قراصنة الصومال وهم أم حقيقة؟
8 - 10 - 2008
كان اختطاف السفينة الأوكرانية في البحر الأحمر، على يد ما سمي في جميع وسائل الإعلام قراصنة الصومال، محطة هامة انتبه فيها العالم كله لما سمي قراصنة الصومال الذين ظل اسمهم يتردد بين حين وآخر خلال عام 2008 وقد وصل عدد السفن التي تعرضت للاختطاف خمس وخمسين سفينة بحسب تقرير للمكتب البحري الدولي منذ يناير 2008 من مختلف الجنسيات، ويعتبر شهر سبتمبر هو أنشط شهر شهد حوادث قرصنة عديدة في البحر الأحمر كان أشهرها وآخرها اختطاف السفينة الأوكرانية المحملة بالأسلحة والمحتجزة منذ حوالي أسبوعين لدى ما سمي بقراصنة الصومال. فمن هم أولئك القراصنة؟ ولمصلحة من يعملون؟ وهل يوجد قراصنة حقاً؟ أم مليشيات تابعة لمخابرات غير معلومة؟ كلها أسئلة فرضت نفسها على المراقب والقارئ.
الراوية المتداولة أن الواقع الصومالي شهد ما سمي بأمراء الحرب عقب سقوط نظام سياد برى، ونظراً للفوضى فقد قامت سفن كثيرة أجنبية بالتسلل إلى المياه الإقليمية الصومالية الغنية بالثروة السمكية وسرقة كميات كبيرة من السمك، فتصدى لها بعض الصوماليون وسرعان ما اتسع وكبر عدد المتصدين لسرقة الثروة السمكية ثم تغير حالهم من مدافعين عن مياههم الإقليمية وثروتهم السمكية إلى أمراء بحر يختطفون السفن ويطالبون بفدية مالية، وبعدها انتشر اسم قراصنة الصومال الذين يتحكمون في القرن الإفريقي ولهم قاعدة في منطقة "آيل" القريبة من جمهورية بونت لاند التي تتمتع باستقلال ذاتي.
لكن أسلحتهم وقدراتهم العسكرية البحرية وامتلاكهم للتقنية الحديثة كل ذلك يثير التساؤل حول كيفية تطورهم إلى هذه الدرجة في منطقة تعتبر ملكا للبوارج الأمريكية والفرنسية.
توجد رواية صومالية تقول إن هؤلاء عصابات تابعة للرئيس الصومالي عبد الله يوسف، يقومون بمنع وصول السلاح للمقاومة مقابل تركهم يختطفون السفن ويحصلون على مبالغ مالية، ويؤكد هذه الراوية عدم قيام القوات الجوية أو البحرية الأمريكية بالهجوم عليهم وضربهم في قواعدهم.
ونقلاً عن مركز "ساتام هاوس" للدراسات بلندن فإن القراصنة جمعوا مبلغ 30 مليون دولار هذا العام من الفديات المطلوبة نظير الإفراج عن السفن المختطفة.
وعودة لحادثة اختطاف السفينة الأوكرانية في 25 سبتمبر نجد أنها تحمل مفاجآت عديدة منها أن السفينة مالكها إسرائيلي يدعى فادين البيرين، والسفينة محملة بـ33 دبابة تي 72 بخلاف قاذفات صواريخ وذخيرة وقطع غير لآليات مدرعة
مسئول في كينيا صرح أن السفينة "فايتا" ترفع علم دولة تسمى "بليز" كانت تحمل شحنة أسلحة متوجهة لميناء "مومباسا" الكيني، وقد أعلن أن الخاطفين يطلبون 35 مليون دولار فدية.
وأثناء ذلك تسربت أخبار أن شحنة الأسلحة كانت متوجهة إلى جنوب السودان وقد نشرت "سي إن إن" تقارير تؤكد ذلك مما يثير الريبة حول تلك الشحنة من الأسلحة خاصة مع إعلان البنتاجون أن سفنه تحاصر السفينة المختطفة ولكنهم يفضلون الحل السلمي!!وكذلك أعلنت روسيا التي خولها الرئيس الصومالي الحق أن تفعل ما تشاء لتعقب الخاطفين في الأراضي والمياه الصومالية ولكنها فضلت الحل السلمي!!
وهنا مربط الفرس كما يقولون، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تبالي مطلقاً بدماء المدنيين في الصومال وقامت بعشرات الغارات الجوية التي تسببت في قتل المئات من الشعب الصومالي، ولم تهتم الإدارة الأمريكية، وكذلك روسيا حيث تاريخها وواقعها في الشيشان ناطق بدمويتها، فلماذا يفضلون الحل السلمي مع قراصنة إلا إذا كانت هناك مصلحة راجحة .. فما هي؟
هل السفينة عليها مواد محظورة يخشى من الإعلان عن وجودها أو استخدام القوة فيؤدى هذا إلى تدمير واسع النطاق لا يمكن احتواؤه؟ أم أن القراصنة يعملون لحساب جهة مخابراتية يتم التفاوض معها؟ أم أن هؤلاء ليسوا بقراصنة صوماليين وإنما هم عملاء مرتزقة كمنظمة بلاك وتر الأمريكية يعملون لحساب المخابرات الأمريكية أو غيرها في العمليات القذرة؟
ومما يثير الريبة هو أن كينيا هي أكبر قاعدة للمخابرات الأمريكية في إفريقيا ومع ذلك يعلن عن شحنة أسلحة سوفيتية لها!
ثم ما تسرب من خبر عن أن الأسلحة كانت لجنوب السودان معناه أنه يوجد مخطط مخابراتي أمريكي لإشعال نار الحرب الأهلية في السودان وإدخال المنطقة في دوامة الحرب المدمرة.
الحقيقة أن موضوع أن القراصنة كلهم صوماليون لا يمكن تصديقه في ظل استخدامهم للتقنيات والإحداثيات الحديثة والزوارق السريعة الغالية الثمن والأسلحة الحديثة، ثم قدرتهم على التفاوض مع جميع الدول يعنى أن الأمر خرج عن نطاق عصابة صومالية إلى عصابة دولية لها تحالفاتها وخططها وعلاقاتها المخابراتية.
ومما يؤكد هذا ما نشر عن تخويفات أوربية من استخدام البحر الأحمر وقناة السويس، فهي تخويفات تصب في مخطط مقصود مراميه للبحر الأحمر.
ساحة النقاش