توالت الردود التي أثارها مقالي "ولاية وهران وولاية وجدة؛الجارتان اللدودتان" ؛وقد صدمني الجزائري منها ؛دون أن أجزم أهي صادرة عن مواطنين،من الشعب، أم عن أجهزة رسمية، تذود عنهم،حتى دعوات حسن الجوار ؟

دفعتني بعض هذه الردود إلى معاود ة قراءة موضوعي عساني أجد فيه ما يبرر استنهاض هذه الكتائب لمواجهة كاتب ،رأسماله حسن نيته ،وذكرياته وهو طفل يتفرج على قطار قادم من الغرب ؛يتوقف بمحطة وجدة ،برهة،ليواصل هديره صوب وهران. اقرؤوا " في الطفولة" لعبد المجيد بن جلون" فهو ،بدوره،يسجل هذه الوقفة، للتاريخ.

طبعا لم أجد غير دعوة إلى الدفع بالتي هي أحسن ؛استحضارا للجغرافية والتاريخ معا.

وبين رجاء أقوى من اليأس – وهذا ديدني في الحياة كلها- جاء المدد ؛ أو الطيور الأبابيل التي رمت أصحاب الردود العسكرية بعريضة عصماء ،موقعة من طرف عدد من المثقفين ؛أجمعوا أمرهم- تحت ضوء الشمس- على فضح من تآمروا ،ليلا، على جغرافية سهل أنكاد (من وادي زا المغربي الى للا مغنية الجزائرية)وعلى السلاسل الجبلية ،الممتدة من والماس الى العمق الجزائري ؛وعلى تاريخ مشترك ؛بشهادة عبد المومن بن علي الكومي ،وابن خلدون ،والأمير عبد القادر الجزائري ،الذي لاتزال آثار حوافر خيوله ماثلة للعيان بسهول اتريفة.

نحن في المغرب أكثر من يفهم حقيقة ما يجري في الجزائر ؛واسألوا تجار سوق الفلاح في وجدة فهم أدرى- في المسألة الجزائرية- حتى من ساستنا :

يعرفون مثلا أن أغلب الأغطية(البطانيات) التي قدمها المغرب ،مساعدة للمتضررين الجزائريين ،ذات زلزال،عادت أدراجها،إلى وجدة، سلعا مهربة .

يستبعد كثيرا أن يكون للضحايا متسع للبيع والشراء.

وأشهد أن فرحا كبيرا غمرني ذات صباح ،وأنا أصادف في مدخل وجدة الغربي قافلة من الشاحنات الجزائرية ؛محملة بقنينات من الغاز الجزائري ؛مساعدة للمواطنين المغاربة المتضررين من الفيضانات.

كان السائقون يلوحون لعابري الطريق بشارة التضامن والنصر ؛في مشهد يسيل دمع كل ذي قلب سليم.

إن الشعب المغربي ،الذي فضل استقلال الشعب الجزائري على تصفية مشاكل الحدود- رغم الإغراء الفرنسي-،وساعده ماديا ومعنويا في محنته ؛في مواجهة قصف المدافع والطائرات ؛وقد نالت وجدة بدورها نصيبا من هذا القصف ؛وقاسمت المهاجرين مساكنها وأرزاقها ،مستلهمة نبل الأوس والخزرج .

إن هذا الشعب - المستغني ماديا عن الجزائر،بشهادة مهربين للبطاطس ، وبرتقال بركان، إلى الجزائر- لن يترك الشعب الجزائري تحت رحمة كتائب النظام ؛ يسومونه كل أشكال المهانة ،والفقر؛ كتائب تصم آذانه خوفا حتى من الكلم الطيب ،بله هدير الأنهار العربية ؛في هذه الأيام حيث حروب داحس والغبراء ،وناقة البسوس ؛وباقي الأيام المعلومة ،التي سئم منها ،قديما ، حتى حكيم الشعراء زهير بن ابي سلمى.

نهر ملوية و عشرين فبراير:

إن محمد الخامس،رحمه الله، الذي سلم في عرشه- تحيزا للشعب- ؛وفضل متاهات الجزر النائية ،كاله يوناني لم يسلم في الجزائر .

كذلك غرة الملك الحالية ؛لن تشيح ،ببهائها،عن شعب يحاصر كل فرد منه- حينما يفكر في مجرد " شمة" من النفط، وليس الحرية- بعشرة من عتاة البوليس المدجج ، بكل خراطيم الرصاص .

ومع الغرة الملكية غرة الشعب ،حركة العشرين ؛كما بدأت شابة لم بطمثها انس ولا جان.

نحن نستعيد ،هنا في المغرب، لحظة الثورة الأم :ثورة الملك والشعب التي –وان تعثرت- ولدت شعبا أبيا ؛حريصا على قيمه الإسلامية ،وعلى ديمقراطية تترى؛ شعبا لا يهاب عسكره لأنه منه واليه.

