عادات تفسد فرحة العيد
بقلم: د. زياد موسى عبد المعطي أحمد
العيد فرحة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فالعيد شرعه الله عز وجل لكي يفرح فيه المسلمون فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكما الله بهما خيراً منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى" (رواه النسائي – حديث صحيح).
عيد الفطر فرحة للمسلمين بانتهاء شهر الصيام، فرحة بأن وفقنا الله وأعاننا على طاعته وصوم شهر رمضان المعظم، فرحة بأن أعاننا على صيام الفريضة وبأن أقمنا أحد أركان الاسلام الخمسة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " للصائم فرحتان، فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه" (صحيح الجامع للألباني)، فندعو الله ونبتهل إليه أن بلغنا الفرحة الأولى في العيد أن يبلغنا الفرحة الثانية، وأن نفرح يوم لقاء ربنا يوم القيامة، وأن ندخل الجنة من باب الريان باب الصائمين.
العيد فرحة للفقراء والمساكين، يتلقون زكاة الفطر، ويشعرون بحب الناس، ويشعرون بالتكافل، ويشعرون باهتمام الناس بهم.
العيد فرحة يبدأ بصلاة العيد، وصلاة العيد سنة مؤكدة، وصلاة العيد من السنة أن تكون في الخلاء ويخرج لها الأطفال والنساء، صلاة العيد يسبقها التهليل والتكبير والحمد على هذا اليوم العظيم الذي جعله الله للمسلمين.
العيد في الإسلام يوم فرحة وسرور، نلبس فيه الملابس الجديدة، وتناول الطيب من الطعام بدون إسراف، فالله عز وجل يقول: " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " (الأعراف: 31،32). فيجب ألا نسرف في الطعام وتناول الحلويات وأكلات العيد الدسمة حتى لا يأتي ذلك بنتائج غير محمودة.
والعيد في يوم فرحة للأطفال، يوم يسعد فيه الأطفال بالملابس الجديدة ويتلقون من الوالدين والأقارب "العيدية" التي يفرحون بها، ويشترون ببعضها ألعاباً يلعبون بها في أيام العيد، ويجب أن ينتقي الآباء الألعاب المناسبة للأطفال كلٍ على حسب سنه، ويجب البعد عن الألعاب المؤذية، مثل الألعاب النارية (مثل البمب وصواريخ البارود) التي تسبب إزعاجاً للآخرين، ومثل مسدسات الخرز التي ينتج عنها حوادث قد تؤدي إلى فقأ أعين الأطفال الآخرين.
العيد يوم فرحة ويوم لصلة الأرحام، يوم للتزاور يوم البر والصلة، يوم تجتمع فيه أفراد العائلة، ويوم للمسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويوم الأصدقاء تتجدد فيها أواصر الحب والصداقة، يوم العيد فرصة لنسيان الخلافات والصلح بن المتخاصمين.
والعيد فرحة وفرصة لنسيان الهموم، والبعد عن الضغط العصبي وضغوط الحياة اليومية، واستعادة الحيوية اللازمة لمواصلة رحلة الحياة اليومية والعمل الشاق.
العيد فرصة ليجتمع أفراد الأسرة: الأب والأم والأولاد، فرصة للخروج للنزهة في الأماكن العامة، فرصة لينعم الوالدين بالقرب من أبنائهم، وفرحة للأطفال باهتمام آبائهم بهم وخروجهم معهم للتنزه.
العيد أحد رموز وحدة الأمة الاسلامية التي تصوم وتفطر وتحتفل بالعيد في نفس التوقيت، والعيد فرصة لكي تفكر الأمة الاسلامية في الاتحاد ونبذ الخلافات، ندعو الله أن يوحد الدول الاسلامية.
العيد فرحة قد يفسدها بعض العادات التي ليست من الدين في شيء، والاسلام منها بريء حيث يحرص بعض الناس على زيارة المقابر عقب الانتهاء من صلاة العيد، ويجددون الأحزان، ويحولون يوم العيد إلى يوم أحزان، فزيارة المقابر للعبرة والعظة مطلوبة لكن ليس يوم العيد، وهناك عادة أخرى سيئة في بعض الأرياف بتجديد المأتم في أول عيد يمر على الميت، فتجد أهل الميت في أول عيد يمر على قريبهم يجلسون يأخذون التعازي، تتضح هذه الصورة في عيد الفطر عنه في عيد الأضحى لطول الفترة الزمنية قبل عيد الفطر عنه في عيد الأضحى، ويحولون بذلك يوم العيد من يوم فرحة إلى يوم حزن ، هذا مخالف للدين، فيجب ترك هذه الأمور المخالفة للشريعة نهائياً.
كل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا جميعاً الصيام والقيام وصالح الأعمال، وكل عيد والأمة الاسلامية بخير، وندعو الله أن تكثر أيام الفرحة والسرور والسعادة في حياتنا.