برلمان شباب وطلائع محافظه اسيوط

يدور حول تطور الفكر السياسى الحالى فى مصر وتثقيف الشباب

 

 

منذ اندلاع أحداث ميدان التحرير والصدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين يوم السبت 19-11-2011م، لم تتوقف تلك المصادمات والتي خلفت قرابة (40) قتيلا، وحوالي أربعة آلاف جريح، وامتد ما يحدث في التحرير إلى ميادين عدة في مصر مثل الاسكندرية وبور سعيد والسويس وبعض محافظات الصعيد ومرسى مطروح.   الحائط السلفي   لكن ما أثار الانتباه هو موقف الدعوة السلفية وحزبها "النور" من الأحدث الذي اتسم بقدر عال من المرونة السياسية، والقدرة العالية على التعامل الفعال مع تطور الأحداث؛ بل والتحرك على الأرض بقدر أثار إعجاب الثائرين الذين رأوا في الموقف السلفي اقترابا من خطابهم الثوري ومطالبهم السياسية؛ واقترابا منهم في الميدان مشاركة وحماية ومحاولات للتهدئة وحماية لسقف مطالبهم.   وكان آخر المواقف التي اتخذها عدد من شيوخ السلفية وقيادات في حزب النور هو اليوم الخميس 24-11-2011، حيث أعلنا أن عدد من مشايخ التيار وقياداته سوف ينزلون إلى شارع "محمد محمود" القابعة فيه وزارة الداخلية المصرية، والذي تجري فيه أعنف المصادمات ، والشارع الموصوف بأنه" بوابة الدخول إلى العالم الآخر"، سينزل السلفيون وسيشكلوا حائطا بشريا ودروعا تحول بين الأمن والمتظاهرين لوقف الاشتباكات ووقف حمامات الدم المتفجرة، ولم يكتف بيان النور بذلك بل أعلن دعوته للوطنيين المصريين بأن يأتوا إلى خيمته المقامة في التحرير لكي يكون الانطلاق وطنيا.   وجاءت دعوة النور بعد عدة دعوات وجهتها قوى مختلفة من بينها الأزهر لوقف العنف في شارع محمد محمود، وبعد فشل كثير من الحوائط البشرية للحيلولة دون وقوع مثل هذه الاشتباكات، وهو ما يعني أنه في حالة نجاح النور في تلك المهمة فإن ذلك يضاف إلى رصيده السياسي الآخذ في الصعود ليس في أوساط المتدينين فقط، ولكن في أوساط الثوار، الذين لم تتوقف تعليقاتهم الإيجابية تجاه السلفية ووصف موقفهم بالرجولي والمسؤول والذي يحفظ مكاسب الثورة ودماء الثوار.   الرصيد السلفي   والواقع أن رصيد السلفية في ميدان التحرير وبين الثوار آخذ في التصاعد بعد مواقف اتخذتها الدعوة السلفية وصبت في رصيدها السياسي، عقب قصف إعلامي مكثف لمواقفها الفترة الماضية، فجاء موقف الدعوة السلفية بالمشاركة في مليونية الثلاثاء 22-11-2011 عقب قرار الإخوان بعدم المشاركة، وهو ما خلق حالة من الإرباك في الوسط السياسي الإخواني، نظرا لانتقال السلفية وفق تلك الرؤية نحو رهانات سياسية ستحقق لها حضورا في ساحات الثوار وإيجاد مساحات للتواصل والتقارب مع القوى الوطنية ستنعكس حتما في صناديق الاقتراع في الانتخابات التي باتت على الأبواب.   وجاء بيان السلفية مساء السبت (19-11) واضحا ومكثفا للغاية ويوضح أن نزول السلفية هو حماية للثوار وحقنا لدماء المصريين ونصرة للمظلوم، فالبيان مزج بين قيم الإسلام في النصرة وحقن الدماء وبين قيم الوطنية في الحفاظ على مكتسبات الثورة، فأخذت الصورة الذهنية عن السلفية ومواقفها السابقة من ثورة يناير تتبدد، وكأن السلفية أصبحت أمام البدء في صفحة جديدة من العمل السياسي، تكون فيه الشرعية نتاج للعمل على الأرض، ومحصلة للرهانات الصحيحة، وفق رؤية تركز على الشعب وتبني مطالبه وتقترب من حاجاته.   ويلاحظ في الأداء السلفي تجاه التحرير أنه اتسم بقدر مثير للإعجاب من القدرة على التحرك بمرونة عالية، خلافا لما يروج عنه من جمود، فعقب مليونية الجمعة (18-11) صدر بيان قصير على موقع "أنا سلفي" يهيب بأبناء السلفية عدم المشاركة في اعتصام التحرير أو أي ميادين أخرى، وانتقد بعض مشايخ السلفية الكبار مثل الشيخ حسن أبو الأشبال والشيخ محمد عبد المقصود ما قام به حازم صلاح أبو إسماعيل، القريب من السلفية، بالنزول يوم السبت إلى ميدان التحرير عقب وقوع مصادمات بين قوت الأمن والمتظاهرين.   