وجوه تمنحني وجهي
(1)
الطفل الذي يداريه كهلُ
اسمه: الأهلُ
صامت كليم
فرحانُ بالأسى
وابتهاجه أليم
الهجير هدّ وجهه الحليم
ولم يواسِه الظلُ
قال لي:
لكَ البلاد والحقل الكريم
قلت: عندك الرصاص والفلُ
لأنك الحدود والأهلُ
الطفل الذي يداريه كهل حميم
هو الينبوع
والورد
والنهل
واسمه السريّ
خلُّ
(2)
وردة تشكلت على هيئة امرأة
تروي عطاشاها على الهجير
وهي ظامئة.
إبريقها وريقها ناضجان:
ذاك فياض بماء الينابيع سلسالةً
وهذا يفيض بالجنائن الدافئة.
وهي مكنوزة بالأليف والمفاجأة
وردة
هندست وحدها لونها ونتحها والنكهة الصائبة
هذه البريئة البارئة:
رئه.
(3)
ملوث أنت بالصفاء
فاغتسل برهة وعد
وغدا
ووباء.
لماذا كشفت ذاتي لذاتي؟
وفضحتني
أمام شخصيتي الثانية
المدّعاة؟
إذهب إذن عني
أيها الجزء الأثيم فيّ
يا أنا
في حالتي غير الكاذبة
يا فضيحتي التي عمرها ثلاثون عاما
من الشيزوفرانيا الأنيقة المرتبة.
ملوث أنت بالصفاء.
ونافذ
كنافذة.
(4)
التواطؤ الذي يجمع الفؤاد بالفؤاد
يفسر اشتعالنا الذي ينز تحت الرماد.
التواطؤ الودود
يمنح انحدارنا الجميل
هيئة الصعود.
تاريخك المستعاد
وتاريخي الذي فقدته
خلف خدعة البلاد
يصنعان شكلا
لبهجة الفساد
أنت يا مهرةً أفلتت على البراري
إكشفي للورى
عاري
وهيئي لي قبةً خفاقةً
بين صدرك المسجّى وبين ناري
يا مهرة أفلتت على البراري
هندسي لي دماري
التواطؤ المفضوح
مزّق الغلالة التي تقوم بين الخفاء والوضوح
فمتى
نبوح؟
(5)
على كبدي أمشي إليك
كي أدق بابك الخشبي
وأكتب:
بعثرت عند راحتيك عشبي وطحلبي
وقلت لك: اعبر البرزخ الذي فيّ
ولاقني عند ماء المساء
صنوا لجرحي ولوثتي تكون
صنوا لنزفك النيّ أسعى أن أكون
في كل أرض ثم عاشقون
في كل أرض ثم أنت
قل لي:
لماذا ذهبت ضد التواريخ الرسمية
وانحنيت على البحيرة في بهاء نرجسي خطر
تراقب جبينك الذي غضنّه العراك الوجودي
من أجل القرنفلة؟
تعالَ إلى جانبي هذه الليلة
لأحكي لك سلسلة فضائحي
التي أخفيها عن رفاقي في عملي البيروقراطي
قلبك رحبٌ
وأحزاني سقيمة كثيرة
ولكنني أمشي إليك على كبدي
لأحكي لك مجددا:
كيف دخلت السكين
قلب حلمي سالم
(6)
فرعٌ محملٌ بالثمار والفرح
قال لي:
فؤادك الصغير ، بالأسى انجرح
فداوهِ
واستعد له صبابة المرحْ
فرعٌ محملٌ
طرحْ
طرحه الحنان والندى
وحضنه أرانب ثلاثة زغيبة
وكائن مطابق للمدى
فرع من الحنان والندى
يقول لي: انتبه فثمّ حنظلٌ
في الكلمة الباسمة
أل التفت فعمرك الجميل ضاع
بين من يبيع
بين من يباع
فرعٌ من الحنان يحتدم
صخرة بماء ينبوعها
ترتطم:
هذه الشفرة اللينة
صعبةٌ وهينة
هذه الشفرة الناعمة
مطواعة وحاسمة
رصاصةٌ
وأوسمة
وفيضها الطفولي
سمه
(7)
زهرةُ حنّونٍ صغيرةٌ حمراء
شاكستك في طريق الأبيض المتوسط
فانحنيت.
زهرةُ حنّونٍ صغيرةٌ حمراء
تجردت من قميصها الداخلي
عند ساقيك النحيلتين
فارتجفت.
زهرةُ حنّونٍ صغيرةٌ حمراء
نشرت ملاءةً عليك باتساع طلقةٍ
تصب قاهرة المعز في بيروت
فمنحت زهرة الحنون لي
واشتعلت
هل تعطي لخيالي فرصة تفسير منحك الحنون إياي
بأن في قلبك وسادةً لي؟
ذاهبٌ في المجيء
مقبل في الذهاب؟
أأنت الحضور في الغياب؟
يا زهرة حنون
صغيرة
حمراء
(8)
نهران صنوان أنت:
فتى طريقنا تراك
أم تراك شيخنا الجليل؟
وليدنا الطري كنت
أم شهيدنا القتيل؟
يا بهاء
يا غزالة لا يرى دماءها السفهاء
وحيد في شعاعك الوحيد
وكثير في خفوق شعبك الأصيل.
أيها الساخن الظليل
يا دلالة
ودليل.
بيروت 1981