الأشكال المتعلقة بتداخل العائل مع المتطفل في أصداء الحنطة (القمح) بدلالات أنواع الإصابة

 

د. محمد عبد الخالق الحمداني

 

       تتضمن أغلب البحوث الجارية في حقل الأمراض النباتية وخاصة  في بحوث  طلبة الدراسات العليا  والمراكز البحثية المعنية بوقاية النبات في أغلب الدول العربية  إختبارات السلوك المرضي لمجموعة من الأصناف المعتمدة أو الأصناف الواعدة أو نتاجات برامج التربية والتحسين بهدف تشخيص مصادر مقاومة ضمن برامج الغربلة والإنتخاب (Screening& selection for Disease Resistance) .  ولغرض إعادة قراءة النتائج المستحصلة من تلك الإختبارات يتطلب منا أولا أن نعرف طبيعة العناصر التي نتعامل معها، وأقصد هنا أطراف العلاقة التي تتحكم بالنتائج التي نطمح لملاحظتها وهي العائل (الصنف) والممرض (مسبب المرض ) والظروف البيئية (درجة الحرارة والرطوبة والفترة الضوئية  ).إن مفهوم  مصطلح العائل(Host)  عند المختصين بالأمراض النباتية (Plant Pathologists) غالبا ما يكون مختلف عن ما يعنيه لدى المختصين بالمحاصيل الحقلية (Agronomists). ولكي نتعرف على الفرق الكبير بين ما يدور في أذهان المجموعتين  نسرد المثال التالي : لو وضعت  بذور عشرة أصناف حنطة (قمح مثلا ) في أواني صغيرة وطلبت عددا من المختصين أن يكتبو سطرا عن كل صنف ، لرأيت مختصي المحاصيل يوصفون لون وحجم وشكل بذور كل صنف  ، بينما يقف المختصين بالأمراض النباتية حائرين ما يكتبون لأنهم ليس معنيين بحجم وشكل ولون البذور ..... فهذه المواصفات لاتقدم ولاتؤخر فيما يبحثون عنه.... وأغلب الظن...  سيقولون أو سيكتبون بأنها  بذور تراكيب وراثية من الحنطة  (القمح)   ... لذلك فإن ما يفكر به المختصين بالأمراض النباتية هو أبعد  من طول السنبلة أو شكل ولون وحجم الحبة وحتى وزن 1000 حبة أو عدد التفرعات  حتى حاصل الهكتار ، بل إنهم يتساءلون عن مدى إمتلاك  هذا الصنف  أو ذاك من  قدرة على التصدي لهجوم متوقع لمسبب مرضي محدد مثل مسببات أمراض صدأ الأوراق أو الصدا الأصفر أو صدا الساق أو أي مسبب  مرض قد تحدث  وبائيته خلل في أهم أركان الأمن الغذائي للناس.

            ولو أمعنا النظر في طبيعة عناصر هرم الإصابة المعروف بالهرم المرضي(Disease Pyramid)   في  نسبة عالية جدا من البحوث الجارية في معظم المراكز البحثية والجامعات أو كليات الزراعة  في وطننا العربي  ، لوجدنا بأننا  غالبا ما  نعرف القليل عن مسبب المرض وهذا القليل لايتعدى عن إننا  عزلنا وحداته اللقاحية (أبواغ أو سبورات يوريدينية  ) من بثرات على عائل معين مما يخلق لدينا شعورا بأن هذه العزلة فعالة ... بينما لانملك أي فكرة عن العوائل النباتية (الأصناف ) التي سنقوم بتلويث نباتاتها  وهذا ما دعانا  لدراسة سلوكها أو إستجاباتها المرضية لعزلة الفطر المعين.... لذلك فنحن نتعامل مع تراكيب وراثية مجهولة أي نلوث أوراق صنف معين لاتوجد لدينا أي فكرة عن وجود أو عدم وجود مورثات مقاومة مخصصة للفطر الممرض.... ونستخدم أبواغ يوريدينية لعزلة من الفطر المسبب لانعرف عنها أي معلومه ماعدا إنها عزلت من بثرات كانت على أوراق صنف آخر...

