الجاذبية ... والحياة البشرية
د. زياد موسى عبد المعطي
الجاذبية الأرضية ضرورية للحياة على الكرة الأرضية، والجاذبية المغناطيسية لها تطبيقاتها العلمية والعملية، والجاذبية للأوطان نتيجة الحب والانتماء، والحب والجاذبية بالغة الأهمية في الحياة البشرية.
الجاذبية الأرضية بدونها لا تكون حياة على الأرض، فإذا تخيلنا الأرض بدون جاذبية لتطايرت الأشياء من على سطح الأرض وما كان على الأرض حياة، الأرض تحبنا وتجذبنا إليها لنعيش عليها، بل نعيش فيها: على سطح اليابسة، ونبحر في وعلى المسطحات المائية من المحيطات والبحار والأنهار، ونطير في غلافها الجوي.
أوطاننا تحبنا ونحبها، تجذبنا إليها، نحب الحياة فيها، حب الوطن يتمثل في حب الشارع والقرية أو المدينة والمحافظة والدولة، حب ذو جاذبية خاصة يشعر بها البشر.
بل الحب والجاذبية أساسي لتكوين الاسرة، حب بين الزوج والزوجة به جاذبية يجذب كلٍ منهما للآخر، جاذبية وحب ينتجان أبناء ينجذبون نحو الوالدين والبيت الذي نشأوا فيه، والوالدين ينجذبان بالفطرة لأبنائها، الاسرة بين أفرادها جاذبية لا يحبون أن يفترقوا عن بعضهم.
الجاذبية ضرورية للنجاح في الدنيا، فلكي ينجح تاجر في تجارته لابد أن يعرض البضاعة بصورة جذابة، ولكي تنجح جريدة لابد ان تكون جاذبة للقارئ في العرض والعناوين والمحتوى، ولكي تنجح قناة تلفزيونية فإنها تقدم برامج جذابة تجذب المشاهد، وغير ذلك من الأمثلة.
أحيانا قد يحتاج الإنسان إلى أن يتغلب على قوة الجاذبية، ولكن سرعان ما تتغلب عليه الجاذبية فتعيده إلى موطنه.
البشرية احتاجت إلى التغلب على الجاذبية الأرضية للتعرف على اسرار القمر والكواكب الأخرى، فأرسلت الدول المتقدمة رواد الفضاء في سفن الفضاء لاستكشاف القمر، وعاد رواد الفضاء إلى الأرض بما يحملون من معلومات جديدة، وترسل هذه الدول سفن الفضاء لاستكشاف الكواكب.
قد يحتاج الانسان إلى مغادرة وطنه لفترة قد تطول أو تقصر لاكتساب علم أو مال أو كليهما، أو لظروف أخرى، ويظل تأثير الجاذبية والحب للأهل والأحباب والوطن لها تأثير عليه اثناء الغربة، فيعود بعد فترة لزيارة الوطن والأهل الأحباب، وقد يعود نهائياً لوطنه.
يحتاج الانسان عندما يريد الزواج أن يغادر البيت الذي نشأ فيه، لكي يقيم بيتاً جديداً مع شريك حياته ويكون اسرة جديدة، ولكن تظل قوة الحب والجاذبية تجذبه نحو والديه يزورهما ويحسن معاملتهما ويبرهما ابتغاء مرضاة الله.
وأخيراً الأرض تحبنا، ومنها نشأنا ومن ترابها كان أصلنا، ومن ترابها يكون غذاؤنا، فتجذبنا إليها، وتكون نهاية كل إنسان أن ينجذب لباطن الأرض ليدفن فيها بعد الموت، وتضمنا الأرض في باطنها، ومهما تغرب الإنسان عن وطنه يحب أن يدفن في مسقط رأسه.