أزهر الدين والدنيا
للسفير الدكتور عبدالحميد يونس
سيظل الأزهر الشريف – معهدًا وجامعًا وجامعةً – أبرز منارات الفكر الإسلامي الذي لم يتوان لحظة في خدمة الإسلام والمسلمين في أصقاع الأرض، ولم يتراجع يومًا ما عن نصرة قضايا الأمتين الإسلامية والعربية؛ بل قضايا الإنسانية التي حمل خطابها للدنيا بأسرها اليوم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في وثيقة مصر الأزهر "وثيقة الأخوة الإنسانية " يدًا بيدٍ مع قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، يحمل فيها الإمام خطاب الأزهر الديني من مصر الكنانة للإنسانية على وجه الأرض من أجل السلام العالمي، وتعايش الشعوب مع بعضها بعضًا، وضرورة تماسك شعوب الأرض بقيم السلام الذي جاء به الإسلام للناس كافة، والتعارف فيما بينهم، والعيش المشترك .
وهذا الخطاب الديني الإنساني هو الذي أكّدت عليه وثيقة أزهر الدين والدنيا، داعية بقناعة راسخة "أنّ التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التّمسك بقيم السلام، وإعلاء قيم التعارف المُتبادل والأُخوّة الإنسانية وتكريس الحكمة والعدل والإحسان، وإيقاظ نزعة التديّن لدى النّشءِ والشباب؛ لحماية الأجيال الجديدة من سيطرة الفكر المادي، ومن خطر سياسات التربُّح الأعمى واللامُبالاة القائمة على قانون القوّة لا على قُوّة القانون ..
ولم يقف خطاب وثيقة الأزهر عند هذا الحدّ، بل رأيناها تُثبت الحرية لكل إنسان؛ حرية معتقده، حرية فكره، حرية تعبيره، بل رأيناها تكفل للإنسان .. أيّ إنسان .. حرية التّعدّدية والاختلاف في الدّين واللغة والجنس والعرق؛ فكل ذلك جاء بمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلاً ثابتًا تتفرّع عنه حقوق: حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتحريم إكراه الناس على دين بعينه، أو معتقد معيّن، أو ثقافة مُحدّدة، أو فَرْضِ أسلوب حضاري لا يقبله الآخر .. ذلكم هو الأزهر قبلة العلم، وحصن الدين واللغة، وحامي تراث الأمة الإنساني؛ الأزهر العالمي الذي يحمل غدًا مشرقًا لكلّ بني الإنسان عبر خطابه الديني الإنساني .
إنّ ما يقوم به الأزهر الشريف من دور تنويري عالمي عبر السنين، وما يتضمنه خطابه الديني المعاصر بعالميته التي جسّدتها وثيقة الأزهر الإنسانية، وما يؤمن به فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في خطابه الإنساني العالمي، إنما يُجسد كل ذلك عالمية الأزهر، وريادة مصر الكنانة .. حضاريًّا وعلميًّا وإنسانيًّا، ومن قبل ومن بعد، يُجسد رسالة التسامح والسلام التي تحملها تعاليم الإسلام السمحة التي جاء بها رسول الإنسانية؛ سيّد ولد آدم؛ سيدنا محمد ( صلّى الله عليه وسلّم ) . حفظ الله مصر وأهلها، ووقى أزهرها وشيخه ورجالاته أعلام الأمة من سهام الكائدين. د. عبدالحميد يونس