إذن نحن نتعامل مع عائل مجهول التفاعل وممرض مجهول القابلية الإمراضية ...

ومن الغريب إن معظم الدراسات التي ذكرت أماكن تواجدها في المقدمة تواجه هذا النوع من صيغ العلاقة...   ، حيث لاتوجد معلومات عن طرفي العلاقة. إن حديثي المركز عن طرفي العلاقة لايعني تجاهل الطرف الثالث الذي لايقل أهمية عنهما ولكني أريد أن اتفرغ للطرفين العائل والممرض لأنني أفترض توفر الظروف البيئية المناسبة لإنشاء  وتطورالعلاقة.

      وبالمقارنة مع هذا النوع من الإختبار بين طرفين مجهولين ..... تبرز لنا روعة الأصناف التفريقية (Differential Varieties) ، في توفيرها معلومة مهمة عن كل عائل فيها ، وبذلك وفرت علينا سهولة كبيرة  في قراءة المجتمعات السكانية للممرضات في اي منطقة جغرافية وفي أي زمان ، لأن جميع ما ينتج لدينا من أنواع الإصابة سواء كانت من النوع العالي أو الواطيء مفيدة لنا وبالتالي فإن وضع الإسنتاجات التي تخص طرفي العلاقة غالبا ما يكون منطقيا لأنه يعتمد على حقائق واضحة ........وهو إننا وقبل أن تنشأ العلاقة ...  نعرف ماذا يحمل العائل .... وأقصد هنا مورث المقاومة ..... لذلك تكون الصيغة في العلاقة هي عائل معروف وممرض غير معروف.... لذا فإن نتائجها تعكس للعاملين عليها  قناعات كثيرة لاتقتصر فائدتها على المختصين بالأمراض النباتية فحسب بل تمثل معلومات  مهمة لمربي النبات المهتمين ببرامج تحسين المقاومة لهذا المرض .....

إن توفر الأصناف التفريقية لن يكون حاضرا في كثير من الدراسات المتعلقة بتقييم السلوك المرضي أو تفاعل العائل ، لذلك فعلينا أن نتعرف أولا على أشكال أو صيغ طرفي العلاقة من خلال أنواع الإصابة الملاحظة على العائل. وحتى تكون الصورة واضحة عن ما تقدم فإن الجدول التالي يبين  جميع الصيغ المتوقعة عن العائل والمسبب الممرض في الدراسات الجارية التي تهدف إلى تحليل وتشخيص التراكيب الوراثية المتحكمة في تفاعل العائل وإمراضية الممرض من خلال أنواع الإصابة الناتجة من تداخل طرفي العلاقة شرط توفر الظروف البيئية المناسبة لنشوءها  وتطورها .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول 1. طرائق التحري عن تفاعل العائل وإمراضية الممرض في تجارب أصداء الحنطة  

صيغ التداخل بين العائل والممرض

H:P  Interaction Forms

تفاعل العائل

Host reaction

1

القابلية الإمراضية للممرض  Pathogen pathogenicity 2

أنواع الإصابة الملاحظة  Infection Types Observed 3

الإستنتاج المتوقع لآزواج المورثات المتناظرة

Expected Conclusion for Corresponding Gene Pairs

 

 

 

 

 

 

 

I

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مجهول التفاعل

Unknown Reaction

 

 

 

 

مجهول الإمراضية

Unknown Pathogenicity

 

 

نوع إصابة

واطيء

Low Infection Type

يوجد على أقل تقدير مورث(جين) خاص بالتفاعل الواطيء في العائل و عن الإمراضية الواطئة في الممرض

 

نوع إصابة

عالي

High Infection Type

 

يتعذر وجود إستنتاج محدد لطرفي العلاقة

 

 

 

 

 

 

II

 

 

 

 

