*** الحُبْ لا يكون إلا للوطنْ ***
إنِّي اخترتكَ ودونَكَ الموتُ
وليكتُبها ليَ الزمنْ ..
أيا علماً على جبينك
تُنسى المِحنْ..
هذا قلبي ينبضُ بحُبِّكَ
وهذا دمي مِدادُ مجدكَ :
المحفورِ على جدارِ الزمنْ ..
أين حبيباتي ،إنِّي لأستحي
فالحبُّ لا يكونُ إلاَّ للوطنْ ..
عيناكِ مِنْ قبلُ قلتُهُما وطني
اعذريني إنْ غيَّرتُ رأي ،
ما قيمةُ عينيكِ ، إذا ضاعَ الوطنْ ..
مَنْ قال إنِّي لا أحِبُّ عينيكِ
وأنَّي مرفأٌ بِلا سفنْ ..
هلاَّ تذكَّرتي ، كمْ مرَّا بأرضِ عينيكِ
مدَّعيِ العِشقَ ورحلْ ؟
وكمْ مِنْ مُغتصبٍ ،
أرادَ نصبَ راياته ، واندحرْ
وكمْ مِنْ مُغامرٍ هوىَ
لمَّا لِغيركِ مالَ الهوىَ
ورماهُ التاريخُ ،
في مِزبلة الصديدِ والعفنْ ..
إذاً حبيبتي ؟
فالحبُّ لا يكونُ إلا للوطنْ ..
***
لا تبكي حبيبتي
بعدَ الذي قلتْ
قدْ بنيتُ لكِ في قلبي منزلاً ،
وفرشتُ أهدابي
أحلاماً وَرُؤى ،
ورسمتُ صباحكِ ياسميناً نديًّاً
على تخومِ النغمْ
فلا تغاري
ولا تحسبي عشقي لكِ ناقصاً ،
فأنتِ بَعضُ روحِ الوطنْ ..
فكمالُ الحبِّ يا حبيبتي
لا يكونُ إلاَّ بعدَ حبِّ الوطنْ ..
***
هل أقولها لكِ لتفرحي
إنِّني لامستُ السماءَ
يومَ أحببتكِ ،
ويومَ أحببتكِ ،
هنّأتني النجومُ
وخاطبني القمرْ
ويومَ أحببتكِ
خبَّأتُ أمنياتِ بحنينِ عينيكِ ،
وطلبتُ الرحمةَ مِنَ القدرْ
وأخذتُ على عهدي بكِ عهداً ،
فلا تغاري
فالإخلاصُ صِفة المحبينَ للوطنْ ..
هلْ جرَّبتِ الصلاة في جوفِ الليلِ
ودَعوتِ
ورَجوتِ
أنْ يدومَ حبَّنا
إذاً ؟
فلتصلي للوطنْ ..
وتيقَّني أنَّ حبِّي لكِ ،
هوَ حبُّ الوطنْ ..
فالحبُّ يا حبيبتي
لا يكونُ إلا ؟
للشَّآم الَّتي ذُبْتُ وجداً بها ،
وإليكِ يا رائعة الشَّجنْ ..
...
...
--- الشاعر عارف أبوزينب القباني ---
--- من ديوان : الحروف العاشقة