لكن سرعان ما تغير الموقف السلفي بطريقة يمكن أن توصف بأنها انقلابية  نحو الأخذ بخيارات سياسية وثورية تكاد تتطابق مع خيارات الثوار في التحرير وعدد من الميادين الأخرى، فأعلن السلفيون مشاركتهم في مليونية الإنقاذ يوم 22-11.   رهانات جديدة   وجاء تصريحات السلفية أكثر وضوحا واقترابا من الثوار، فطالبت الدعوة السلفية المجلس العسكري بالتخلي عن أية مهمة سياسية في المرحلة الانتقالية، مع بقاء الجيش لتأمين المنشآت الحيوية، وطالبت أن يفوض الجيش سلطاته إلى حكومة إنقاذ وطني مدنية توافقية تمثل فيها القوى السياسية المختلفة، وهو أحد أهم مطالب الثوار، مع تطهير وزارة الداخلية ممن قاموا بقتل المتظاهرين، والإعلان الفوري عن إلغاء وإبطال "وثيقة السلمي" المثيرة للجدل.   ووجهت الدعوة السلفية دعوة إلى أبناءها للنزول إلى كافة الميادين والمشاركة بقوة على اعتبار أن المشاركة مع كافة القوى الوطنية والسياسية هي الضمان لتحقيق أهداف الثورة، وقام بعض مرشحي حزب النور في محافظة بني سويف، وهو أحد معاقل السلفية المهمة، بتعليق أنشطتهم الانتخابية، تضامنا مع الثوار لحين انتهاء ما يجري في التحرير، وانطلق بعض أعضاء النور بمسيرات إلى التحرير.   ودعا نادر بكار، المتحدث الإعلامي للنور، شباب الحزب للنزول إلى الميدان، وإسعاف المصابين وتشكيل لجان لحمايتهم وتوفير بعضا مما يحتاجونه من دواء وطعام، كما أصدرت رابطة شباب الدعوة السلفية بيانا يدين ما يتعرض له المتظاهرون في التحرير، وإعلان شباب السلفية عن نصرتهم لأنهم مظلومون، وشارك ما يقرب من ألفي سلفي في ظاهرة في محافظة مطروح الحدودية دعما للتحرير وطلبا لإسقاط المشير طنطاوي والقصاص لدماء الشهداء.   كذلك تحرك السلفيون على مسار آخر وهو عدم إغلاق باب الحوار مع المجلس العسكري والقوى الأخرى حيث استجاب حزب النور للدعوة التي وجهها المجلس العسكري للقوى المختلفة ومن بينها النور للحوار يوم 22-11، وشارك رئيس الحزب في الاجتماع مع الفريق سامي عنان رئيس الأركان.   مدى المرونة السلفية   من خلال الاستعراض السابق تثور تساؤلات حول المكاسب التي من المتوقع أن تجنيها "السلفية السياسية" في مصر من خلال مرونتها في التعامل مع أحداث التحرير وقدرتها على الانتقال الكبير بمواقفها وأنصارها من الضد إلى الضد خلال فترة وجيزة دون أن يحدث ذلك ارتباكا وتصدعا داخليا، خاصة إذا أدركنا أن السلفية ليس لها تنظيم حقيقي يجمعها كما أنها جماعات ربما أشبه بالتيار منها إلى التنظيم القوي مثل الإخوان المسلمين.   الأمر الثاني: ما هو القدر من المرونة المتوقع أن يمضي فيه السلفيون في التعامل مع مجريات الأحداث، وهل يرشح تعاطيهم الإيجابي مع ما يجري في التحرير كمؤشر على "عقلنة التيار سياسيا" ومنحه شرعية ليكون شريكا وطنيا حاضرا وفاعلا، وبالتالي كسر احتكار "الإخوان المسلمون" لما يمكن تسميته بالصوت الوحيد المعبر عن الإسلام السياسي في مصر، وتأثير تلك المرونة على السلفية نفسها وعلى المشهد السياسي المصري الذي يموج بحالة عالية من التأطير السياسي ودخول قوى هادرة إلى ساحة العمل السياسي.   المكاسب   فيما يتعلق بالمكاسب السياسية المتوقعة نتيجة للمشاركة السلفية فيما يجري في التحرير، فمما لا شك فيه أن السلفية أحدثت قدرا من الاختراق الحقيقي للميدان الثائر وقدرا من الاحترام بين المتظاهرين، نتيجة لاقتراب مواقفها الأخيرة من الثائرين، وهذا بلا شك سيكون له انعكاس في صناديق الاقتراع القادمة، وقدرا من القبول للحضور السلفي سياسيا وإخراجهم، إلى حد ما، من التصورات التي تحصرهم في "الضعف السياسي" إلى ساحة الفاعل السياسي المؤثر، وهو مكسب كبير للسلفية بلا شك.   