أحدث ثورة المعلومات تغييرا كبيرا في حياة الإنسان، حيث أصبحت هذه المعلومات مورداً إستراتيجياً حيوياً لايقل أهميةً عن الموارد الأخرى حتى بات قطاع المعلومات يشكل مصدراً رئيساً للدخل القومي والعمل والتحول البنائي، أوفيما يلي ملامح التغيير التي أحدثتها ثورة المعلومات التي أفرزت خصائص اتسم بها المجتمع المعلوماتي.

ومن أهمها:

انفجار المعلومات ـ نمو المجتمعات والمنظمات المعتمدة على المعلومات ـ بزوغ تكنولوجيا المعلومات والنظم المتطورة له..  إلخ

شهد العالم عبر تاريخه الطويل تطورات متلاحقة وتحولات كبيرة في طرق وأساليب الحياة والمعيشة وقد استجدت لديه احتياجات عديدة بعد أن كان يعتمد على الزراعة لمدة من الزمن حتى حدثت الثورة الصناعية لتلبي له احتياجاته المستجدة وتغير بشكل جوهري أنماط حياته، ثم ما لبثت المجتمعات وخاصة المتطورة اقتصادياً أن تطوى صفحة العصر الصناعي لتفتح صفحة جديدة لعصر المعلومات الذي تعيشه اليوم وقد أحدثت هذه الثورة نقلة هائلة في حياة الإنسان وغيرت الكثير من مفاهيمه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومازالت هذه الثورة منتشرة وقوية بعد أن أخذ المجتمع الصناعي يتخلى عن مكانه لمجتمع جديد يعمل غالبية أفراده في المعلومات وليس في إنتاج السلع والضائع

المعلومات مورد إستراتيجي:

أدركت الدول المتقدمة أهمية المعلومات كمورد إستراتيجي حيوي لا يقل أهمية عن الموارد الأخرى ولكونها عنصراً لاغنى عنه في الحياة اليومية وفي اتخاذ القرارات وفي نشاطات البحث العلمي والركيزة الأساسية للتقدم العلمي والحضاري والتنمية• فمن يمتلك المعلومات ويستثمرها بشكل أفضل، ومن يمتلك نظم معلومات متطورة، هو الأقوى لأن قدرة الإنسان على استثمار الموارد المادية والبشرية رهينة بقدرته على استثمار المعلومات واستثمار هذا المورد الحيوي هو المعيار الذي يعتمد عليه الآن في التمييز بين المجتمعات المتقدمة ومجتمعات الدول النامية•

لقد أصبح التطور الكبير للمعلومات إنتاجاً وتوزيعاً واستخداماً في العقدين الأخيرين جلياً بعد استثمار التكنولوجيا الحديثة وبخاصة التطور في تكنولوجيا الحواسيب والاتصال من بعد وتكنولوجيا المصغرات الفيلمية والليزرية، مما أدى إلى أن تصبح المعلومات أكبر الصناعات في الدول المتقدمة.

ونظراً لأهمية هذه الموارد في الاقتصاد فقد اختار الاقتصادي الشهير (آدم سميث) عنواناً لكتابه الرئيس >ثروة الأمم<نظراً لما لهذه الموارد والثروات من دور فاعل في تطور حياة الدول وتنظيمها السياسي والاقتصادي وقد حصل هذا التحول في البنية الاقتصادية في الدول المتقدمة في مجال المعلوماتية نتيجة لثورة المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصال وأبرز مثال على ذلك التطور الذي شهدته الولايات المتحدة الأمريكية من صناعة الحواسيب إلى صناعة معالجة المعلومات من 1791 حتى 1891 إذ نلاحظ أن حجم صناعة الحواسيب قد ارتفع من (71) بليوناً عام 1791 إلى (96) بليوناً لعام 1891 أي بنسبة أربعة أضعاف أما حجم صناعة المعلومات ككل فبلغ 031 بليون دولار، كما بلغت عائدات الشركات المنتجة لهذه الصناعات 8025 (بليون دولار) مقابل 6052 (بليون) لعام 7791(1).

