نحو مستقبل أفضل للدراما المصرية إعداد: الدكتور صبري أبوحسين _________________ لا مراء في أن هذا العصر عصر الدراما المُشاهَدَة مسرحيًّا وتليفزيونيًّا وسينمائيًّا ويتيوبيًّا، والمسموعة إذاعيًّا؛ فالدراما فن فاعل فينا فكريًّا وتربويًّا وتعليميًّا وتثقيفيًّا. ولسنا مبالغين إذا قلنا: الدراما أقوى اختراع بشري قادر على الوصول والتأثير وتشكيل خطورة في التغيير والتنوير، وفي كونها لغة إبداعية قادرة على التأثير المباشر، إذا ما تم إنتاجها بصورة مهنية رفيعة ودقيقة المستوى ومُحمَّلة بالمضامين المراد بثُّها وإطلاقُها للمشاهد؛ فهي تغرس في النفوس صورًا مُجسَّدة يصعُب محوُها ومن ثم صارت الدراما ضرورة من ضرورات وإحدى القوى الناعمة لأية دولة تعيش هذا العصر، وتريد أن تحضر فيه. إنها تحظى بالإقبال من أفراد المجتمع كافة، على اختلاف فئاتهم وتنوع مشاربهم. إنها تغزو النفوس والبيوت والمخادع، وتتسلل إلى الوجدان بتأثيراتها التقنية واتكائها على صورة مقربة وواقعية للحوار أو الصراع القائم بين الممثلين والممثلات. ولمصرنا تاريخ عريق في هذا الفن وتأثير فاعل على مستوى محيطها العربي! لكن واقعها بدأ في الضعف والتدني ومن ثم الانحسار بسبب أدواء مزمنة فيها، وسيطرة دراما الثقافات الأخرى الغازية! ومن هنا ارتأى النقاد والمبدعون المشاركون في ندوة (الدراما ودورها الثقافي تجاه الشباب)تقديم توصيات عَمَلية إلى القائمين على هذه الصناعة الفنية من كُتاب ومنتجين وممثلين ومخرجين. وها هي ذي: - التركيز على القضايا الفكرية الكبرى والمضمون الهادف البنَّاء للارتقاء بالجمهور، وعلى الصور النبيلة الجميلة المضيئة في مصرنا والوطن العربي . - الحرص على أن تكون اللغة واقعية مقبولة سهلة طيبة غير خادشة للحياء والأحياء، ولا مؤذية للناس، ولا نخبوية متكلفة، ولا سطحية عشوائية ساقطة مُسِفَّة! - أن تتبنى الدراما هموم الإنسان المصري خاصة، والعربي عامة، وتنفذ إلى جوهر قضاياه ومشكلاته الأساسية، وان تعنى أكثر بشواغله الحياتية... - عدم قصر الدراما على الترفيه والتسلية والإلهاء فقط، أو على الواقعية السوداء فقط! بعرض الصور المخزية التي تأنف منها النفس السوية وتضر النفس البريئة! فمصر أو الوطن العربي زاخر بالنماذج البشرية الرائدة الفذة على مستوى الفرد والأسرة، تلك التي تَبني وتطوِّر وتنور وترفع وتُرقِّي الأجيال التالية... - رفض ثقافة العشوائيات الخارجة والرخيصة والشاذة الناشرة للفسق والعري والمجون والإلحاد والإرهاب، والممهدة للعنف والعدوان لسانيًّا وجسديًّا، وغير ذلك من المظاهر السلبية المعروفة عن هذه التجمعات الهاوية... - الاعتماد على الثقافة الوطنية والإنسانية والإيمانية الباثَّة لروح الإقدام والتفاؤل والمُشكِّلة لوعي الناس على أساس القيم العالمية من الحرية والمساواة والكرامة والمحبة والإخاء والتعاون والتناصر... وغير ذلك. - تنويع الأشكال الدرامية وعدم قصرها على شكلي المسلسل والفيلم فقط! حيث الدراما العائلية، الدراما النسائية، والدراما الشبابية والدراما الطفولية، والدراما التاريخية، والدراما الدينية، والدراما الثقافية، والدراما العلمية، والدراما المدرسية، والدراما التعليمية...وهكذا! - توظيف روح الاندفاع والحماسة عند الشباب، والإفادة من حداثتهم، وعدم الاعتماد على الجيل العجوز القديم المبتذل من الكتاب والفنيين والمؤدين والمؤديات! فننتقل من دراما النجم الأوحد إلى دراما المجموع المبدع المتكامل... - الإفادة من المستحدثات التقنية والخبرات العالمية المستجدة في صناعة الدراما، ومن المؤسسات الوطنية الأكاديمية المتخصصة في هذا المجال، مع عدم الوقوع في التقليد المُمِلِّ أو التأليف المُخلِّ أو الإبداع السطحي! - سنُّ تشريع قانوني وطني لضبط سلوكيات الشركات المُنتجة للدراما، الحريصة على مصالحها المادية الخاصة! تشريع من شأنه أن يحافظ على هويتنا ومقدساتنا في كل إنتاج درامي جديد، حتى يكون منتميًا إلينا ومشرفًا لنا، فلا يتحول إلى دراما السوق التي هي تجارة رخيصة فارغة هشة منفلتة تغازل غرائز الجمهور وتشوه فِطَرهم وتزلزل ثوابتهم!
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2020 بواسطة sabryfatma

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

337,341