لا نغمطكم حقكم في معرفة وضعنا ؛كما نسعى لمعرفة وضعكم:لقد أكدت الأيام أن حربنا ضد نفس مستعمركم ، لم تكن سوي جهاد أصغر : شدة وزالت؛ لكن حربنا ضد الفساد جهاد متواصل؛ إلى أن يبحث الراشي – والفساد ليس الرشوة فقط- في كل أرجاء البلاد،عن المرتشي فلا يجده إلا هاربا صارخا:

"انج سعد فقد هلك سعيد". حلم لوثري لكنه سيتحقق عاجلا أم آجلا.

نعرف أن عسكركم يراقب مجرى نهر ملوية ؛خوفا من فيض الأفكار الشابة ؛وخصوصا " ما مفاكينش" المغربية. يخافون أن ينحرف هذا النهر عن مصبه الحالي قرب السعيدية ،ليصب في قرية بلمهيدي ؛ومنها الى سعيدة ووهران ألبير كامي.

لا يرون في هذا الفيض غير نفس الطاعون الذي رآه هذا الفيلسوف الوجودي في الفكر الاستعماري.

اطمئنوا فنهر ملوية ،حتى حينما يفيض يظل هادئا.

وهو أفيد لنا ولكم حتى من حاسي مسعود : تأكلون اليوم من خضر سهل اتريفة ، وتكادون لا تعرفون طعما لثروة "حاسيكم" .
تعالوا إلى ثورة سواء : نجمع بين الغرتين الشبابيتين الثوريتين ،بكل التاريخ المشترك– رغم أنف العسكر- وبين أنهارنا وأنهاركم ،ونفطكم وفسفاطنا ؛منفذين أحكام جغرافية الإدريسي وتاريخ ابن خلدون .
سننتصر جميعا ،في معركة التنمية ،وستخطب ودنا الأمم .
ثقوا ،مرة أخرى، أن المغرب - من خلال دعوات فتح الحدود – يسعى ليجنبكم حمام دم ،سيؤدي اليه ،لامحالة، احتقان وضعكم بشهادة سياسييكم .

يسعى النظام جاهدا ليوهمكم أننا في ضائقة ،ولا فرج إلا من الحدود ؛ويعلم صغيركم ،قبل كبيركم أن هذا محض بهتان ؛ أما المطلون منكم على السعيدية فعندهم الخبر اليقين ؛ولافخر.

وغدا نستحم جميعا- بلباس مدني- في هذه الجوهرة الزرقاء ؛زرقة عيون ساكنات أوروبيات شقراوات اخترنها مقاما.

النهر الليبي العظيم:

أخيرا أدركنا أن الرجل ،سيء الذكر- لن أسميه لأنني أمقته-، حينما كان يتبجح بالنهر الأخضر ،ويطلق الرصاص من مسدسه في الهواء لم يكن يقصد ما فهمه الجميع،يومها، بل هذا النهر الدموي الذي جعله ينبجس من شرايين الشباب الليبي برصاص مؤدى ثمنه من رزقهم الحلال.

لم يعد أحد اليوم يجادل في الدعم الذي قدمه النظام الجزائري- من رزقكم الحلال،أنتم أيضا، ومن سمعة ثورتكم المجيدة ضد الاستعمار- لهذه الآلة المرعبة ،المحسوبة بشرا؛حتى يكمل جريمته على أبشع صورة.

لا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق لتفهموا السبب.

وكما كذب الكذاب، يوم تدشين النهر، يكذب عليكم النظام حينما يوهمكم أن "بوليزاريو" تواجه المغرب من أجل دولة:

إن بوليزاريو في تندوف معدة لمواجهتكم في الجزائر العاصمة.

انها نفس المدرسة التي جمعت المرتزقة الأفارقة ،في الصحراء الليبية، تحسبا ليوم يفكر فيه الليبيون في استنبات الخضرة الحقيقية.

أين ستذهب الفلول التي دحرها شباب ليبيا؟ أي وجهة ستأخذ أسلحة الدمار التي أخرسها الثوار؟

وهل تعتقدون أن المرتزقة الأفارقة ،الذين يتقاضى الواحد منهم الألف دولار يوميا، سيعودون إلى قراهم الدغلية البئيسة؟

إذا كنتم تصدقون بأن "بوليزاريو" شعب مضطهد ،ويسعى لإحقاق حقه فأنتم واهمون.

يا حرائر الجزائر تحسبن ليوم تواجهن فيه بيضا وسودا ؛كأخواتكن الليبيات؛ وسيكون مرعبا ألا يحميكن العسكر.

أي نهر تفضلون؟

ملوية ذات الألوية الخضراء من كل ما لذ وطاب.

أم النهر الليبي الأحمر ،الذي نتمنى ألا تستدرجوا للشرب منه.؟

وإذا حدث – لاقدر الله- أن احتجتم الى وجدة ،يا سكان الغرب الجزائري، فهي- كما كانت دائما -حضن وملاذ لرؤسائكم المناضلين ،ولعامتكم .

ونعاهدكم ألا نستقبل جنرالا هاربا.





  • Currently 34/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 193 مشاهدة
نشرت فى 24 سبتمبر 2011 بواسطة ramdane3

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

21,884