وفي فرنسا التي تمتلك أكبر شركات الخدمات في أوروبا حدث تطور لايقل أهمية على صعيد المعلوماتية وفي ميدان التنظير المعلوماتي بهدف تطوير الأفكار حول الطرق المؤدية إلى إدخال المجتمع في الحيز المعلوماتي
يشكل قطاع المعلومات المصدر الرئيس للدخل القومي والعمل والتحول البنائي، وتظهر اقتصاديات الدول المتقدمة في أوروبا أن حوالى 04% من دخلها القومي قد نتج من أنشطة المعلومات في منتصف السبعينات، ومن خلال هذا الاهتمام المتزايد لقطاع المعلومات ظهر في السنوات الأخيرة العديد من المصطلحات المرتبطة به وتؤكد أهميته وفاعليته على نطاق واسع ومنها:


قطاع المعلومات، وسيط المعلومات، شركات المعلومات، بنوك المعلومات، مديرو المعلومات، تسويق المعلومات، وسواها ومن ناحية أخرى أدت هذه السرعة والتطورات المتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات إلى اهتمام الدول وحاجتها إلى مايسمّى بمحو الأمية التكنولوجية للمعلومات في مجتمعنا المعاصر، وهي في أوسع معانيها المعرفة التي تسمح للفرد القيام بعمله بكفاءة وفعالية في أي ظرف يجد فيه نفسه في المجتمع التكنولوجي، ويختلف هذا من شخص إلى آخر وفقاً لتخصصه واهتماماته، وبذلك فقد أصبحت هناك قناعة واضحة وإدراك كبير للدور الجوهري الذي يمكن أن يؤديه توظيف المعلومات وتكنولوجياتها المتطورة في التقدم وتشكيل فكر وثقافة المستقبل، كما أن التربية والتعليم يمثلان العاملين الجوهريين في تنمية موارد المعرفة والإبداع والخلق، وسوف يعتمد عالم الغد على التحولات السريعة في الإنتاج وجودته في بيئة تنافسية، وسوف تظهر فيه التكتلات الاقتصادية القوية وتتغير هياكل العمالة والتوظيف، ويرتبط بالتقدم السريع في العلم والتكنولوجيا وتبادل ونقل المعلومات والتوصل السريع إلى استرجاعها في حل الكثير من المشكلات ويسهم في تحقيق النقلة الحضارية والتقدم والتنمية المطلوبة.

ثورة المعلومات وملامح التغيير:

يعد العالم اليوم في مفترق طرق لأن التطورات الهائلة في التكنولوجيا تؤدي إلى تغيير اقتصادي سريع، فثورة المعلومات المعاصرة وماتحدثه من تغيير تشبه بالثورة الصناعية التي بدأت في إنجلترا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، إذ ستتولى الحواسيب والإنسان الآلي بصفة متزايدة الأعمال الرتيبة، وستخلق ثورة المعلومات عدداً متزايداً من الوظائف المرتبطة بالمعلومات، وستتولد صراعات اجتماعية نتيجة بعض الوظائف في مختلف القطاعات•

لقد بات واضحاً أن عجز الإنسان في التغلب على أية مشكلة يرجع إلى عدم توافر المعلومات الضرورية لمعالجة المشكلة وإيجاد الحلول على أسس علمية، وبما أن المعلومات على هذا الجانب الكبير من الأهمية فلا بد من العمل على جمعها وتنظيمها وتبويبها وتسهيل مهمة استرجاعها لمعالجة المشكلات العلمية والصناعية والزراعية، وقد أصبحت التقنية اليوم من ضروريات إقامة نظم المعلومات الحديثة الهادفة إلى تخزين المعلومات بشكل منظم ثم استرجاعها عند الحاجة.

فالتقنية جزء لايتجزأ من خدمات المعلومات الحديثة وإقامة نظمها لتحقيق أهداف عديدة منها:
1ـ ايصال المعلومات للباحثين وفقاً لحاجاتهم الموضوعية ومشكلاتهم العلمية لوضع الحلول المناسبة لها.
2ـ توفير المعلومات للمواطنين لرفع مستوياتهم الثقافية والمهنية والعلمية ومن ثم خلق مجتمع أفضل متطور على الأصعدة والمستويات جميعها.
3ـ تأمين قنوات في المجتمع بهدف توصيلها للباحثين لدراستها ونقدها وتنميتها لإبداع معلومات جديدة قد تفتح آفاقاً جديدة في سبيل الرقي والتقدم.

