لا يخفى على الكثير مشكلة توفير البروتين التي تواجه دول العالم وهاجس الاكتفاء الذاتي من الغذاء،
إلى جانب مشكلة النقص في المخزون السمكي نظرا لما تعرض له من صيد جائر وعوامل أخرى في الوقت الذي تشير الأبحاث في مجال الصحة والتغذية إلى أفضلية لحوم الأسماك صحياً إذا قورنت باللحوم الحمراء.
وقد دأبت حكومة خادم الحرمين الشريفين ممثلة في وزارة الزراعة والمياه في توجهاتها الإنمائية للوصول للاكتفاء الذاتي غذائياً مقروناً بالتنويع في المصادر فكان ان سلكت طريق التحدي تلو التحدي وبتوفيق من الله كان لها النجاح تلو النجاح.
ولأن الوقت حان لأن يأخذ مجال الاستزراع المائي والاستثمار فرصته ليشكل مع مجالات الاستثمارات المتنوعة الاخرى المنظومة الحديثة للاقتصاد السعودي والتي يمثل فيها القطاع الخاص دوراً هاماً ومسانداً للدور الذي اضطلعت به وزارة الزراعة والمياه حيث خصصت وكالة لشؤون الثروة السمكية يتبع لها مركز المزارع السمكية بجدة والذي يعنى بتنفيذ الابحاث والدراسات التي من شأنها تنمية وتطوير صناعة الاستزراع السمكي بالمملكة وحيث منحت الوزارة كافة الستهيلات الفنية والمالية التي من شأنها دعم النهوض بهذه الصناعة والمشاريع المساندة كصناعة الأعلاف والتي ستوفر مزيداً من فرص العمل للكوادر الوطنية وزيادة للدخل الوطني.
وفي جولة جريدة «الجزيرة» داخل مركز المزارع السمكية نلقي نظرة على الامكانيات والانشطة.
معلومات عن المركز
أنشىء مركز المزارع السمكية تحت اتفاقية الأموال المودعة المبرمة بين حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الزراعة والحياة ومنظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة في عام 1982م لاجراء البرامج البحثية والإنمائية على انواع من الاسماك البحرية والربيان الملائمة للزراعة وتدريب الكوادر الوطنية ونقل تقنية الاستزراع إليهم وبذلك يعد مركز المزارع السمكية رائداً في هذا المجال حيث يعنى بالأبحاث التطبيقية في زراعة الأسماك البحرية والربيان التي تساهم في نشر تقنية الاستزراع وحث المستثمرين والجهات المختصة بالدولة على التركيز في هذا القطاع الحيوي الذي يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الاستثمار وإيجاد فرص عمل للمواطنين،
وحيث تميز البحر الأحمر بيئيات بحرية ذات صفات بيولوجية ينفرد بها بين بحار العالم مما يجعله إحدى المناطق البحرية التي تجذب انتباه علماء البحار ولأن موقع المركز من المواقع الجيدة التي اختيرت بعناية فائقة لكي يكون مناسباً لإنشاء الوسائل المختلفة لأنظمة الاستزراع مثل الاقفاص العائمة والمسيجات الشاطئية والبرك والأحواض الخرسانية وخلافها من المرافق المساندة. يقع مركز المزارع السمكية على شاطئ البحر الاحمر للمملكة على بعد 60 كليومتراً الى الشمال من مدينة جدة ويهتم هذا المركز بتحديد انواع الاسماك البحرية المحلية ذات القيمة الاقتصادية الجيدة واجراء الابحاث الاستزراعية عليها ودراسة واختبار الانواع الجديدة والمتميزة بالاقبال العالمي من الاسماك والربيان غير المحلي ومدى مناسبته للاستزراع تحت الظروف البيئية المحلية.
ومن المهام الاخرى دراسة وتقييم وسائل الاستزراع المختلفة ومدى ملاءمةهذه الوسائل لكل منطقة من المناطق المحلية ويقوم المركز بدراسات تطويرية في مجال اعلاف الاسماك باستخدام مكونات متوفرة محليا والتنسيق مع مصانع انتاج الاعلاف المحلية لانتاج غذاء للاسماك والربيان ذي مواصفات قياسية وكذلك اجراء دراسات وابحاث على امراض الاسماك والربيان المستزرع ومراقبة وفحص عينات من مياه صرف المزارع السمكية ووضع قياسات كفيلة بعدم التأثير على البيئة المجاورة.
