تلاشى ذلك البريق الذى كان يكسو وجهه النضر، القلق والاضطراب أصبحا ملازمين له إلى أبعد حد، أسفل العينين ترتكز الأخاديد لم تعد حالته كسابق عهدها منذ أن هاجر الصفحات وترك ما اعتاد أن يفعله طوال سنوات حياته الماضية، توقفت تلك اليد عن الإمداد المتواصل رغم ضيق الحال، لم يبالِ بتوسلات زوجته (بالله عليك عد..لا أرغب فى المزيد )، يقف عاجزا عن الرد، يمتطى جواد الأمل مكملا هدفاً لم يكن يوماً ما مطمعاً له.  لم تكن هناك مساحة كافية داخل قلبه ليتحمل النقيضين لذا كان عليه أن يختار ليفرغ تلك الشحنة التى كانت تملأ قلبه وتجعله راضيا مطمئنا، عجزت زوجته فى إيجاد وسيلة أخرى للتحاور معه، وأخيرا اهتدت إلى فكره ترجو منها أن يستشعر حقيقة الوضع الذى أصبح لا يحتمل.. ألا وهى أن تكتب له رسالة لعله يتدبر قولها عند عودته من العمل فى وقت متأخر من الليل (زوجى العزيز كم نفتقد جلوسك معنا أين نحن من اهتماماتك؟ لم تكن يوما بهذه القسوة.. هل تبدلت؟ أصبحت شخصا لا نعرفه ..حياتنا أصبحت خالية من البركة على الرغم مما تجلبه لنا من أموال.  سأل عنك اليوم شيخ المسجد مرة أخرى سئمت من تكرار الأعذار ويسألك هل علمت كيف يموت القلب؟.. أحبك وأتمنى إن تعود (يمسك بالرسالة ويتنقل بين سطورها بحنين تسلل إليه عبر الكلمات وإذا به يتمتم قائلا (آه.. كم اشتاق إلى تلك الصفحات. أرانى قد نسيت ما كنت أحفظه عن ظهر قلب.. كم اشتاق إلى الجلوس معك شيخى العزيز).  يدخل خلسة إلى حجرة الأبناء ثم يلقى ببصره إليهم وبنظراته الحانية تسقط دمعتان، يتجه إلى حجرة نومه يجد زوجته ساجدة ويسمع صوت بكائها عند الدعاء، يرتعش قلبه فى أسى شديد. مفتقد للذة ذلك الشعور الروحانى وتلك المناجاة.. تأخذه قدماه إلى تلك المكتبة الصغيرة التى ظل خلال تلك السنوات الماضية يملؤها بالكتب الدعوية وعلوم الدين، يمسك بالكتاب الذى كان ذات يوم محور حياته وقد أزال عنه التراب متذكرا قول الشيخ (احذر من أن يموت قلبك ذات يوم)، وكيف يموت القلب؟ )لم يجبه الشيخ حينئذٍ وانصرف عنه بعدما ربت على كتفه، مشيرا ببصره إلى ذلك الكتاب الذى كان بين يديه، تتزاحم الأفكار بعقله وتتأرجح، يشعر بدوار عنيف وعودة صراع داخل القلب بين النقيضين.......

 

samirelkot

صوت الشباب المصرى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 223 مشاهدة
نشرت فى 5 إبريل 2012 بواسطة samirelkot

ساحة النقاش

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

151,923

ابحث

سمير القط

samirelkot
جريدة وموقع مصرى يحترم مؤسساته الوطنية وتقاليده المصرية و يختص بالكلمة الصادقة والعمل الجاد ..والحرف البناء للعقل والوجدان يحترم العقول ويحترم الاديان والاوطان و ينقل المعلومه والخبر الصادق للجميع، ويتواصل باقلام القراء الجادة ..معكم وبكم ومن اجلكم كانيحرره نحبه من المحررين الوطنيين الشرفاء (تنوية) الاخبار التى ترد الى الصحيفة للمشاركة »