خصائص المجتمع المعلومات:

يمكن القول إن مجتمع المعلومات هو البديل (للمجتمع الصناعي) بعد أن حصلت التطورات الهائلة في حجم المعلومات ونوعيتها وأصبحت تغطي مختلف مجالات الحياة للإفادة منها في التحديث وبرامج التنمية وتطور المجتمع، ثم حصلت القفزة الكبرى في ظهور التكنولوجيا المتقدمة لمختلف أنواع الحواسيب للتحكم في المعلومات وتجميعها وتخزينها ومعالجتها واسترجاعها واستخدامها،  ودخلت تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات الإنتاجية والخدمية ومنظمات الأعمال لاستثمار هذه التكنولوجيا في إنجاز مهامها ونشاطاتها وزيادة الإنتاج، ثم حصل التزاوج بين تكنولوجيا الحواسيب والاتصالات الحديثة وأدى إلى ظهور مجتمع المعلومات المعاصر الذي يمكن إجمال أهم خصائصه بالآتي:


1- انفجار المعلومات:
أصبحت المجتمعات المعاصرة ومؤسساتها العلمية والثقافية والإنتاجية تواجه تدفقاً هائلاً في المعلومات التي أخذت تنمو بمعدلات كبيرة نتيجة للتطورات العلمية والتقنية الحديثة وظهور التخصصات الجديدة، وتحول إنتاج المعلومات إلى صناعة، وتتخذ هذه المشكلة في تفجر المعلومات مظاهر عديدة وهي:

أ ـ النمو الكبير في حجم النتاج الفكري:
فهناك من يرى أن معدل النمو السنوي للنتاج الفكري كان يتراوح بين 4-8%، وأصبحت كمية المعلومات تتضاعف كل اثنتي عشرة سنة، فلو أخذنا على سبيل المثال شكلاً من أشكال النثر كالدوريات فسنجد تطوراً كبيراً في حجم النتاج الفكري، فبعد أن كان يبلغ حوالى مئة دورية عام 0081، أصبح يزيد على 07 ألف دورية في عقد الثمانينيات وتشير الإحصائيات أيضاً إلى أن النتاج الفكري السنوي مقدراً بعدد الوثائق المنشورة يصل مابين 21-41 مليون وثيقة، ويبلغ رصيد الدوريات على المستوى الدولي مايقارب من مليون دورية يضاف لها مايقارب 51 ألف دورية جديدة في كل عام، أما الكتب فقد بلغ الإنتاج الدولي منها حوالى 006 ألف كتاب(1).

ب ـ تشتت النتاج الفكري:
كان للتخصصات العلمية في مختلف الموضوعات والتداخل في صنوف المعرفة أثره في ظهور فروع جديدة مثل الهندسة الطبية، والكيمياء الحيوية وموضوعات أخرى ضيقة ودقيقة• وكلما زاد الباحثون تخصصاً وتضخم حجم النتاج الفكري قلت فعالية الدوريات التي تغطي قطاعات عريضة، ومن ثم يكون من الصعب متابعة كل النتاج الفكري والإحاطة به من قبل الباحثين والدارسين•

ج ـ تنوع مصادر المعلومات وتعدد أشكالها
تتنوع مصادر المعلومات المنثورة وتتعدد لغاتها أيضاً، فبالإضافة إلى الكتب والدوريات والرسائل الجامعية والتقارير العلمية وبراءات الاختراع والمعايير الموحدة والمواصفات القياسية، هناك المصغرات والمواد السمعية والبصرية وأوعية المعلومات الإلكترونية كالأقراص المتراصة (CD-ROM) والوسائط المتعددة (Multi-Media) والأوعية الفائقة أو الهيبرميديا (Hypermedia) وسواها.


2- زيادة أهمية المعلومات كمورد حيوي إستراتيجي:

لايمكن الاستغناء عن المعلومات في حياة الأفراد والجماعات في مختلف النشاطات التي يمارسها الإنسان، فقد حلت محل الأرض والعمالة ورأس المال والمواد الخام والطاقة، وأصبحت لها أهميتها في الاقتصاد القومي ومجالات وخطط التنمية الوطنية والقومية واتخاذ القرارات وحل المشكلات.


