كيف تصبح مبدعاً ؟
يشير مصطلح الإبداع إلى العمليات العقلية التي تؤدي إلى كل ما هو جديد وفريد من حلول وأفكار ومفاهيم وتعبيرات فنية ونظريات ونتائج. ولأن موضوعاً متشبعا صوبه الكثير من الطرق المختلفة التي يستطيع أن يطهر بها الإبداع، ولأنه إلى حد كبير غير ظاهر لدى العديد من الناس _ فإن الإبداع شيء يصعب قياسه.
وقد قام متخصصا الرياضيات الفرنسيان " بوانكاري" و " هادامار" "Poincare" and " Hadamard" بتعريف المراحل الأربع التالية للإبداع :
الإعداد : محاولة حل المشكلة بالوسائل العادية.
التطور : عندما تحبط من عدم نجاح الطرق السابقة وكنتيجة لذلك تنتقل إلى أشياء أخرى.
التنوير : حيث تأتي الإجابة إليك عن طريق العقل الباطن.
التحقق : تأخذ قدرات التفكير مكانها حيث إنك تبدأ بتحليل الإجابة التي وصلت إليك، وتقوم جدواها.
ويسيطر على الوظائف الإبداعية النصف الأيمن من المخ، وذلك هو النصف الذي لا يستخدمه أغلب الناس كما ينبغي، على عكس عمليات التفكير الخاصة بالنصف الأيسر للمخ، والذي يتصف بالترتيب والتتابع والمنطق.
ولأنه لا يستخدم كما ينبغي أو يتم تجاهله تماماً، فإن كثيراً من المواهب الإبداعية لدى عديد من الناس تظل كامنة وغير مستخدمة طوال الحياة، ولا يعرف معظمنا ما نستطيع أن نحققه إلا عندما نحاول ونجرب ذلك. فمثلاً هناك واحد من بين ثلاثة أشخاص في بريطانيا لديه الرغبة في أن يكتب رواية، ولكن نسبة ضئيلة جداً من هؤلاء الناس هم الذين يتخطون مرحلة التفكير الأولية، فكل منا لديه الجانب الإبداعي في عقله، ومن ثم فنحن جميعاً نمتلك القدرة على الإبداع، ولكن بسبب ضغوط الحياة العصرية الحديثة والحاجة إلى التخصص، فإن العديد منا ليس لديه الوقت أو الفرصة أو قد تنقصه الشجاعة لاكتشاف مواهبنا المستترة، على الرغم من أن معظمنا لديه ما يكفيه لكي يدرك أن تلك الإمكانيات قد دخلت المخ ثم تمت موازنتها ومعالجتها خلال عدة سنوات، فمؤلفو الكتب، بل كل الفنانين، لابد أن يستخدموا نصفي المخ كليهما، فعليهم استخدام النصف الأيمن لكي يبتكروا الأشياء أو يبتدعوها، والنصف الأيسر لكي يرتبوها وينظموها. فالجانب الأيمن " الجانب الحدسي والإبداع " قادر على أن يتماشى مع الأشياء المعقدة، وهو يوجد حيث تنشأ الفرصة، بينما يتحكم الجانب الأيسر في اللغة والدراسات الأكاديمية والأعمال الذهنية المنطقية.
إن المشكلة تكمن في جعل المعلومات تنتقل بين نصفي المخ، ومحاولة جعل النصفين يعملان سوياً خاصة أن النصف الأيسر من المخ يكون هو المهيمن عند معظم الأشخاص.
ولكي تقوم بأي عمل إبداعي فإنك يجب أن تحفز الجانب الأيمن لكي تجعل أساليبه الإبداعية تبدأ في التدفق، بمعنى أخر حوّل عملياتك العقلية _ ولو مؤقتاً _ من الجانب الأيسر المسيطر إلى الجانب الأيمن الإبداعي. وربما يبدو هذا جيداً نظرياً لكنه ليس سهلاً أن تضعه في حيز
التنفيذ. إذن، كيف يستطيع الشخص الذي يستخدم الجانب الأيسر من المخ أن يحث الجانب الأيمن ليكون أكثر إبداعاً.
وبما أن مثل ذلك الشخص يتحكم فيه الجزء الأيسر من المخ، فهناك طريقة للقيام بذلك، وهي أن تجعل الجانب الأيسر يصل إلى درجة من الخمول، أو تجعله يمل حتى النوم، وربما يحدث هذا في رحلة طويلة بالقطار أو الطائرة، حيث تتاح الفرصة للنصف الأيمن ليصبح أكثر إبداعاً، لأنه يتلقى معارضة أقل من جانب النصف الأيسر المسيطر. وفي مثل هذه الحالات، عليك أن تحتفظ بجهاز تسجيل صغير أو أي شيء من هذا القبيل لكي تدون عليه الأفكار التي تأتي إلى مخيلتك بصرف النظر عن كونها غريبة أو غير مناسبة أو عشوائية كما قد تبدو. فمعظم هذه الأفكار قد تحدث عشوائياً وبسرعة، فإن لم تدونها فربما تضيع وتفقدها للأبد.