وللمركز دور كبير في إعداد برامج تدريبية مكثفة للمهتمين بمجال الاستزراع السمكي سواء من القطاع الخاص او من القطاع الحكومي وكذلك امداد المشاريع الخاصة بيرقات الاسماك والربيان حسب الامكانيات المتاحة واصدار كتيبات ونشرات تطبيقية عن تقنيات الاستزراع السمكي والقيام بالمسوحات الساحلية لتحديد المواقع المناسبة لاقامة مشاريع مزارع الاسماك والربيان وتقييم دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية التي يقدمها المستثمرون قبل البدء في تنفيذ المشاريع.
ومن مهام المركز كذلك دعم المركز بأحدث المراجع والدوريات والمجلات المتخصصة لتسهيل البحث العلمي المتعلق بالاستزراع وتقديم المشورة الفنية للمستثمرين في هذا القطاع.
مرافق المركز
هذا ويتبع للمركز مرافق عدة تخدم وتسهل اعمال البحث والدراسة ومنها المرافق الارضية التي تشمل المفرخات وهي تتكون من احواض رعاية الامهات واحواض رعاية اليرقات التي قام المركز بتصميمها وتصنيعها محلياً من الالياف الزجاجية بأشكال واحجام مختلفة داخلية وخارجية و تقدر الطاقة الاستيعابية للوحدة بمليونين ونصف المليون يرقة سمك / دورة ومئتان وخمسون يرقة ربيان/ دورة .
ويوجد بالمركز عدد 8 برك ترابية مبطنة بمادة مطاطية عازلة أربع منها بمساحة 1200 متر مربع واربعة بمساحة 600 متر مربع،
كما يوجد احواض تربية اسماك البلطي واحواض تجارب التغذية وكذلك الاقفاص والمسيجات حيث يتميز موقع المركز بوجوده على خور ساحلي يتناسب وشروط إنشاء مرافق التربية البحرية باعتباره منطقة ضحلة من تأثير التيارات والامواج القادمة من البحر المفتوح.
وهناك مرافق مساندة مثل المختبرات ويوجد بالمركز مختبر يختص باجراء جميع القياسات المتعلقة بجودة المياه من تحديد الأوكسجين والملوحة والحرارة وغيرها.هذا الى جانب وجود مختبر بيولوجي تجرى به عمليات متابعة نمو اليرقات من الاسماك والربيان واخذ القياسات وغيرها من الامور المتلطب معرفتها عن الكائن المستزرع.
الأنشطة البحثية
وبالمركز نشاطات بحثية وتطبيقية تتركز على تحديد الانواع المناسبة من الاسماك والربيان للاستزراع في المملكة الى جانب البرامج التطويرية وتشمل برنامج الاسماك البحرية،
حيث نجح المركز بجلب عدد من امهات الاسماك البحرية المصطادة من البحر وأقلمتها للعيش والتفريخ تحت ظروف الاسر كما حقق نجاحاً في رعاية يرقات اكثر من نوع واحد مثل اسماك الكشر الهامور حيث تندرج تحت اسماك الكشر انواع كثيرة من اهمها محليا الناجل والطرادي وقد تمكن المركز من تفريخها طبيقياً في احواض التفريخ والابحاث وما زالت مستمرة لتطوير الرعاية الاولية لليرقات وحضانتها والنظر في انواع اخرى مناسبة للاستزراع من اسماك الكشر.
وكذلك اسماك السيجان. وتعد اسماك السيجان من الاسماك المهمة في الاستزراع السمكي بالمملكة لتميزها بسرعة النمو حيث تصل الى الحجم التسويقي في ستة اشهر كما تطلع المركز الى اجراء عدة ابحاث على اسماك العربي واسماك البريم والحفار واسماك السبيطي.