3- نمو المجتمعات والمنظمات المعتمدة على المعلومات:

تزايدت المؤسسات والمنظمات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على المعلومات واستثمارها بالشكل الأمثل في معالجة نشاطاتها وأعمالها، كما هو الحال في المؤسسات الصحفية والإعلامية والبنوك وشركات التأمين والمؤسسات الحكومية الأخرى وأخذت تعتمد على استخدام نظم معلومات حديثة لغرض التحكم في معالجة المعلومات وتحقيق الدقة والسرعة في إنجاز أعمالها ونشاطاتها، وكذلك تحسين ورفع كفاءة إنتاجها.


4- بزوغ تكنولوجيا المعلومات والنظم المتطورة:

حصلت تطورات كبيرة خلال الآونة الأخيرة في تكنولوجيا المعلومات، فبعد أن كانت التقنيات المتاحة لتخزين وإرسال وعرض المعلومات تتمثل بالصور الفوتوغرافية والأفلام والمذياع والتلفاز والهاتف أصبحت في الوقت الحاضر تعتمد اعتماداً كبيراً على الحواسيب بأنواعها المختلفة في اختزان ومعالجة المعلومات واستخدامها وتقديمها للمستفيدين
وقد بدأت بالظهور نظم معالجة المعلومات البشرية والآلية التي تعتمد على الإنسان والآلة، وتم التوصل إلى نظم الخبرة والمعرفة للاستخدام الأرقى في حل المعضلات واتخاذ القرارات
وقد تنامى الاعتماد على استخدام الحواسيب في مجالات التجارة والصناعة وتبادل المعلومات واستمر التقدم في تكنولوجيا الاتصالات، مما أدى إلى ظهور خدمات عديدة لنقل المعلومات مثل البريد الإلكتروني وخدمات التليتكست والفيديوتكس والمؤتمرات من بعد، ثم ظهرت التطورات المذهلة في الشبكات ومنها شبكة الإنترنيت التي تخطت الحواجز الإقليمية والمحلية وجعلت العالم قرية كونية صغيرة.


5- تعدد فئات المستفيدين

يتميز مجتمع المعلومات بوجود فئات متعددة تتعامل مع المعلومات والإفادة منها في خططها وبرامجها وبحوثها ودراساتها وأنشطتها المختلفة وفقاً لتخصصاتها ومستوياتها وطبيعة أعمالها، وهناك فئة صغيرة تضم العلماء والفنانين والمصممين ممن يعملون على خلق وإنتاج المعلومات، وفئة تعمل في إيصال المعلومات وتضم العاملين في البريد والهاتف والصحفيين والإعلاميين، وهناك فئة المهنيين كالمحامين والأطباء والمهندسين، وهناك الفئة العاملة في تخزين المعلومات واسترجاعها وفئة الطلبة، وفئة المديرين من أصحاب الخبرات الذين يعملون في القضايا المالية والتخطيطية والتسويقية والإدارية.


6- تنامي النشر الإلكتروني:

يعرف النشر الإلكتروني بأنه إنتاج المعلومات ونقلها بوساطة الحواسيب والاتصالات من بعد من المؤلف أو الناشر إلي المستفيد النهائي مباشرة أو من خلال شبكة اتصالات، وكذلك يقصد بالنشر الإلكتروني أو مصادر المعلومات الإلكترونية مصادر المعلومات الورقية وغير الورقية كمخزون إلكتروني على وسائط ممغنطة أو مليزرة، أو تلك الوسائط غير الورقية والمخزونة أيضاً إلكترونياً حال إنتاجها من قبل مصدريها أو ناشريها (مؤلفين وناشرين) في ملفات قواعد بيانات متاحة عن طريق الاتصال المباشر أو عن طريق نظام الأقراص المتراصة.

وقد ساعد النشر الإلكتروني على تحقيق الفوائد الآتية للمكتبات ومراكز المعلومات:

1ـ سرعة الحصول على المعلومات والوصول إليها، لأنه قلل من المدة بين إنتاج المعلومات وظهورها بشكل نشر إلكتروني
2 ـ المحافظة على المعلومات من عوامل التلف والفناء التي تعاني منها المطبوعات الورقية
3ـ التغلب على مشكلة الحيز الذي تعاني منها المكتبات ومراكز المعلومات نتيجة لتراكم المصادر الورقية فيها
4ـ انخفاض تكلفة الحصول على المعلومات مقارنة بالنشر الورقي الذي يعاني بشكل كبير من ارتفاع سعر الورق وكلفة الأيدي العاملة ومعدات الطباعة ومستلزماتها
5ـ توفير الكلفة الكبيرة التي تحتاج إليها العمليات الفنية في المكتبات ومراكز المعلومات كالتزويد والفهرسة والتصنيف والتجليد والصيانة والتعشيب وسواها