كذلك فالسلفية استطاعت أن تحتفظ بقدر من التماسك في قاعدتها الشبابية ولم تجعل جموع الشباب السلفي ينصرف عنها وينزل منفردا إلى الميدان، وذلك على خلاف ما حدث مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يخلق تماسكا سلفيا في الموقف القيادي والشبابي.   واستطاع السلفيون بموقف هذا النجاة من الاتهامات بالانتهازية السياسية التي يصر المناوئين للتيار الإسلامي على جعلها صفة لصيقة بالإسلاميين بعد الثورة، فنجح السلفيون في أن يأخذوا خطوة بعيدة عن العسكر الذي قلت شعبيتهم في الشارع المصري، وأن يأخذوا خطوة متمايزة عن الإخوان الذين خسروا جزءا من أرصدتهم في ميدان التحرير نظرا لموقف الرافض للمشاركة في مليونية الإنقاذ، وهو ما يطرح السلفيين كفاعل سياسي قائم وقادم ومؤثر، خاصة إذا نظرنا إلى تقديرات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الإخواني الشهير ومرشح الرئاسة القادم، لأعداد السلفيين في مصر  بأنها تقدر بحوالي (20) ضعف عدد الإخوان في مصر، لكن مشكلتهم في أنها أعداد بلا تنظيم، وتصريحات قادة سلفيين بأن عددهم يفوق الإخوان عشر مرات.   نجاح سياسي محتمل   أما ما يتعلق بمدى المرونة التي من المتوقع أن يتمتع بها المشروع السلفي السياسي والعقليات التي تديره وتقف وراءه، فلا شك أن البعض يرى في موقف السلفيين الأخير أشبه بومضة سرعان ما يعود بعدها السلفيون إلى جمودهم، ويستدلون بالمثل الإنجليزي أن "الساعة المتعطلة تشير إلى الوقت الصحيح مرتين يوميا" ، غير أن تلك الرؤية أيديولوجية وليست واقعية، لأسباب منها فكرية إذ هناك فكرة قوية داخل تركيبة العقلية السلفية ترشح وترسخ تلك المرونة السياسية وهي مسألة "المصالح والمفاسد" و"المصالح المرسلة" والتي يعرفها الفقهاء بأنها "المصلحة التي لم يشهد الشرع لها لا باعتبار ولا بإلغاء" والسياسية أحد أبرز تلك المصالح وربما هي ما كفلت للسلفية الدخول السريع في السياسة بعد موقفها التقليدي الرافض للمشاركة السياسية والحزبية   والخبرة السلفية السياسية تشير أن السلفيين استطاعوا خلال شهور قليلة أن ينتقلوا من حالة الموقف السلبي من السياسة إلى أن يصبحوا منافسين أقوياء للإخوان سياسيا، وان يعتمدوا خطابا سياسيا يتطور باستمرار نحو بناء توافق ويقوم بتعديل تكتيكاته السياسية وخطابه في زمن قياسي.   الأمر المهم هنا أن هناك رؤية تذهب أن السلفيين كانوا في عدم مشاركتهم السياسية لا يجيدون قراءة الواقع السياسي، وأن الأحدث الجارية تشير أن السلفية السياسية آخذة في قراءة المشهد، لكن هناك رؤية ربما أكثر واقعية تذهب أن السلفية قرأت الواقع السياسي المصري قبل الثورة بعمق كبير، وخلصت منه أن وجودها وحضورها المجتمعي واستحواذها على الكثير من مفاصل الخطاب الشرعي والدعوي مقدم على خوض السياسة في ظل الاستبداد الذي لن ينتهي بها إلا أن تكون مقموعة محجوبة، وبالتالي قرأت المشهد بعمق ورأت أن الحضور الشرعي والدعوي والاجتماعي أهم لها، وأن هذا الحضور من الممكن أن يترجم بقدر يسير من التعديل نحو السياسية عندما يتغير الواقع.   ولعل هذا ما كان المفاجأة الكبرى للجميع بعد الثورة، وبالتالي فالتوقعات أن تستمر المرونة السلفية سياسيا هو ما سيخلق تحديا كبيرا ليس للإخوان فقط، ولكن للقوى العلمانية التي فشلت في "شيطنة السلفية" لتصفية الحسابات مع الإسلاميين وإقصاءهم عن الساحة السياسية

                                                اعداد /على رضوان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 183 مشاهدة
نشرت فى 25 نوفمبر 2011 بواسطة youthparliamen

ساحة النقاش

all friends

youthparliamen
نحن مجموعه من الشباب ذو الفكر السياسى القائم على خدمه مصر وتوحيد صفوف الامه »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

26,344