فلسطين دافئة وحميمة . تجوب رائحة المسك حاراتها .
ترابها الحناء والعنبر .الياسمين والنعناع أزكى عُطرا. معالمها جميلة جداً ، أثارها منذ الأزل , 
توافد السياح عليها فأحبوها كبلادهم تماماً ...
إن كان مسيحياً غريبا أو ديانة ما 
وكأنها الأم !! تحتضن الجميع بلا استثناء ، تحب الجميع .
القدس العتيق مدينة قريبة من السماء ، مهبط الرسالات والأنبياء ،
صفوة الله من في الأرض ،،
شوارعها الضيقة حكاية حب طاهر ونساؤها تزف الشهداء بالزغاريد ,
تصدح الأصوات بالشهادتين : أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله ..
فرحين بما سيؤتيهم ربهم في جنات الفردوس يملا قلوبهم اليقين .
حدثتني جدتي: عن أرضي عن حبات السنابل
وهي تتقمح في نبتة .وكيف كان يحصدها الفلاح ،
ويتلاعب بنعومة ملمسها الزاهي
حدثتني أيضا ... عن التآمر الغاشم ضد سنابل قمحنا والزيتون .
حدثتني ... عن عام "48" يوم كانت الهجرة و فصل الجنين عن أمه ,
ليس لأنه كبر ودبت العافية بباقي الأرض بل لأن أمه قتلت , 
بتأمر ضال . مثل إلقاء الحطب في موقد النار ،
فنشب حريق، أكل الأخضر واليابس ..
حتى شجر الزيتون: لم ينجو من الغاصب. 
تهجير . قتل . عنصرية . درامة دموية ..
هذا ما شاهدته جدتي وما ترويه .
قالت جدتي ..
احتلت فلسطين وهي وليدة قهر، آه. آه. آه. من تلك الأيام.
فرسانها اليافعين: كانوا مثل حصان جامح لم توقفه 
إلا رصاصة تفجر صدره و ترديه الثرى .كان الفأس لا يقارن شيئا في البندقية !
فنحن نعرف أمور التكنولوجيا أسبق من الإمكانيات اليدوية الباردة...
كانت الحرب أصدق من الجميع وكانت مجزرة صابرا وشاتيلا من أسوء الأمور ..
كأنها مقدمة لكتاب ما أو عنوان لجريدة ما .. فكان لا بد أن تتعنون فلسطين بالدماء والمجازر في 
حين توافد الاستعمار عليها ...
كانت الحرب أصدق ...
حين قالوا: كن فكانوا على فلسطين ،
قالوا الأرض لنا ، قالوا حائطنا ، قالوا أقصانا ، قالوا كنائسنا ، قالوا نعناعنا
وصدقت الحرب وقولهم أجمعين في أنها أرضهم
آنذاك كان مشهد الدماء (فراتي) ، (نيلي) . كانت سياسة الإعدامات مثل أي مشهد روائي أو احدث قصة تجذب انتباه الزنادقة ، وفرقة الدم التي كانت تقودها دول متحالفة مع الصهيونية ،
في جسد فلسطين على عيون الناظرين. 
وكانت الحرب أصدق ، والحسام بيد مزارعينا كان الأكذب .
جدتي روت لي ... سكب الدماء 
من عظامها الملتوية و جَهَاَمَة الحروبِ . صدقاً أنا رأيت الحروب في الأيام المنصرمة ،قبل ولادتي ، فنحنُ نعاصرها بعصرنا الدامي هذا ...
لكن نوعا ما الحرب ازدادت شراهة عن ذي قبل .
كانت أصدق من الوعود ،وأصدق من كل ميثاق ،أصدق من التخاذل 
و الإجماع علينا .
أنا لا أخاطبكم ... !
إنما أبكي على دمي 
أبكي على جسدي الممزق من كذبكم 
أبكي على شجر الزيتون والسنابل الصفراء 
أبكي على الوقود الأغلى ثمن في هذه الأيام 
أنا أبكي على بلدي ولا أريد أن تستعطفونا 
أنا لا أخاطبكم ، كي أكون شاعرا اليوم للتصفيق
إنما !!
الحرب كانت أصدق منكم .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 5 مايو 2016 بواسطة samrasamra

مجلة سيريانا للأقلام المبدعة الإلكترونية

samrasamra
»

سمرا

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

26,767