وقد تزايدت كميات المعلومات المنتجة على أوعية غير ورقية كالأشرطة والأقراص الممغنطة وأسطوانات الفيديو والأقراص الضوئية، ويتنبأ الكثيرون أن المكتبات ومراكز المعلومات سوف تصبح مستقبلاً مكتبات إلكترونية، فمكتبة المستقبل سوف تعمل على اختزان الفهارس والكشافات والمستخلصات ونصوص المراجع والدوريات كاملة بأوعية إلكترونية مما يسهم في التخلص من أميال من الرفوف المخصصة للمطبوعات والملفات التقليدية، وستشهد السنوات القادمة نمواً في حجم المنشورات الإلكترونية واستخدامها بالنسبة للكتب المرجعية والكشافات والمستخلصات خاصة، وانتفاعاً أكثر بإمكانات تكنولوجيا النصوص الفائقة والوسائط المتعددة، وأن المستقبل سيكون لمصادر المعلومات الإلكترونية خلال السنوات القادمة مع بقاء مصادر المعلومات الورقية والسمعية البصرية والمصغرات ولكن باستخدام أكثر محدودية.


7• تقلص سلطات المدير

نظراً لتنامي حجم تكنولوجيا المعلومات واستخدامها في المكتبات ومراكز المعلومات فإن المسؤوليات وسلطات المدراء والعاملين سوق تتقلص ولن يحتفظ المديرون أو المشرفون على هذه المؤسسات بالسلطات التي يفترض أن تتاح لهم فيما يتعلق بتخصيص الموارد وتقرير خدمات جديدة للعاملين وغيرها من المحددات والتأثيرات التي تنعكس على إدارة هذه المؤسسات.


8- ظهور التوقعات المتغيرة لمستخدمي المعلومات
وفرت تقنيات المعلومات والاتصالات تسهيلات علمية وفنية وغزارة في كمية المعلومات المقدمة للمستفيدين• وأصبح بإمكان المستفيد التحاور مع نظام المعلومات واستخدام مايناسبه بالشكل والصيغة التي يحتاجها من الخدمات والبرامج الثقافية والعلمية فضلاً عن البرامج التعليمية والتدريبية الخاصة به لجعله أكثر معرفة بنظم وبرامج المكتبة وخدماتها الجديدة التي تناسب اهتماماته ومجالات عمله.
وأصبح العديد من مستخدمي المعلومات يعتمدون على خدمات المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات التي تتواجد في منظماتهم وبيئاتهم لأنها تلبي طلباتهم واحتياجاتهم كوسائط للحصول على المعلومات التي يرغبون في الحصول عليها ولم تقتصر هذه الظاهرة على مستخدمي المكتبات ومراكز المعلومات في المكتبات الكبيرة والمتخصصة، بل امتدت إلي غيرها من المكتبات العامة و المدرسية، وأصبحنا نشاهد فئات متعددة من الشباب والعمال والموظفين والطلبة تستخدم هذه المكتبات لإعداد التقارير والمذكرات والبحوث والدراسات في مختلف الموضوعات التي يرغبون في الكتابة عنها.