وقد تأتي ليلاً أيضاً هذه الأفكار إلى العقل الذي غالباً ما يتصرف بطريقة تبدو غريبة، وأكرر إن هذا يحدث لأن الجانب الأيسر المختص بالجانب التحليلي المنطقي يكون في أقل حالاته نشاطاً، والجانب الأيمن الشعوري يكون في المقدمة ليتصرف بطريقة تبدو غريبة، وأكرر أن هذا يحدث لأن الجانب الأيسر المختص بالجانب التحليلي المنطقي يكون في أقل حالاته نشاطاً والجانب الأيمن الشعوري يكون في المقدمة ليتصرف بطريقة غامضة غير عقلانية، مسبباً الأحلام والكوابيس التي يصعب علينا تفسير بعضها.
فأغلب الكتاب يحتفظون بدفاتر بجانب الأسرة ويرغمون أنفسهم على الاستيقاظ من سباتهم لكي يدونوا تلك الأفكار والأحلام والأفكار الإبداعية.
وفي تلك الفترات من نشاط المخ، لا تتوقف لتقويم مثل هذه الأفكار لكي تقرر أيها يصلح للاستخدام وأيها لا، لأنك حينما تفعل هذا فإنك ستوقظ الجزء الأيسر المسيطر وبالتالي ستخسر العديد من تلك الأفكار قبل أن تتمكن من تدوينها، حيث أن تقويم الأفكار يعتبر من بين أنشطة الجزء الأيسر، وسيكون هناك وقتاً لاحقاً لتقويمها.
إذن، كيف يمكن للمرء أن يحول تلك الأفكار الجديدة إلى واقع، وأن يبدأ الطريق لإنتاج أول رواية ؟
مرة أخرى، ينبغي أن تسترخي وتدع الجانب الأيسر من مخك يذهب في سبات عميق. وهذا معناه أن تبتعد عن كل مصادر التشتيت، فمعظم الكتاب يخلون بأنفسهم بعيداً في عزلة، لأن تلك هي الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من الإبداع بدون أي مقاطعة، وتأكد من أن الهاتف مغلق وباب حجرتك مغلق وأنك مسترخ، وكل تركيزك منصب على المهمة التي بين يديك وليس لديك أية أفكار سلبية عن المهمة التي أمامك.
أنت الآن مستعد لكي تبدأ، أولاً دع الكلمات تنساب إليك عشوائياً لأطول فترة ممكنة وفي هذه المرحلة، ستظل في غير حاجة للتقويم، فقط استمر في الكتابة دون أن تقلق نفسك بالنحو والهجاء، أو ما إذا كنت تضع الكلمة المناسبة أم لا.
وفي هذا المرحلة يكون هدف التمرين هو وضع الأفكار الإبداعية على الورق وتمديد بؤرة الإبداع الأصلية التي حدثت ليك في فترة السنة قبل النوم، أو الملل، أو رحلات الطيران الطويلة، وبعد ذلك عندما تكتب كل ما تستطيع، أبدأ في قراءته ثم أقرأه مرة أخرى وأبدأ في إضافة الأشياء البسيطة والتوسع في أجزاء مختلفة، مرة أخرى، تجاهل الجزء الأيسر من المخ، لأنك ما زلت تبحث عن الأفكار الجديدة، في هذه المرحلة، أنت تعيد الكتابة وتضيف وتنقح وكذلك ما زلت تنتج الأفكار الإبداعية الجديدة.
وأخيراً، لقد حان الوقت ليستيقظ الجانب الأيسر من المخ، فهناك حاجة لتنظيم ما قد دونته على الورق، فأنت تقر بأن هناك شيئاً من الفوضى. حيث إن القواعد النحوية غير صحيحة، وكذلك التهجئة فهي لا تبدو كما ينبغي، وتلك هي أقل مشكلاتك وهو أسهل شيء تستطيع تنظيمه، إنه الشيء الذي تجيده، فالجزء الأيسر من مخك في كامل
لياقته الآن. فالشيء المهم هو أنك ابتكرت ما لم تكن تظن أنه قد يكون ممكناً أبداً _ فقد ابتكرت عملاً أصيلاً خرج من أفكارك أنت وحدك ومن وحي إلهامك الخاص.
ومثل العديد من الرغبات والمهام، فإن معظمنا لا يعرف ما يستطيع تحقيقه إلا إذا حاول. وعندما نحاول، فسوف نعرف بالفطرة ما إذا كان نستمتع بهذا الشيء أم لا، أو إذا كنا نمتلك الموهبة أو الرغبة لتحقيقه.
