سئل مناحم بيجين صاحب مذبحة دير ياسين - 9-4-48 - عقب قصف مفاعل العراق النووى " هل تظن أن العرب سوف يقومون بأى عمل كرد فعل فأجاب :" أعتقد أنهم سيتكلمون كثيرا ثم سرعان ما ينسون " .
ورغم أننى عربى من اولئك الذين تحدث عنهم بيجين إلا أننى وعلى خلاف ما قال بيجين لم أنس ولا أستطيع أن أنسى بل ولا ينبغى لى أن أنسى . . ولا زلت أذكر نفسى وأستعيد جرائم يهود كلما تجددت البلايا لكى لا أنسى حتى يأتى يوم القصاص .
فى مثل هذه الأيام منذ أكثر من عقدين من السنين وبالتحديد فى 26-2-1994 كانت مذبحة المسجد الأقصى البشعة والتى لا زالت أحداثها تتراءى فى خيالى لا تبرحه وكأنما قد حدثت بالأمس .
كانت منتصفات شهر رمضان . . وكان المصلون يستبقون إلى الحرم القدسى لصلاة الفجر بينما يتصاعد صوت المؤذن يهز سكون الليل . . المسجد يحيطه جند شاكى السلاح . . والمصلون يمرون عبر حواجز الطرق التى أقاموها غير مبالين بهم ليدركوا نداء الرحمن .
اصطف المصلون فى المسجد خلف الإمام ونور الإيمان يشع من وجوههم والسكينة تحف بهم . . كان للحرم القدسى جلال وهيبة ظهرت على الخشوع والوقار الذى لف القلوب والرؤوس المنكسة الخاشعة .
الإمام يكبر فيركع المصلون خلفه وتتصاعد أصوات طلقات من خلف الصفوف .
فى البداية لم يجزع المصلون الذين اعتادوا سماع رصاص جند الإحتلال من آن لآخر . . ولكن صوت الطلقات استمر يتبعه أصوات صرخات ورائحة البارود والدماء . . هنا أصيب الصف بالخلل وانطلق المصلون يجرون فى كل اتجاه تطاردهم الطلقات حيث ساروا .
كان هناك فى مدخل المسجد رجل يحمل رشاشا يطلق رصاصاته على المصلين - وقيل أكثر من رجل - بينما يتساقط المصلون فى باحة المسجد بين قتيل وجريح .
كانوا يحتاجون إلى أكثر من ستين قتيلا وأكثر من مئة جريح حتى يتمكنوا من السفاح القاتل فيقتلونه .
والآن هل تذكرتم مذبحة الحرم الإبراهيمى التى ارتكبها الطبيب اليهودى موردخاى جولدشتاين .
ينبغى أن تبقى دائما فى الذاكرة ونعلمها أولادنا مع عشرات المذابح الأخرى التى عاناها شعبنا فى فلسطين .
كان جولدشتاين طبيبا فيزيائيا من أصل أمريكى وكان يقطن مستعمرة كريات أربعة . . وقد هاجر إلى أرضنا المحتلة قبل تاريخ المذبحة بإحدى عشرة سنه وهو كولونيل سابق فى الجيش شارك فى غزو لبنان سنه 1984 وينتمى إلى حركة كاخ المتطرفة.
وقد صرح قبل المذبحة بأيام فى حوار له مع إحدى الصحف السيارة بقوله : " هناك وقت للكشف والعلاج فى العيادة وهناك وقت للقتل " ثم أضاف : " إننا نغش أنفسنا عندما نفكر بإمكانية التعايش مع العرب " كان هذا ما يردده ويعرفه عنه كل من يعرفه .
ورغم أن زوجته صرحت للصحف أنها أبلغت عن الجريمة قبل حدوثها . . ورغم أن الحرم القدسى محاصر بالعشرات من جنود الإحتلال شاكى السلاح إلا أن أحدا لم يتحرك لمنع الجريمة من الحدوث . . بل وأكثر من ذلك لقد قصرت بل قل امتنعت أجهزة الإسعاف عن إسعاف المصابين وتركتهم ينزفون فى باحة المسجد – كما صرحت بذلك منظمة أطباء بلا حدود – لتزيد من تفاقم المشكلة وزيادة القتلى .
ووسط أحزان شعوب العرب والمسلمين . . واستنكارات وشجب حكامهم وأجهزتهم الرسمية . . ووسط المظاهرات العارمة التى اجتاحت مدن الغرب والشرق – من غير العرب بالطبع – ضد اسرائيل .
كان هناك من يحتفلون بالسفاح القاتل ويحولون قبره إلى مزار دينى كأحد القديسين يقصده اليهود من كل حدب وصوب للزيارة والتبرك .
نعم . . هم يعتبرونه بطلا ويده ملوثة بدماء الأبرياء من المصلين الذين يسمونهم المدنيين العزل .
تلك هى ثقافة شعبهم .. تربى اطفالهم على القتل والدماء دون تفرقة بين مقاتل ومدنى أو بين رجل وامرأة وطفل واقرأوا معى التعليقات على الحدث .
يقول المستوطن تيرن فولك : " إنه عمل عظيم ومهم " ، وينشر التلفزيون الإسرائيلى على لسان أربى بن يوسف " إنها هدية أرسلت لنا فى عيد اليوريم " ، وعيد اليوريم هو عيد الإنتقام من العرب .
أما المتحدث الرسمى لحركة كاخ المتطرفة برغام فيدرمان فيقول " نحن نطأطئ الرؤوس أمام القديس البطل الدكتور باروخ جولدشتاين ".
وفى تحقيق صحفي في إحدى مدارس الكيان الصهيونى – مدرسة الدنمرك – نشر فى إحدى الصحف ، تقول نيزعزرا -17 سنه – " لقد كانت مهمة مقدسة كان ينبغى أن يأخذ معه قنابل يدوية " .
وتقول سيلفان ساسون زميلتها " إنه عمل بطولى إنه قديس " .
بينما تقول ايليزار كوهين " يجب أن يفعلها مستوطنون اخرون " .
هذه هى ثقافة المجتمع اليهودى وعلى هذه الأفكار يتربون . . لقد رصدت وكالات الأنباء فيما نقلت جريدة العربى بتاريخ 7/3 نشيدا شعبيا يردده الأطفال فى طريقهم لمدارسهم يقولون فيه " لم أنتقم بما يكفى . . لم أقتل عربيا " .
نعم نحن لا نستطيع أن ننسى ولن تتكسر نصال المذابح الجديدة على نصال القديمة فى قلوبنا . . بل ستظل مغروسة فى القلب هذه وتلك ليبقى نزيفها موصولا .
تسيل الدم . . وتوقظ الألم . . وتشحذ الهمم ولعلها يوما توقظ روح الخلاص وتبعث من القبور الاجداث

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 9 أغسطس 2016 بواسطة usamahafez

أسامة ابراهيم حافظ

usamahafez
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,122