9- تزايد حجم القوى في قطاع المعلومات

أصبحت القوى العاملة في قطاع المعلومات في بعض الدول المتقدمة تنمو بشكل سريع فعلى سبيل المثال كان هناك 71% ممن يعملون في المهن المعلوماتية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 0591، أما الآن فقد ارتفعت نسبهم إلى أكثر من 06% (مبرمجون، أساتذة، محررون، محاسبون، مصرفيون، أمناء مكتبات) ومن منتصف السبعينات كانت معظم القوى العاملة مرتبطة بمعالجة المعلومات وتجهيزها، وعدد الذين يعملون في تطويع المعلومات أكثر من العدد الذي يعمل في التعدين والزراعة والصناعة والخدمات الشخصية مجتمعة كما يذهب إلى ذلك كبير الاقتصاديين في الوكالة الأمريكية لحماية البيئة وهو روبرت هامرين، في حين يشير العالم ستراسمان إلى أن أكثر من 36% من أيام العمل الفعلية كلها في الاقتصاد الأمريكي عام 2891 كانت مرسخة لعمل المعلومات، وأن متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية المقدمة من قبل العاملين في حقل المعلومات أكبر بنسبة 01-02% من فئات المهن الأخرى، وأن عدد ساعات العمل في المعلوماتية تصل إلى 07% من عدد الساعات الكلية المسجلة وأن هناك على الأقل 76% من تكاليف العمل تستهلك في عمل المعلومات(1).
وتمثل اليابان مثالاً جوهرياً على استثمار المعلومات وكثرة تطبيقاتها ونشرها بين أبناء المجتمع، وكانت معجزة في الرقي والتقدم من خلال إقامة نظام معلوماتها المعروف "بمجتمع المعلومات" وتعد اليابان من الدول الرائدة بالنسبةلاقتصاديات المعلومات لأن قوة العمل المعلوماتية قد نمت بمعدل سريع خلال السبعينيات والثمانينيات وليست ثورة الروبورت، والأتمتة، ومنافسة الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوربية في صناعات معلوماتية كأشباه الموصلات والحواسيب والاتصالات إلا إحدى علامات هذا العصر المعلوماتي الجديد

وقد نما إجمالي الناتج القومي (GNP) بمتوسط معدل سنوي 3،01% بين عامي 2691، 7791، وفي عام 7991 كان إجمالي الناتج القومي الياباني ثاني أكبر إجمالي في العالم، أي بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وطبقاً لتقديرات البنك الدولي لعام 5891 فقد كان إجمالي الناتج القومي لكل فرد (003011) دولار أمريكي وفق متوسط أسعار عامي 3891ـ5891 وهذا المستوى يقارن بمستويات الدول الصناعية في غرب أوربا(2)،
وقد كانت الخدمات تشكل في مطلع الثمانينيات في اليابان 33% من الاقتصاد، ويقدر لها أن ترتفع في مطلع القرن المقبل إلى 05% كما يتوقع أن يكون كل واحد من اثنين من الموظفين عاملاً في الخدمات، ومثل هذا الاهتمام بنظم المعلومات وتقنيات المعلومات في هذا البلد يشير إلى مدى رقي ذلك النظام تقنياً ومهنياً وثرائه العلمي المتمثل بملايين مصادر المعلومات التي تخزن فيه كل عام، واستثمار ذلك لخدمة المجتمع وحركة البحث العلمي ودعم الموسسات الوطنية وصناعاتها.

ومن خلال ذلك يتضح تغيير تركيبة المجتمع في عصر المعلومات، إذ يشهد المجتمع مابعد الصناعي في الدول الغربية المتقدمة والباحثون أن ذلك سيؤدي إلى تغيير في التركيب الاجتماعي نفسه، فيصبح هناك أصحاب الغنى في المعلومات، وأصحاب الفقر في المعلومات، والمستويات الاجتماعية الدنيا هي التي لا تملك المهارات الضرورية للتعامل مع التكنولوجيا الجديدة.


10- الاغتراب والتحديث في مجتمع المعلومات:
يرى العديد من الباحثين أن انتشار تطبيق تكنولوجيا المعلومات سيؤدي إلى اغتراب الإنسان في مجتمع المعلومات وعزوفه عن المشاركة الإيجابية في المجتمع• وقد يصل الأمر إلي التعبير عن ذلك بالرفض الأيجابي الظاهر أو السلبي الصامت• وتتجدد شواهد هذا الاغتراب في فقدان الثقة بالنفس والقلق على تعطل خبرات الإنسان لأن الحواسيب قد حولت العديد من الموظفين والعاملين إلى مجرد ضاغطين على الأزراز وبالتالي أصبح رصيد الخبرات المكتبية لهم بلا قيمة أمام هذا التحدي الجديد القادم.
ويقابل هذه الظاهرة ظاهرة أخرى هي التحديث من خلال ظهور الشخصيات والجماعات التي تقبل التغيير والتحديث اعتماداً على التوسع في الاتصالات الإنسانية سواء عن طريق الانتقال أو السفر أو عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، وإن عملية التحديث هذه يمكن أن تتم في المجتمعات المتنامية والتقليدية، مع اهتمام هذه المجتمعات بالتعليم العصري، وتحمل وسائل الإعلام ومؤسسات المعلومات مسؤوليتها في تحريض أكثر عدد من أبناء المجتمع التقليدي للالتحام المباشر مع الجديد، ومن ثم إتاحة الفرصة الإيجابية للاستمتاع بإنجاز مجتمع المعلومات.


