الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب
هي من طليعة نساء المدينة اللواتي سارعن إلى الإسلام ، فقد كانت إحدى امرأتين رحلتا
مع طلائع الأنصار إلى مكة حيث كانت المبايعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
كانت رضي الله عنها إلى جانب فضلها وصلاحها مجاهدة شجاعة لا تهاب الموت في سبيل
الله . جرح ابنها عبدالله بن زيد وجعل الدم لا ينقطع فقال النبي صلى الله عليه وسلم
( أعصب جرحك ) فلما سمعت نداء النبي صلى الله عليه وسلم أقبلت ومعها عصائب أعدتها
للجراح فربطت جرح ابنها وقالت : انهض بني وضارب القوم .. فجعل النبي صلى الله عليه
وسلم يقول ( ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ؟! ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ؟!
وتمضي الأيام .. وتظل الفدائية المؤمنة تخدم الإسلام .. وتؤدي واجبها بكل ما تستطيع
في الحرب والسلام .. فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان وهي بيعة
المعاهدة على الشهادة في سبيل الله .. كما شهدت يوم حنين .
وأبلت رضي الله عنها في حروب الردة بلاء حسنا .. وتعرضت لكثير من المخاطر.. وهي
ثابتة تمني نفسها بنعمة الاستشهاد في سبيل الله ، ويقع ابنها حبيب أسيرا في يد
مسيلمة الكذاب ويذيقه أشد أنواع العذاب من أجل أن يؤمن بنبوته ، ولكن أنّى لابن أم
عمارة الذي ربي على الصبر و المصابرة عند اللقاء ، وعلى حب الموت في سبيل الله ..
أن يخضع لتهديد المجرم الآثم الذي يقول له : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ فيقول له
: نعم فيقول له : أتشهد أني رسول الله ؟ فيقول : لا أسمع . ويقطع الكذاب جسم حبيب
حتى مات .
فمن هذه الفدائية المؤمنة ؟؟
إنها الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف الأنصارية إحدى نساء بني مازن
النجار . ولقد عرف المسلمون في عصرها قدرها ، ولابد للمسلمين في عصرنا أن يعرفوا
حقها ، فكانت حقاً منارة عالية في التاريخ الإسلامي ، وتستحق أن تكون قدوة للمرأة
المسلمة على مر العصور في الجهاد والتضحية في سبيل الله
فلله در تلك النفوس الأبية .. التي تتحلى وتعتصم بالصبر إذا دجا الخطب وجل المصاب ،
فهي ثابتة مجتلدة صابرة إذا حلت الأزمات وتعقدت وتلاحقت الضوائق والنوازل .