منهج الإحياء في فكر العلامة محمد أبوموسى

إعداد/ صبري فوزي عبدالله أبوحسين

أستاذ ورئيس الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق

 

يشقى أناس ويشقى آخرون بهم     ويسعد الله أقوامًا بأقوام!

ما أصدق هذه الثنائية المرة الأليمة! لاسيما على جيلي (أبناء السبعينات وما بعدها) الذي مرَّ حينٌ من الدهر، حِيل بينهم وبين العلم الأصيل الفاعل عن قصد أوغير قصد؛ بسبب بعض من الشيوخ والأساتذة الذين هم نوع من ناقلي المعرفة الكسالى، يحاصرون الطالب في معارفهم المدرسية المحدودة، ولا يحاولون إطلاعه على مصادر العلم العتيقة، ولا على الجديد الفريد في التخصص! فصاروا مسيطرين على عقولنا من خلال الوسيلة التعليمية المبتدعة -في التعليم الجامعي المصري!-: المذكرة الجامعية، وما أدراك ما هيه! حيث العشوائية في التأليف، والذاتية القاصرة في الرؤية، والذوق السطحي في التحليل، والقصور في عرض مفردات كل علم وتخصص! 

ولكن كان يقضي على هذه السلبية وتلك المعاناة أننا سمعنا إلى أفذاذ في العلم خلال محاضرات ثقافية نادرة، عُقدت في رحاب كلياتنا، لا زلت أتذكر منها محاضرة للعلامة الدكتور محمد أبوموسى في كلية اللغة العربية بالمنوفية سنة 1992م مع كبار اللغة العربية بالجامعة: محمد رجب البيومي، طه أبوكريشة، فتحي أبوعيسى، عبدالحميد العبيسي، أمين سالم، كاظم الظواهري، بارك الله في آثارهم ونسلهم...

ولما انطلق الشيخ في حديثه محاضرًا أسلمت للشيخ الأذن والقلب والعقل، ولا أكون مبالغًا إذا قلت: الجوارح؛ إذ تحسست في كلام شيخنا (أبي موسى) آيات البيان، ورأيت الكلام الطاهر في سَمْته الأول-كما أسماه في تحليله أحاديث شريفه من صحيح البخاري-، وتفرست من كلامه طريقة جديدة في قراءة النصوص، من خصائص التراكيب، ودلالاتها، وعجائب التصاوير وسماتها، و كيفية سبر أغوار الشعر واكتشاف دقائقه، فصرت منذ عهد الطلب الجامعي مبجلاً الشيخ عارفًا قدره، أقف أمام آثاره في المكتبة معجبًا مدهوشًا...

ولكن –وما أمر لكن هذه!- لم تسعفني الأيام بالقراءة المتأنية المستوعبة الشاملة في نتاج الشيخ، واقتصرت المطالعة على نصوص متفرقة أزين بها أبحاثي، وأنوع بها مراجعي؛ ولعل ذلك راجع إلى ظروف علمية وتعليمية- وُضع فيها جيلي- تتمثل غالبها في النظرة السطحية لدى البعض عن علوم العربية من معجم، وصرف، ونحو، وبلاغة، من أنها علوم نضجت حتى احترقت، وبلغت حد الكمال عند الأسلاف، وأن المحدثين ما هم إلا قارئون إياها ومرددون صداها! ومن ثم كان (الدلائل والأسرار والإيضاح) مصادر كافية وشافية في عقلنا لتوثيق المعلومة البلاغية، ولا حاجة إلى غيرها من كتابات المحدثين، ناهيك عن المعاصرين!

المصدر: كلية اللغة العربية بالزقازيق، جامعة الأزهر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 88 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2019 بواسطة sabryfatma

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

327,327