تفاعل واطيء

Low Reaction

 

 

 

 

مجهول

الإمراضية

Unknown Pathogenicity

 

نوع إصابة

واطيء

Low Infection Type

هناك مورث هجين في المسبب الممرض يتحكم في إمراضية واطئة

 

نوع إصابة

عالي

High Infection Type

لابد وأن يحمل الممرض مورث يتحكم بالإمراضية العالية

 

 

III

 

 

تفاعل

 عالي

High Reaction

 

 

مجهول الإمراضية

Unknown Pathogenicity

نوع إصابة واطيء

Low Infection Type

هناك بكل تأكيد زوج آخر من المورثات المتناضرة يعمل وهو ليس الزوج المعروف

نوع إصابة

عالي

High   Infection Type

لايوجد إستنتاج محدد حول القابلية الإمراضية .....................

 

IV

 

 

 

تفاعل مجهول

Unknown Reaction

 

إمراضية

عالية

High Pathogenicity

نوع إصابة واطيء

Low Infection Type

هناك على ما يبدو وجود زوج من المورثات المتناضرة غير تلك المعروفة 

نوع إصابة

عالي

High Infection Type

لا يوجد إستنتاج محدد حول تفاعل العائل ....................

 

V

 

 

تفاعل مجهول

Unknown Reaction

 

إمراضية

 واطئة

Low Pathogenicity

نوع إصابة واطيء

Low Infection Type

هناك زوج من المورثات المتناضرة أو تكون المورثات المسيطرة على تفاعل العائل هجينة

نوع إصابة

عالي

High Infection Type

هناك مورث التفاعل العالي في العائل ....................

 

<!--صفة موروثة في العائل النباتي يتحكم بها زوج او أكثر من الجينات (المورثات) عادة ما يتكشف فعلها عند تداخل العائل مع  ممرض معين.

<!--صفة موروثة في الممرض  يتحكم بها زوج أو اكثر من الجينات (المورثات) التي يتكشف فعلها عند تداخل الممرض مع عائل معين.

<!--المظهر الخارجي المرئي الذي يعكس تداخل العائل مع الممرض في ظروف بيئية مناسبة لنشوء التداخل وتطوره.

<!--بما إن نوع الإصابة هو إنعكاس لما حدث من تداخل بين أزواج جينات متناظر ( أي لكل جين مسؤول عن التفاعل في العائل هناك ما يناظره جين مسؤول عن الإمراضية في الممرض) ، فإن نوع التفاعل يمكن أن يعكس إستنتاجات محددة عن طرفي العلاقة أو لأحد الأطراف على اقل تقدير.

 

 

  وعلى الرغم من إمكانية وضع صيغ أخرى متناوبة إضافية ... فإن ما يوجد في الجدول يكاد أن يكون شاملا لجميع ما نصادفه في دراساتنا عن الأصداء ... لذلك يلاحظ في الصيغ كثرة تداول العوائل مجهولة التفاعل .. وهذا هو القاسم المشترك لجميع دراسات تقييم السلوك المرضي أو الإستجابات المرضية لأصناف محصول ما أو نتاج برامج تربية وتحسين أو غربلة تغايرات تم إستحداثها بطرائق عديدة كما يحصل عند إستخدام التطفير . إن القاسم المشترك في جميع هذه التراكيب الوراثية غالبا ما يكون مجهولا... بينما قد تتوفر لدينا قابلية إمراضية عالية لعزلة معينة أو  مجتمع سكاني متواجد بكثرة على جميع نباتات الأصناف المنزرعة ولسنوات عديدة.. 

ومن النظر إلى التصاميم الخمسة والإستنتاجات المذكورة أزاء كل منها يمكن القول بأن التصميمين الثاني والخامس هما الأكثر فائدة في إشتقاق معلومات عن المتطفل والعائل على التوالي بسبب تداخل جينات العائل المسؤولة عن المقاومة وجينات المسبب الممرض المسؤولة عن عدم الفعالية لإنتاج النوع الواطيء من الإصابة.