فإذا كانت تلك الإشارات إيجابية فعلينا أن نثابر ومن خلال تبني الأنشطة الجديدة في أوقات الفراغ والبحث عن وسائل التسلية الجديدة، سوف يتمكن كل منا من استغلال الإمكانات والأجزاء نادرة الاستخدام في العقل البشري.
فالتمارين التالية _ رغم اختلافها _ تم تصميمها جميعاً بهدف التعرف، أو تحسين قواك الإنتاجية الذهنية وتوليد الأفكار والمهارات الفنية.
التمرين الأول
في كل المربعات التالية، استخدم خيالك في تكوين شكل أو رسم لشيء متعارف عليه مستخدماً الرمز الموجود أمامك :
لديك 30 دقيقة لإكمال الإثنى عشر رسماً.
التحليل
يمكنك أن تقدر درجات الاختبار بنفسك، ولكن الأفضل أن تندب صديقاً أو أحد أفراد العائلة ليقوم بهذه المهمة.
امنح نفسك درجة عن كل شكل متعارف عليه بشرط ألا يكون مشابهاً لأي من الأشكال الأخرى.
فعلى سبيل المثال إذا رسمت وجهاً، ثم قمت برسمه مرة ثانية فلن تنال أي درجة على الوجه الثاني، وذلك لأن كل شكل لابد أن يكون له موضوع خاص بيه وحده.
وهكذا يمكنك الحصول على الدرجات مقابل التنوع، فلو كنت مبدعاً فستعمد إلى رسم أشياء مختلفة لكل شكل.
لا توجد إجابة صحيحة لكل من الاثنى عشر شكلاً لكل منها عدداً مكن الأفكار.
مجموع النقاط
تقديرك من 11_ 12 نقطة : مبدع للغاية.
تقديرك من 7- 10 نقطة : مبدع جداً.
تقديرك من 4 _ 6 نقطة : متوسط.
كرر التمرين عدد المرات الذي ترغبه، جرب خطوطاً وأشكالاً هندسية أخرى كنقطة بداية :
التمرين الثاني
هذا الاختبار مبني على اختبار " جشكلت، وجاكسون _Gestalt and Jackson " للقدرة المتشعبة والذي يتطلب منك أن تذكر عدد من الاستخدامات الجديدة للأشياء التي تقابلنا في حياتنا اليومية مثل قالب الطوب أو الخيط.
والمطلوب منك هنا أن تذكر اثنى عشر استخداماً جديداً لقالب الطوب خلال عشر دقائق، عليك أن تلتزم بالوقت المحدد وإلا ستصبح نقاطك عديمة الجدوى.
1..........................
2...........................
3..........................
4..........................
5..........................
6..........................
7..........................
8..........................
9..........................
10........................
11........................
12........................
مجموع النقاط والتحليل
يمكنك تقويم جهودك بنفسك، لكن من الأفضل أن تندب صديقاً أو أحد أفراد العائلة ليقوم بتلك المهمة.
امنح نفسك :
نقطتين عن كل إجابة جيدة أو مبتكرة.
ونقطة واحدة لأي محاولة جيدة.
وصفراً لأي إجابة غير عملية تماماً.
وصفراً لأي إجابة تتنافى مع السلوك الاجتماعي مثل استخدامها في كسر النافذة أو إصابة شخص ما في رأسه.
مجموع النقاط
تقديرك من 18 _ 24 نقطة: مبدع بدرجة عالية.
تقديرك من 13 _ 17 نقطة : فوق المتوسط.
تقديرك من 7 _ 12 نقطة: متوسط.
الآن جرب نفس الشيء مرة أخرى، ولكن هذه المرة فكر في قطعة مربعة من الورق المقوي يبلغ حجم أضلاعها على 12 بوصة.
..........................
2...........................
3..........................
4..........................
5..........................
6..........................
7..........................
8..........................
9..........................
10........................
11........................
12........................
والآن كرر التمرين بعدد المرات الذي ترغبه مع أشياء أخرى شائعة في المنزل مثل : الدلو، والمشط، والرباط المطاطي، وفرشاة الأسنان، أو حتى زجاجة اللبن الفارغ.
التمرين الثالث
هذا ينبغي عليك تفسير الاثنى عشر رسماً التاليين بأكثر الطرق خيالية وابتكاراً.
ربما تحاول أيضاً أن تجرب هذه اللعبة مع الآخرين، والشيء الأساسي هو أن تطلق العنان لخيالك وأن تتحرر من جمودك، فكلما ضحك الناس على جهدك ازداد نجاحك في استخدام خيالك وإبداعك.
فمثلاً ربما تعتقد أن الرسم رقم"1" هو طاقة ضوء أو نقطة الهدف، لكن هل ممكن أن يكون أي شيء آخر ؟ أطلق العنان لخيالك وأنظر إلى ما سينتجه خيالك.
ساحة النقاش