أكثر رغبة في التعامل مع الأخوة الصالحين، فهذا يا أختي من أعظم ما يصلح شأنه فاحرصي عليه؛ فإن الغالب أن زوجك متأثرٌ بأسلوب تربوي قديم ومتأثر بصحبة سيئة، فعليك أن تراعي هذا الأمر وأن تبذلي فيه وسعك.

والخطوة الخامسة: الحرص على التوازن في معاملة زوجك، فليس المطلوب أن تشتمي بأخس الشتائم وأنت ساكتة لا ترفعين رأسًا ولا تبدين اعتراضًا، ولكن حاولي في أوقات هدوء زوجك أن تعاتبيه عتابًا لطيفًا، مثلاً: أعدي له عشاءً لذيذًا يحبه وهيئي نفسك له وتجملي له وفي لحظات المودة وهدوء النفس عاتبيه عتابًا لطيفًا وقولي له: يا زوجي يا حبيبي أنا أحبك، أنت زوجي الذي رضيته أن يكون لي زوجًا في الدنيا وزوجًا لي إن شاء الله في الجنة فأود أن تحرص على عدم التلفظ بمثل هذه الألفاظ التي لا ترضي الله، فأنا زوجتك وإكرامي من إكرامك، وكما أن الله جل وعلا قد وصَّى بالنساء خيرًا فكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصَّى بالنساء خيرًا.. وأشيري له إلى بعض الآثار والأحاديث في هذا المعنى.
 والمقصود أن تختاري الأوقات الحسنة لترققي قلب زوجك، ولا تواجهيه في وقت انفعاله ووقت ثورة غضبه فهذا أسلوب له نفعه، ولا ريب بمحاولاتك المتكررة وبأوقاتك المناسبة ستجدين أثرًا ظاهرًا بإذن الله وسيتدرج حتى يقل أو ينعدم بكرم من الله وفضل.

الخطوة السادسة: الحرص على مشاركته همومه ومشاركته أسباب انفعاله وتجنب الخلاف معه في أوقات همه وغمه وانشغال فكره، فهذا أيضًا له دوره فراعي هذه الأمور وانتبهي لها.

الخطوة السابعة: النظر في الأسباب التي تجعل زوجك بمثل هذه الأخلاق، فإن كانت أسبابًا تعود إلى طبيعة وظيفته أو طبيعة علاقته الأسرية فحاولي أن تجدي حلولاً مناسبة معها وأنت تحاولي إشراك نفسك في مثل هذه الحلول، فحاولي أن تكوني قريبة من زوجك بعيدة عن سبب إزعاجه، ومع هذا فلابد من الحفاظ على نفسك وعلى كرامتك وألا تسمحي له بأن يعتاد شتمك شتمًا سيئًا جارحًا، فإن لنفسك عليك حقًّا وإن لربك عليك حقًّا وإن لزوجك عليك حقًّا فأعط لكل ذي حقٍّ حقه، فالذلة مرفوضة والاستكانة لمثل هذه الحال غير مطلوبة ولكن الإصلاح والسعي مع الصبر هو الذي سيعينك على هذا الأمر، وقبل ذلك الاستعانة بالله عز وجل.   

المصدر: استشارات الشبكة الإسلامية
zwag

مستشارك الأسري

  • Currently 215/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
68 تصويتات / 2369 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

308,104