11• الأبعاد الجديدة للخصوصية:
أضافت التكنولوجيا الجديدة أبعاداً جديدة للخصوصية تتعلق باختزان واسترجاع المعلومات عن الناس وإمكانيات الوصول لهذه المعلومات عن طريق شبكات الاتصال• وبذلك فإن مقدرة الحواسيب على إنشاء وتطويع بنوك المعلومات الضخمة من شأنه أن يجعل خصوصية الأفراد في معلوماتهم الشخصية محفوفة بالخطر على الرغم من التشريعات أو الهيئات المراقبة.


21• فوضى الاتصال وتهديد السيادة الوطنية من خلال السيطرة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتحكم في مستوى الاتصال.

 

أبعاد المجتمع المعلوماتي:

 

يمكن تلخيص أبعاد مجتمع المعلومات بالنقاط الآتية:
أـ إن مجتمع المعلومات هو حقيقة اقتصادية وليس تجريداً فكرياً، وهذا يعني إمكانية قياس اقتصاديات المعلومات بصورة واضحة مثل أي نتاج محسوس.


ب ـ إن الابتكارات الجديدة في حقل الاتصالات وتكنولوجيا الحواسيب هي التي تعكس قنوات الاتصال بين أفراد المجتمع في المستقبل، وسوف تؤدي إلى تنامي سرعة التحول عن طريق انهيار مايسميه >تسبيت< عوامة المعلومات التي تعرف بأنها الوقت الذي تستغرقه المعلومات في قناة الاتصال.


ج ـ إن التطور التكنولوجي يمر بثلاث مراحل تحقق هضمه واستيعابه وهي:
أولاً: إن التكنولوجيا الجديدة تتبع خط المقاومة الدنيا•
ثانياً: يجري استخدام التكنولوجي لتحصيل تكنولوجيا سابقة•
ثالثاً: تبدأ اتجاهات واستخدامات جديدة بالظهور نتيجة للتكنولوجيا•


د ـ إن النظام التربوي القائم يخرج أجيالاً متدنية في مستوياتها التعليمية في الوقت الذي يتطلب المجتمع الآن تركيزاً على المعرفة والخبرة واكتساب المهارات•

ويرى العديد من الباحثين أن هذه الثورة التقنية المعلوماتية ماهي في جوهرها إلا ثورة تربوية بالدرجة الأساس ذلك لأنه مع بروز المعرفة تصبح تنمية الموارد البشرية هي العامل الحاسم في تحديد وزن الدول والمجتمعات المعاصرة والمستقبلية، ومن ثم أصبحت التربية هي المشكلة وهي الحل، لأن الفشل في إعداد القوى البشرية القادرة على مسايرة مقومات التغيير في عصر المعلومات ومواجهة التحديات المتوقعة سيؤدي إلى فشل جهود التنمية حتى لو توافرت الموارد الطبيعية والمادية.
فوظيفة التربية لدى أصحاب النظرة الثورية هي تنشئة الأفراد على درجة من الوعي والقدرة والكفاءة في تغيير واقع المجتمع والتصدي لسلبياته من أجل الوصول إلى حياة أفضل، وخير مثال على ذلك اليابان التي أعلنت في عام 6791 عن خطتها التجديدية الشاملة للوصول إلى المعلومات عام 0002 وركيزتها في ذلك النظام التعليمي•
هـ ـ إن تكنولوجيا العصر المعلوماتي ليست قطاعاً يبحث في المطلق، أي ليس معزولاً عن تأثيرات قطاعات أخرى بل أن نجاحها أو فشلها مرتبطان بطريقة استجابتنا لها، وسواء أكان أحدنا يعمل في مجال يتطلب الحاسوب أم لا فإن عليه استيعاب هذه التقنية العامة لها في ظل التطور العلمي والتقني الذي تشهده حياتنا المعاصرة•

