شهد شهر نوفمبر 2009 بداية تشغيل أهم وأكبر تجربة نووية عرفتها البشرية والتي تعرف بأسم "المصادم الهادروني الكبير (LHC)". فمصادم الـ LHC هو أقوي المعجلات التي َبنيتْ لدراسة خواص الجسيمات الأولية (المكونة لأنوية ذرات المادة) وأعلاها طاقة بهدف كشف أسرار المادة والكون وبداية الخلق. فمنذ عام 1990 يعد المركز الأوربي للأبحاث النووية CERN (سيرن) لهذا المشروع الضخم بتعاون دولي، حيث أن أكثر من 4000 عالم من معظم دول العالم يشاركون في هذه التجربة التي بلغت تكلفتها نحو 9 مليارات دولار.
وخلال هذه التجارب سوف يتم إجراء التصادم بين البروتونات مع بعضها البعض عند طاقة قدرها 14000 جيجا إلكترون فولت. تلك الطاقة العالية سوف تتيح لنا أن نغوص في أعماق المادة أكثر من ذي قبل لعلنا نجد أجوبة لبعض من الأسئلة المطروحة, والجسيمات الأولية المفترض وجودها.
تلك النتائج سوف تمكننا من فهم أعمق للجسيمات الأولية المكونة للكون وكذلك للقوي الأساسية للطبيعة. و طالما تمنينا أن يكون لنا كعرب مساهمات إيجابية في تلك التطورات المتوقعة لكي يكون ذلك تعويضا مناسبا لغيابنا عن تلك الساحة خلال العقود الماضية.
اتفاقية علمية مصرية هامة
وقعت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية اتفاقية ثنائية مع المركز الأوروبي للعلوم النووية CERN تهدف إلى التعاون العلمي ونقل وتبادل المعرفة بين الطرفين وإتاحة الفرصة لدى المجتمع العلمي المصري للاشتراك في تلك التجربة الفيزيائية الضخمة التي ينتظر أن تحدث ثورة علمية قد ينتج عنها تغييرا جذريا في النظريات الفيزيائية الأساسية والتركيب الدقيق للمادة.
وحرصا من وزارة البحث العلمي و أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا على نجاح هذا التعاون فقد كلف الاستاذ الدكتورهاني هلال وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور / شعبان سعيد خليل مدير مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية، فى سبتمبر 2008، بأن يكون منسقا للجانب لمصري في اتفاقية سيرن و بإنشاء و أدارة شبكة مصرية لفيزياء الطاقة العالية تضم مجموعة من الخبراء في الجامعات المصرية في مجالات الطاقة العالية و تعمل تحت رعاية وأشراف ا.د./ طارق حسين رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا.
وتهدف هذه الشبكة إلي:
• مواكبة الثورة العلمية المرتقبة فى فيزياء الجسيمات الأولية
• تطوير تقنيات رقمية لتمكن من تحليل بيانات تجارب مصادمات الهادرونات الكبيرة (LHC) والتي سوف يكون لها مردود بيئي وصناعي
• تجهيز الخبرات الفنية اللازمة لتصنيع أجزاء من أجهزة الرصد والقياس المستخدمة في تجربة LHC والمعدات الإلكترونية مرتفعة المواصفات.
و تتألف الشبكة المصرية لفيزياء الطاقة العالية من ثلاث مجموعات علمية:
1- مجموعة النظرية لفيزياء الطاقة العالية: والتي يمثل مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية أغلبية أعضائها. وتختص هذه المجموعة بالأبحاث النظرية في فيزياء الطاقة العالية وفي خلال العام والنصف الماضي قام أعضاء هذه المجموعة بنشر أكثر من سبعة عشر بحثا في اكبر المجالات العلمية العالمية.
2- مجموعة المحاكاة و تحليل بيانات: ينتمي الي هذه المجموعة باحثيين من جامعة القاهرة و مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية. تقوم هذه المجموعة بتحليل بيانات تجارب الـ LHC وعمل محاكاة (simulation) للنماذج النظرية التي تدرسها المجموعة العملية لفيزياء الطاقة العالية.
3- مجموعة العملية لفيزياء الطاقة العالية: وتضم هذه المجموعة باحثيين من جامعتي حلوان والقاهرة والتي سوف تقوم بتجميع وأختبارأجزاء أجهزة الرصد (RPC’s) لتجربة LHC .
وخلال العام و النصف الماضى تمكنت الشبكة من تحقيق الشروط والالتزامات المطلوبة من قبل المركز الاوروبى للابحاث النووية سيرن للاشتراك فى هذا المشروع العالمى من خلال أهم تجاربه والتي تعرف بأسم الـ CMS والتي تتضمن أكثر من 50 دولة و 180 جامعة و مركز بحثى.
وفى يوم 19/3/2010 أثناء اجتماع مجلس أعضاء أحدي اكبر تجارب مشروع المصادم الهادرونى الكبير (وهي تجربة الـCMS) تم التصويت على الملف المصري المقدم من الشبكة المصرية لفيزياء الطاقة العالية بأكاديمية البحث العلمى و التكنولوجيا و الذى قد عرضه أ. د/ شعبان خليل مدير مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية في مصر أثناء أنعقاد أجتماع مجلس أعضاء التجربة في 11 ديسمبر 2009. و لقد كانت نتيجة التصويت 69 صوتا مؤيدا لانضمام مصر للتجربة مقابل صوتين فقط كانا معارضين وبالتالى أصبحت مصر، ممثلة فى الشبكة المصرية لفيزياء الطاقة العالية ، عضوا رسميا فى إحدى اهم التجارب الفيزيائية فى العصر الحديث كأول دولة عربية و افريقية و ثالث دولة في العالم الثالث تشترك فى هذه التجربة.
ساحة النقاش