التعاون من أجل دعم
عودة البنات إلى المدرسة
لم يقتصر التزام الطالبات "بمدرسة دلقام للتعليم الأساسي" على تعليمهن الشخصي فحسب، وإنما امتد ليشمل تعليم زميلاتهن أيضاً. وتعكس هذه المدرسة الريفية التي تقع بمحافظة المنيا مثالاً واقعياً يبرهن على الآثار الإيجابية التي يمكن إحداثها في إطار تعليم البنات عن طريق بناء جسر من التعاون بين المجتمع والمدرسة.
يعمل"مشروع تحسين الأداء التعليمي للبنات" مع مدرسة دلقام منذ عام 2008. ولقد سارع المشروع لدعم أفراد المجتمع بغرض تشكيل "فريق التعليم المجتمعي". وتتألف هذه اللجنة الفرعية المنبثقة عن مجلس الأمناء، من معلمين ومعلمات، وقيادات مدرسية، وغيرهم من أفراد المجتمع المحلي بدلقام، ممن عُهد إليهم بمهمة تحديد ومعالجة التحديات الخاصة بتعليم البنات. وبعد الحصول على بعض التدريبات الأولية من قبل فريق العمل "بمشروع تحسين الأداء التعليمي للبنات"، أطلق "فريق التعليم المجتمعي" إشارة البدء لتنفيذ المهمة المُسندة إليه. ولقد تمثلت المهمة الأولى في تحديد المعوقات التعليمية الحالية، سواء بالمجتمع المحلي أو على مستوى المدرسة.
ولقد ساهمت الجهود المبذولة في إطار "مشروع تحسين الأداء التعليمي للبنات" – بالتعاون مع "فريق التعليم المجتمعي" – بشكل خاص في تحفيز كل من هبة علي وسمر جمال للمشاركة في دعم العملية التعليمية بعد انضمامهما إلى "فريق التعليم المجتمعي"، وبصفتهما معلمتين بالمدرسة. وفي إطار من التعاون مع غيرهما من أعضاء "فريق التعليم المجتمعي"، تمكنت كل من هبة وسمر من تشجيع زملائهما من المعلمين والمعلمات، بالإضافة إلى تلاميذ وتلميذات المدرسة، للمشاركة في مناقشات جماعية حول القضايا والتحديات التي تواجه التلاميذ والتلميذات على مستوى المدرسة. ولقد استولت الدهشة على التلاميذ والتلميذات عندما أدركوا أن بإمكانهم المساهمة في إنجاح الجهود التي تُبذل على مستوى مجتمعهم المحلي وفي مدرستهم. ولقد أعرب الكثير منهم عن تحمسه للمساهمة في الجهود التي يبذلها "فريق التعليم المجتمعي"، كما أبدوا رغبتهم في تخصيص المزيد من الوقت من أجل تطوير وتحسين الوضع القائم، لصالح أنفسهم ولصالح الآخرين أيضاً.
تمثل الدور الأول الذي تعهد التلاميذ والتلميذات بأدائه في التحقق من عدد البنات والبنين الذين لا يواظبون على حضور المدرسة بشكل منتظم، بالإضافة إلى عدد التلاميذ والتلميذات الذي انقطعوا عن الذهاب إلى المدرسة بشكل كلي. ولقد اتضح على الفور انتشار حالات التسرب بمدرسة دلقام. وفي واقع الأمر، أظهرت الأبحاث التي قام التلاميذ والتلميذات بإجرائها أن ظاهرة التسرب تمثل إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه تلاميذ وتلميذات المرحلة الإعدادية، وخاصة البنات. ولقد بادرت العديد من طالبات المرحلة الإعدادية، بمن فيهن أزهار علاء وفوزية فرج سيد، بالتعاون معاً وتحديد ثمانية حالات تسرب بين البنات بمرحلة التعليم الإعدادي، ولقد تضمنت تلك الحالات بعض زميلات الدراسة السابقات. لذلك، عقدت كل من أزهار وفوزية العزم على تقديم يد المساعدة لصديقاتهما من أجل العودة إلى المدرسة والانتظام بها.
وبدعم من "فريق التعليم المجتمعي"، شرعت كل من أزهار، وفوزية، وثلاثة آخرون، في توعية أولياء الأمور، لإتاحة الفرصة أمام زميلاتهن للعودة إلى المدرسة. كما بادرت التلميذات بإجراء زيارات منزلية إلى أسر وعائلات هؤلاء البنات، حيث اكتشفن أن إحدى البنات قد اضطرت إلى ترك المدرسة للمساعدة في الأعمال المنزلية، بينما تعمل أسرتها في المزارع والغيطان، كما تمت خطبة فتاة أخرى، وتقرر عقد زفافها في القريب العاجل، مما أدى بوالدها والدتها إلى إخراجها من المدرسة. ولقد تمكنت الفتاتان من إقناع البنات المتسربات بالعودة إلى المدرسة لاستكمال امتحانات الفصلين الدراسيين الأول والثاني بالصف الأول الإعدادي، مما يضمن لهما الانتقال إلى الصف الثاني بالمرحلة الإعدادية، ويمكنهما من مواصلة دراستهما بالمنظومة التعليمية. وقد بادرت كل من هبة وسمر - "بفريق التعليم المجتمعي" – بتقديم المزيد من الدعم، حيث قامتا بتحديد عدد من الأساليب التي يمكن من خلالها دعم تعليم البنات المتسربات بالمنزل، وذلك قبل حلول العام الدراسي التالي. كما قامت هبة وسمر – بالتعاون مع أزهار وفوزية – وغيرهما من التلاميذ والتلميذات بالبحث عن حلول لدعم تعليم البنات الأخريات –البالغ عددهن ستة طالبات – واللاتي انقطعن عن الدراسة.
وتعكس هذه الجهود المتواصلة، التي يتم بذلها بهدف تحسين مستوى إتاحة الفرص التعليمية أمام البنات وتعزيز أدائهن التعليمي، التزاماً حقيقياً من جانب أفراد المجتمع والعاملين بالمدرسة للتعاون معاً في حل المشكلات لصالح البنات والبنين بمجتمعاتهم المحلية. ولقد ساهم "فريق التعليم المجتمعي" في تمكين التلاميذ والتلميذات والمعلمين والمعلمات، ممن لم تتوافر لديهم فيما مضى قناعة بقدرتهم على قيادة عملية تطوير التعليم. ونتيجة لإسهامات "فريق التعليم المجتمعي"، فلقد بدأ أفراد المجتمع والعاملون بالمدرسة في تقدير قيمة الجهود التي يبذلها كل منهم. وفي المقام الأول، تمكنت هؤلاء السيدات والفتيات من إدراك أهمية التعبير عن آرائهن والمشاركة بفاعلية في هذه العملية.
ساحة النقاش