بالاضافة الى ذلك هناك برنامج استزراع القشريات البحرية. وتعتبر مشاريع مزارع الربيان من المشاريع الواسعة الانتشار في كثير من دول العالم ولكن في المملكة حيث الملوحة العالية لمياه البحر الاحمر والخليج العربي حتم عليها تطوير تقنيات فنية واقتصادية تتماشى وظروف المنطقة وقد قام المركز بالعديد من الابحاث الانتاجية على الربيان الابيض والربيان العملاق التي اظهرت امكانية انتاج اكثر من 10طن هكتار في السنة
وتم التركيز على الانواع المحلية مثل الربيان الابيض وقد اندرج هذا النوع ضمن الانواع المناسبة للاستزراع في المملكة وكذلك الربيان النمر العملاق الذي يتميز بالحجم الكبير والجسم المخطط وقد تمكن المركز من انتاج 8 طن / الهكتار/ السنة ومازالت الابحاث جارية لتطوير تقنية من شأنها استخدام انتاج المركز من الربيان كأمهات للتفريخ لتقليل الاعتماد على الامهات الطبيعية النادرة.
وهناك برنامج خاص لاستزراع اسماك البلطي التي هي من اسماك المياه العذبة غير المعروفة محليا ولكن بصورة سريعة انتشر استزراعها في المناطق المختلفة من المملكة لسهولة تفريخها وتحملها العالي لمختلف الظروف البيئية وقد نجح المركز باختيار نوع من انواع البلطي وتم تطوير تقنية استزراعه في مياه البحر مباشرة مما ادى الى تقليل التكاليف الانتاجية وبالتالي انتشرت العديد من مشاريع مزارع البلطي البحرية في المنطقة.
وكما هو معروف ان تشغيل وحدة التفريخ والرعاية الاولية للاسماك والربيان تتطلب وجود مصدر غذائي وفير ومتنوع من الكائنات الحيّة الدقيقة ولانتاج هذه الكمية فإن المركز يحتوي على وحدة لانتاج الغذاء الحي مجهزة بالوسائل الكفيلة لانتاج الكميات المكثفة المطلوبة من الطحالب واللولبيات. وذلك ضمن البرنامج الوقائي للانواع المستزرعة.
الإرشاد والتدريب
ولقد خطا المركز خطوات سريعة في مجال الارشاد والتدريب حيث يقوم باستمرار بعقد الندوات والدورات التدريبية لموظفي الدوائر الحكومية المعنيين من ذوي التخصص وكذلك الاشخاص القادمين من القطاع الخاص.
في نهاية الجولة داخل المركز تفضل الاستاذ سالم الثبيتي مدير المركز بالقاء الضوء على بعض النقاط منها ان المركز يهتم بعمل الدراسات والابحاث على بعض الانواع من الاسماك والقشريات التي تناسب الاستزراع السمكي حيث اننا في البداية قمنا بعمل مسح شامل لساحل البحر الاحمر وكان الهدف البحث عن الاسماك التي تتوفر بكميات وصالحة للاستفادة منها على نطاق تجاري ولم نجد ذلك،
وقمنا بالعمل على عدة انواع منها اسماك السيجان والعربي والكشر ومازال العمل على نطاق تجريبي رغم النتائج التي تحققت وكذلك قمنا بالعمل على الربيان ثلاثة انواع منها وحققنا نتائج جيدة في الربيان الابيض حيث حصلنا على )20 طن/ في الهكتار/ في المحصول الواحد( ونحن دورنا هنا تطوير المنتج الى ان يصل صالحاً للانتاج الزراعي حيث اننا اذا وصلنا لنتيجة جيدة ننقل هذه النتائج للقطاع الخاص وبدوره يقوم بالانتاج لممارسة النشاط التجاري حيث ان هدفنا ليس تجاريا وهو إيجاد التقنية والوصول للنتائج عن طريق الدراسات والابحاث. ولدينا الآن اكثر من مشروع للربيان منها مشروع الشركة السعودية للاسماك في جيزان طاقته الانتاجية تصل الى الف وخمسمائة طن في السنة. شركة جازان الزراعية وشركة الراجحي وغيرها. وكذلك من مهام المركز استزراع انواع خارجية مثل السيباس وقد حقق المركز نتائج طيبة وجيدة في هذا النوع ودائماً بعد الدراسة نحاول ايجاد انواع صالحة للاستزراع.
وقد وصل اجمالي انتاج المزارع السمكية بالمملكة لعام 1998م 3500 طن مياه عذبة و1540 طن مالحة.
ساحة النقاش