أما التصاميم الأخرى ، فعلى الرغم من انها اقل فائدة بالمقارنة ،إلا أن فيها بعض المعلومات المفيدة ، فعلى سبيل المثال فأن التصميم الاول السائد في معظم دراساتنا ... فإنه ينتج لنا بعض المعلومات عندما تكون النتيجة نوع واطيء من الاصابة وهذه المعلومات قد نستفاد منها عند البحث عن ازواج جديدة من الجينات المتناضرة . يمكن القول كذلك عن التصميمين الثالث والرابع. ومن الجدير ذكره هنا  إن نوع الإصابة المسيطر عليه بواسطة زوج خاص من الجينات  المتناضرة والمتماثلة لطرفي العلاقة(RRPP)  وتحت ظروف بيئية ثابتة عادة ما يكون صفة غير متغيرة، وبذلك فإن تكرار ظهور نوع الاصابة الواطيء  لأي تداخل غالبا ما يعكس تداخل بين جينات متماثلة تتحكم  بالمقاومة في العائل  وعدم الفعالية الإمراضية في الممرض ،مما يسهل علينا  وبشكل واضح تشخيص إيجابي لأزواج الجينات المتناظرة ،  وقد يتكشف وجود هذه الأزواج المتناضرة في صنف أخر عرف بحساسيته تجاه عزلات أخرى لنفس المسبب الممرض. يمكن كذلك  توضيف  الأنواع الواطئة من الإصابة  للحصول على معلومات عن احتمالية التراكيب الوراثية الخاصة بإمراضية المتطفل عندما يكون العائل (الصنف) العائل يحمل اثنين أو أكثر من جينات المقاومة المعروفة والتي إن تداخلت مع الجين المتماثل لغير الفعالية  في الممرض تنتج نوع إصابة واطيء على ذلك العائل.

 يمكن تلخيص ما جرى في النقاط التالية:

<!--نوع إصابة واطيء بعد التلويث الإصطناعي يعكس وجود زوج من  المورثات  في العائل يتحكم بالتفاعل الواطيء  ... يناظره زوج يتحكم بالقابلية الإمراضية الواطئة في الممرض.

<!--أنواع الإصابة العالية لا تعكس إستنتاج محدد لأن هذا النوع من الإصابة قد يسببه توفر التفاعل العالي في العائل أو توفر الإمراضية العالية  في الممرض أو توفرهما معا....

<!--وجود نوع إصابة واطيء على عائل معروف  بتفاعله العالي مع عزلات أخرى من الممرص يعكس وجود زوج اخر من جينات التفاعل الواطيء فيه إضافة للزوج الآخر المتحكم بالتفاعل العالي المعروف.

<!--لايمكن وضع أي إستنتاج عن نوع إصابة بدون التأكد من توفر ظروف بيئية مناسبة لنشوء وتطور العلاقة بين العائل والممرض.

<!--إن ما تضمنته المقالة يتظمن الصفات الموروثة في كل من العائل والممرض ولا يشمل أنواع الإصابة الناتجة من برامج إستحثاث المقاومة  أو ما يعرف  بالمقاومة المكتسبة.

<!--وأخيرا فإن هذه الحقائق لاتلغي الطرائق الحديثة في تشخيص مواقع جينات المقاومة في العوائل النباتية ونقلها لأصناف تجارية بوقت قصير ولكننا يجب أن نفهم خلفيات ما نريد نقله من عائل لأخر. إن توضيف التقنيات الحديثة في الأمراض النباتية ما كان أن يحصل من دون معرفة هذه العلاقات ، لذلك علينا أن نتعامل مع التقنية الحديثة بدون أن ننسى المفاهيم الأساسية لكي لا نفقد هويتنا كمختصين أو عاملين بالأمراض النباتية.

 

 

 

مع تمنياتي

 

د. محمد عبد الخالق الحمداني

 

  • Currently 2/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
2 تصويتات / 564 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

82,553