دون سابق إنذار
رن الهاتف إنطلقت مسرعا بقلب يحمل كل علامات الاستفهام، بالأمس كنا سويا واليوم فارق الحياة عند صولي كل شيء يجبر على التوقف و التأمل، كأن الموت يفرض على الجميع بصمة خشوع جعلت الشارع يبدو مختلفا، السماء تبدو مختلفة، الأشجار و السحب و الوجوه كل شيء يبدو مختلفا، و آيات القرآن تعطر المكان، اختلطت الدموع بالتعازي.
بين كل تلك التفاصيل إذا بي أمام الجسد الممدد إقتربت لألقي عليه النظرة الأخيرة من الصعب تقدير الوقت الذي استغرقته فقد بدا أن الوقت قد قرر التوقف و مشاركتي لحظة الوداع ، رفعت الوشاح الأبيض و ظهر لي وجه مألوف بتفاصيل غير مألوفة، كان الوجه على غير عادته شاحبا، سعيدا دون أن ترسم عليه أية ابتسامة، بدا راضيا، قانعا، صامتا يقول كل شيء. و بدا الجسد مسجى فوق لوح خشبي و ملفوف بقماش أبيض، لا يظهر منه إلا الوجه القابع تحت الوشاح الأبيض.
فجأة و بدون سابق إنذار، يحمل الجسد و الكفن و اللوح الخشبي، و يطير الكل فوق الأكتاف على اختلافها لينتقل من الغرفة إلى باب البيت، حيث تداعبه الشمس للحظات قبل أن يستقر داخل سيارة كتب على بابها الخلفي “كل نفس ذائقة الموت، نقل أموات المسلمين”.
جمال الساخي