تاريخ الزيتون :
اختلط تاريخ الزيتون بمزيج من الواقع والخرافة والخيال ويعود منشأ الزيتون إلى ماض سحيق من تاريخ البشرية والى أزمان موغلة في القدم حيث وجد المهتمون من الصعوبة بمكان تحديد مكان وزمان بداية زراعة الزيتون لكنه من المسلم به اختلاط تاريخ الزيتون بتاريخ حوض البحر المتوسط وأنه يشكل جزءاً هاماً من حضارة وثقافة شعوب هذه المنطقة . ولقد قدست الديانات السماوية والحضارات الإنسانية شجرة الزيتون كما خلدها الشعراء والفنانون في أعمالهم.
قد أكتشف أن قدماء المصريين كانوا يستعملون زيت الزيتون في التحنيط ويعتبرون أن غصن الزيتون رمز للقوة الأبدية وكان الإغريق يجدلون غصون الزيتون الغضة كأكاليل توضع فوق رؤوس الفائزين في الدورات الأولمبية .
تعتبر الشواطئ المتوسطية لسوريا و فلسطين موطناً أصلياً ومهداً لنشأة شجرة الزيتون و منها انتشرت إلى بقية بلدان العالم. من المؤكد أن شجرة الزيتون وجدت منذ العصر الحجري أي قبل أكثر من /12/ ألف عام و أصبح جلياً كذلك أنه في الألف الثالث قبل الميلاد كانت في كل من سوريا وفلسطين شجره الزيتون مستثمرة. كما اكتشفت أغصان و بذور زيتون في آثار إيبلا في إدلب تعود لأكثر من 2500 عام قبل الميلاد ،كما وجدت في قبور الفراعنة بمصر وتعود لأكثر من 1500 عام فبل الميلاد وهنالك دلائل أكيدة أيضاً على وجودها في تلك الفترة في الواحات الليبية و على ضفاف بحر إيجة في تركيا و اليونان.
و يسجل التاريخ أن الفينيقيين نشروا هذه الزراعة ابتداءً من القرن السادس عشر قبل الميلاد إلى الجزر اليونانية و استمر بعد ذلك حتى بلغت أهمية كبرى في عهد (صولون) في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
واعتباراً من القرن الحادي عشر قبل الميلاد ،أي في عام 1030 دخل الزيتون إلى أسبانيا، ولأول مرة بواسطة الفينيقيين سادة البحر آنذاك, و انتقلت زراعة الزيتون في القرن السادس قبل الميلاد إلى شواطئ متوسطية عديدة عبر الشواطئ الليبية و التونسية و ساهم الرومان في نشرها في حوض المتوسط و اعتبروها سلاحاً في أيديهم كعامل استقرار للسكان, أما العرب المسلمون فقد كان لهم دوراً هاماً في نشر و تطوير هذه الزراعة حيث نقلوا أصنافاً عديدة من الزيتون إلى ضفاف المتوسط الأوربية و خاصةً إلى أسبانيا حتى أن كلمات الزيت و الزيتون في اللغة الأسبانية مأخوذة عن العربية في تلك الفترة.
انتقلت بعد ذلك زراعة الزيتون إلى أمريكا مع المكتشفين الأسبان ، و ابتداءً من عام 1560 بدأت بالظهور في المكسيك و البيرو و منها إلى كاليفورنيا و تشيلي و الأرجنتين, وواصل الزيتون انتشاره في الأزمنة الحديثة حيث وصل إلى جنوب أفريقيا – استراليا – اليابان و الصين.
ساحة النقاش