لا ينحصر مفهوم النجاح في مجالٍ معين من مجالات الحياة وميادينها المُتعددة، حيثُ يستطيع الإنسان النجاح في عمله، أو دراسته، أو جني المال وجمع الثروة، إلى جانب النجاح في تعزيز العلاقات الاجتماعية، والتمتع بحبّ الناس واحترامهم، والقدرة على التعامل بإيجابية مع الظروف الحياتية، وتخطي العقبات، ومعالجة مختلف المشاكل، وهناك من يستطيع تحقيق النجاح في العديد من الميادين السابقة، ليجعل النجاح حليفه الدائم.
ورغم استصعاب البعض لمسألة تحقيق النجاح، إلا أن الأمر يبدأ بالإرادة، وبالإيمان بفكرة النجاح، حيث شاءت الصدفة التي أخرجت فكرة صغيرة أن يمنح الكثير من البشرية العباقرة المعروفين في العديد من الاختراعات والاكتشافات، كنيوتن الذي اكتشف قانون الجاذبية، بعد أن جلس تحت شجرة تفاح في إحدى المرات، واينشتاين الذي عانى كثيراً مع طباع زوجته التي لم تقدر يوماً فكره العظيم، وكثيراً ما كانت تسكب عليه الماء المتسخ وهو يشرح لطلبته الدروس والنظريات في الطابق السفلي من المنزل، ولم يكن اينشتاين الفيلسوف وعالم الرياضيات الأكثر شهرةً عبر التاريخ يشعر بالضيق على إثر ذلك، بل قال بأنه لولا أفعال زوجته المستفزة، لما صار فيلسوفاً.
وفي ذات الإطار قد يظن البعض أن مسألة النجاح مرهونةً بحجم النجاح، ومدى انتشاره وشهرته، لكن ذلك لا يرتبط بالضرورة مع كل الأمور، ولا يعتبر مقياساً، فهناك الكثير من العائلات الناجحة في علاقاتها الأسرية، أي نجاح وإيجابية علاقات أفرادها ببعضهم البعض، دون أن يكون ذلك مذاعاً أو معروفاً لدى كل الناس، فالنجاح هو أن يشعر الفرد بأنه حقق هدفاً أراده، وسعى إليه، وآمن به من قبل، واجتهد لتنفيذه وجعله الأفضل، ثم جعل نتيجة ذلك قاعدةً، لينطلق بها نحو نجاحٍ آخر. أما عن معوقات النجاح فهي كثيرة، لكن التغلب عليها ليس بالأمر الصعب، فالإرادة القوية تهزم كل شيء، لكنها أيضاً لا تكفي، فلا بد أن يرافق الإرادة الفعل والجهد، لذا فإن كل أمر يحتاج للتصميم، ثم العمل من أجل الهدف وتحقيق النجاح، ولا يتوقف الأمر هنا وحسب، بل إن الاستمرار جزء مهم من رحلة الوصول إلى النجاح، فقد يفشل أول مرة لكنه إذا استمر في التغلب على مشكلته، وينجح في حلها، نتيجة عزيمته على الاستمرار، وعدم الاستسلام من المرة الأولى. للنجاح آثارعظيمة على الإنسان، حيثُ إنه سيشعر بسعادة غامرة عند تحقيقه الأهداف والطموحات التي تصورها طويلاً في مخيلته، وسصبح شخصاً إيجابياً لا يصيبه الحزن أو الضيق نتيجة للنجاح، لأنه مقتنع بقدرته على خلق الظروف الأفضل لحياته، وتحسين جودتها، وسوف تزداد ثقته بنفسه، ويصعد أيضاً نحو نجاحٍ آخر، فالنجاح بالضرورة يولد نجاحاً آخر. نجاح الفرد هو نجاح للمجتمع أيضاً، فالموظف الناجح، يرفع إنتاج مؤسسته التي تمثل المجتمع، والطالب المتفوق سيجعل عائلته ومدرسته والمؤسسة التعليمية برمتها تفخر به، والفرد الناجح عموماً سوف يتأثر به الآخرون، مما يعني أن النجاح في هذه الحالة صار عدوى إيجابية تنتقل من شخصٍ إلى آخر.