جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
(( صفعة الحياة ))
...............................
في البحث عن الذات والعبور إلى مختلف أنفاق العمر ، في سراديب الضياع واُخرى ما تسمى بالتخطيط المستقبلي المبني على أسس استراتيجية الحاضر، وشواطئ العصر ، قدمت نفسي على مسرح الحياة ، طفلة تشتعل مآقيها جرأة في المجازفة وبإيفاء تام رامَت أصابعي رفع غطاء هذه الدنيا عن مكنوزها لأكتشف ماذا تخفي بين طياتها ، سافرت في ذهني بين خلجان الحقيقة والخيال و زرت مدنا أنا صنعتها في جغرافيا قلبي وكتبتها في كتب تاريخ انطلاقتي الإكتشافية .
جعلت جداول الإرادة أقداح من الذكريات ، أملأ فيها كل رحلة وتجربة مشّطتها بخطى أقدامي على دروب مخيلتي .
وبدأت في تشيٍد صرح مطالبي ، وبفورة الصبا الممتزجة بسن الطفولة التي كانت على أدراج النضوج مسكت العالم بكفي ، أعبث ، ألعب ، أحب ، أكره ، أعدو ، أطير ، أضحك ، أبكي ، أٌترف ، أتدلل وأجرب كل شيء ، كنت أظنها أحلام بسيطة لروح تشبه الدمية التي أذا كبَستُ على زرارها تبكي ثم أداعبها على قفل آخر فتضحك .
وجرت الأيام تتلو بعضها وأنا أنسج في حلمي من خيوط الشمس عباءة التحقيق والإدراك .
كنت واثقة من أن الأحلام ستصبِح حقيقة عندما ينتهي آخر خيط في هذه العباءة فتكتمل اللوحة الفنية ، فما لبثَت أن تنتهي إلا وتفكك النسج و التفت الفتيلة وأصبحت نارا حارقة أضْرَمَت المدن التي كنت أجد فيها مأواي .
وبدأت الحكاية الحقيقية تصفع حلمي دون توقف ، و فأس النُضُوج تحطم الصرح الذي بنيته طوبة طوبة ، وكل صخرة تحمل من وجعي ودموعي الكثير ودق أبوابي زوار خيبات الأمل ، فنكثت الدنيا عهدها معي .
في بادئ الأمر لم أكن أكترث لأول عرقلة في حياتي ، لأنني كنت أسخر ممن يقولون أن الحياة هم على هم ، ووهن مختلط بصخب مزعج .
ظننت أنني كالطفلة التي ارتدت قدميها أول مرة في حياتها حذاء بكعب عالي ووضعت على شفتيها أحمر اللون فنظرت إلى المرآة وابتسمت بشموخ لأنها أصبحت امرأة ناضجة وكبيرة فعلى الكل أن يحترمها كصبية عاقلة راشدة تتكلم من منطلق فهم الكبار ، لكن الصفعات تكاثرت ، والعثرات تراكمت والليل يخترقه النهار والنهار يجر في ذيله الليل ، عندها علمت أن الحياة ليست لعبة خيالية وعرفت أن الأحلام شرر من نيران إن لمست شيء أَجَّجَت شمائله حتى آضَ رمادا تذروه الرياح .
فأيقنت أن بين الطفولة و الكبر عالمين ، الأول يحاول أن يمتلك سذاجة البراءة ويمتشقها من وريد الخجل والعفوية والعالم الثاني يدفع بالنضج إلى محيط آخر يكدم البنان ويبيد الطموح ثم يطفئ بريق الحِذْق والفُرُوهَة التي تصرخ من أعماق التمرّد على العوائق .
أدركت عندها بأنني في مَرْج روحي .
فخاصمت الدنيا وحاولت أن أعود إلى عالمي البريء . طرقت باب الذكريات وأنا في أوج احتياجي إلى المصالحة مع ذاتي . فأعطتني الصفعة القاتلة .
فقالت : (( وهل الموتى يعودون .... ؟ )) فعُلقت كالقلادة على ترائب الأحداث أبحث عن الأمان .
...................
بقلمي ....... / خوله ياسين
06.03.2016
مجلة ۞ أكَََـاديمـيـــة المـلـاذ الـأدبـيـــه ۞
...
رئيس التحرير أ/ خوله ياسين
......
رئيس مجلس الإداره أ/ ياسر السمطي