الصيام .. طاعة وصبر
بقلم: د. زياد موسى عبد المعطي
صيام شهر رمضان دورة تدريبية على الطاعة، والصبر.. دورة تدريبية مجانية بلا رسوم، ولا حجز بمواعيد مسبقة .. دورة تدريبية إجبارية على كل مسلم بالغ عاقل ليس لديه موانع شرعية تحول بينه وبين الصيام.. دورة إجبارية يجتازها المسلمون كل عام.
الصيام طاعة لله: يصوم المسلمون شهر رمضان طاعة لأمر الله الذي كتب علينا الصيام، ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” (البقرة: 183)، «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (البقرة: 185). صيام رمضان من أول الشهر لآخره وفق رؤية الهلال حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صوموا لرُؤيتِهِ، وأفطِروا لرؤيتِهِ، وانسُكوا لها، فإن غُمَّ عليكُم، فأكمِلوا ثلاثينَ، فإن شَهِد شاهدانِ؛ فصوموا وأفطِروا” (صحيح النسائي).
يصوم المسلمون في رمضان في مشارق الأرض ومغاربها مهما كان موقعهم، مهما كانت حالة الجو حاراً كان أم بارداً، سواء جاء شهر رمضان في الصيف أو الشتاء أو الربيع أو الخريف، يصومون من الفجر إلى المغرب سواء طال النهار أم قصر، يصومون عما أحل الله في غير الصيام من الطعام والشراب والشهوات، ويكون الصيام عما حرم الله أولى.
طاعة الله ورسوله من صفات المؤمنين؛ يقول الله عز وجل ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا” (الأحزاب: 36) “وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (البقرة: 285).
الجائزة لمن يطع الله ورسوله هي الفوز يوم القيامة ودخول جنة تجري من تحتها الأنهار “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ” (النور: 52)، “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (النساء: 13)، “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا” (النساء:69) ، من يطع الله يفز بالجنة ومن يعص الله يعذبه في الدنتيا والآخرة “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (الفتح: 17) .
طاعة الله واجبة في رمضان وغير رمضان، طاعة الله واجبة في كل زمان ومكان، فاللهم اجعلنا من الطائعين الفائزين بجنات تجري من تحتها الأنهار.
الصيام يعلم الصبر: الصيام يعلم الصبر على الطاعة، فالمسلم يصبر على الصوم مهما طال النهار، ومهما اشتد الحر.
الصبر وصية يتواصى بها المؤمنون “إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (العصر: 3)، والصبر والصلاة يساعدان المؤمنين على الطاعة، ويجعلان المؤمن في معية الله وحفظه “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 153)
نصبر طمعاً في رضا الله وكرمه وثوابه، يقول الله عز وجل “قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” (الزمر: 10)، “وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ” (القصص:80)، “إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” (يوسف: 90).
الصبر نحتاجه للمواظبة على الطاعات، نحتاجه في البعد عن المحرمات، الصبر ضروري في تحصيل العلم، الصبر ضروري في طلب الرزق، الصبر لا غنى عنه في تربية الأولاد، الصبر أدب يجب أن نتحلى به في التعامل مع الآباء باحترام ورحمة ومودة، الصبر ضروري للنجاح في الحياة، والصبر زاد نتزود به لكي ننجح في الدنيا، ولكي ننال رضا الله فيجعلنا نفوز بنعيم الآخرة