إن المجتمع مابعد الصناعي ومجتمع المعلومات المعاصر هو الذي يعتمد في تطوره بشكل رئيس على المعلومات والحواسيب وشبكات الاتصال المختلفة، وسيتحول الاقتصاد العالمي المبني على الطاقة والمادة إلى اقتصاد يعتمد على المعلومات والمعرفة وأن هذا القطاع يشمل المهن والوظائف التي يقوم أصحابها بإنتاج أو خلق أو تجهير أو معالجة وتوزيع وبث المعلومات كما يرى العالم ماكلوب، خمسة أقسام رئيسة لصناعة المعرفة وهي (التعليم، البحوث والتنمية، وسائل الإعلام والاتصال، آلات المعلومات، خدمات المعلومات)، فضلاً عن ذلك فإن التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات الجديدة التي تعتمد على الإلكترونيات الدقيقة والموجهة نجو الربط بين مختلف الحواسيب والاتصالات سيؤدي إلي التسريع في تطور اقتصاديات المعلومات، وسيظل قطاع المعلومات هو البارز في المجتمعات الصناعية المتقدمة، وستبقى هذه الدول هي المتحكمة في صناعة المعلومات وتشغيلها واختزانها واسترجاعها وبثها للمستفيدين، وتحقيق الاستثمار الأمثل لها بعد أن أصبحت صناعة المعلومات صناعة قائمة بذاتها في مثل هذه الدول، فهي صناعة الـ 52 بليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية في السبعينيات، والخمسين بليوناً في العقود التالية، وبذلك ستزداد الهوة بين إمكانات الدول النامية والدول الصناعية في إنتاج المعلومات ونشرها لفقر الدولة النامية بالمعلومات، وضعف البنى الوطنية للمعلومات، وافتقارها إلى الطاقات البشرية المؤهلة في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة، وعدم وجود نظم معلومات وطنية وقومية كفؤة وفعالة تحقق الإفادة القصوى من هذه الثروة الحيوية واستثمارها لصالح التطور الحضاري والتنمية الشاملة في هذه البلدان.

المصادر:
1ـ بدر، أحمد أنور• علم المعلومات والمكتبات: دراسة في النظرية والارتباطات الموضوعية •ـ القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع 6991• من 09-19•
2ـ بطرس، أنطوان المعلوماتية على مشارف القرن الحادي والعشرين •ـ بيروت: مكتبة لبنان، 8791•
3ـ السامرائي، إيمان فاضل• مصادر المعلوماتية الإلكترونية وتأثيرها على المكتبات •ـ /المجلة العربية للمعلومات/ مج 41، ع1 (3991)•
4ـ مكاوي، حسن عماد • تكنولوجيا الاتصال الحديثة في عصر المعلومات •ـ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 7991•
5ـ الصباغ، عماد عبد الوهاب • علم المعلومات •ـ عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 8991•
6ـ همشري، عمر أحمد• ربحي مصطفى عليان • المرجع في علم المكتبات والمعلومات •ـ عمان: دار الشروق، 7991•
7ـ عبد الهادي، محمد فتحي • المكتبات والمعلومات: دراسات في الإعداد المهني والببليوغرافيا والمعلومات •ـ ط3• مزيدة ومنقحة •ـ القاهرة مكتبة الدار العربية للكتاب، 8991•
8ـ عبد الهادي، محمد فتحي • المكتبات والمعلومات العربية بين الواقع والمستقبل •ـ القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب، 8991•
9ـ الهادي، محمد محمد • تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها في مراكز المعلومات والتوثيق والمكتبات •ـ /مجلة المكتبات والمعلومات العربية/ ع3 (يونيو8991) •ـ ص92-95•
01ـ الهادي، محمد محمد • نحو توظيف تكنولوجيا المعلومات لتطوير التعليم في مصر •ـ القاهرة: المكتبة الأكاديمية، 5991•
11ـ متولي، ناريمان إسماعيل • اقتصاديات المعلومات: دراسة للأسس النظرية وتطبيقاتها العملية على مصر وبعض الدول الأخرى •ـ القاهرة المكتبة الأكاديمية• 5991•
21ـ عزيز، يونس • التقنية وإدارة المعلومات •ـ بنغازي: جامعة قاريونس، 4991

papersproducts

إيفا لايف

  • Currently 467/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
146 تصويتات / 20209 مشاهدة

ساحة النقاش

شركة إيفا لايف

papersproducts
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

475,584