authentication required

ما نعرفه عن السلام لا علاقة له بالسلام الحقيقي... لأن ما ندعوه سلاماً الآن ما هو إلا غياب حالة الحرب والانقسام... هو حالة غياب شيء ما وليس حالة حضور للإلوهية الساكنة في داخلنا... عندما تذهب إلى الجبال لا شك تشعر بالسلام... ولكن ذلك السلام هو غياب ضجيج السيارات والأسواق... عد من تلك الجبال وسرعان ما تكتشف بأن ذلك السلام قد غاب وعاد الصراع والضجيج والأوهام... كل إنسان يعيش في هدوء الغابات بعيداً عن ضجيج الكلمات والإعلانات ويحسب نفسه قد وصل إلى سكينة الندى وصمت الزهور، هو إنسان يعيش الأوهام والخيال ويخدع نفسه قبل أي إنسان... عليه أن يعود إلى السوق مكان الامتحان... فإذا كان سلامه صادقاً وصادراً من لب الألباب فلن يتأثر بما حوله من حركة في المكان بل سيساعده كل صوت في اكتشاف أعماقه أكثر فأكثر...



    إن السلام الذي يعتمد على المكان هو سلام مشروط، يعتمد على عدد من الظروف إذا تحققت ستحس بذلك السلام... أما إن غاب أي سبب ستعود الحرب والانقسام... هذا السلام موجود ولكنه ليس للإنسان... لأنه ينتمي إلى المكان الذي يوجد فيه وليس لك... لا يستطيع أحد أن ينكر السلام الموجود في الغابات ولكنه يبقى سلاماً للغابات يمكنك أن تستعير منه القليل وتحيا بذلك القليل... وحالما تغادر الغابات سيبقى السلام فيها ويعود الصراع إلى مكانه في داخلك... لذلك فأنت تصبح عبد لتلك الظروف والشروط... عبد لتلك الغابات والجبال

 

العديد من البشر ترك حياته وذهب ليعيش مع قمم الجبال وهدوء المقابر والتلال، ولكن هؤلاء تركوا عبودية المدن واستبدلوها بعبودية الطبيعية والمكان... كانت عبودية تعطيهم العدوان والآن العبودية تعطيهم الأوهام بالسلام

 

عليك ألا تثق بسلام مبني على شروط وظروف... بل هناك السلام الذي تصل إليه في هذا المكان والزمان و هذا السلام لا يعتمد على أي شرط بل هو سلام يحضره صوت ضربات القلب مع عزف النَفَس للألحان... هو سلام تحصل عليه من خلال تغيير وعيك وبنيانك وليس من خلال تغيير المكان... هذا هو جوهر التأمل... أن تغيّر نظرتك للأمور بتغيير وعيك وعالمك الداخلي، وليس تغيير المكان لتغيّر النظر إلى البنيان

 

عندما ترقى في وعيك وتبدّل كيانك ستزول كل أسباب الصراع والانقسام من داخلك... عندها أينما كنت وكيفما كنت فالسلام هو الرفيق الصادق الذي لا يتركك مهما كانت الأسباب والظروف... سينتشر منك السلام  أينما كنت ومشيت... حتى الأشخاص الذين تمر من عندهم سيشعرون بأن بداخلك شيء مميز... شيء غير مرئي ولكنه يلمس قلوبهم وروحهم

 

التأمل يجعلك تختبر السلام الحقيقي وهو سلام مبني عليك فقط وغير محدود... لذلك فلا يمكن لأحد أن يأخذه منك أو يعكر صفوك وصمتك... ولو حتى كنت في جهنم ستعيش السلام لأنك تحمل الجنة معك في قلبك

 

المصدر: مجلة آشو- العدد الثالث
  • Currently 56/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 802 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2010 بواسطة tulipe

ساحة النقاش

fathyelsheekh1

يا سيدتى : ما كل هذة الروعة - بارك اللة فيكى وجزاك خيرا - السلام اسم من اسماء اللة - المسلم من سلم الناس من لسانة ويدة - تحية الاسلام ( السلام عليكم ) ونؤمن ان كل الكتب السماوية والرسل والانبياء والاديان ( اليهودية - المسيحية - الاسلام ) انما ارسلها اللة لسعادة وسلام الانسان فى كل زمان ومكان 0 فتحى الشيخ - مؤسس حزب السلام - اسكندرية - مصر - موبايل / 01001616091

tulipe

tulipe
IDB »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

307,780